«فادى» نال الشهادة فى معهد ناصر بعد قطع قدمه أمام مارجرجس.. كان مبتسماً طوال الوقت
أهالى الشهيد فادى رمسيس فى انتظار وصول جثمانه
على بعد خطوات قليلة من كنيسة مارجرجس بطنطا، يسكن فادى رمسيس جرجس (21 عاماً).. ومثل كل يوم أحد، نزل من بيته متوجهاً إلى الكنيسة، ليشارك الشماسين فى الترانيم، قبل الذهاب إلى الجامعة، لكن قوة انفجار الحزام الناسف قطعت أوتار رجله اليمنى، وأفرغت جسده من الدماء، وحولته إلى مجرد رقم فى عداد الشهداء.
أديب: «قال لى ماتسبنيش يا عمى.. قلت له ماتخافش.. لكنه تركنا للأبد بعد ما دمه اتصفى»
مرتدياً نظارة طبية، وزياً أنيقاً، كان فادى الطالب بالفرقة الرابعة بكلية العلوم بجامعة طنطا يظهر فى صوره الشخصية مع أفراد أسرته وأصدقائه، تعرض لصدمة قوية منذ عامين بعد وفاة أبيه بشكل مفاجئ إثر سكتة قلبية بعد عودته للمنزل مباشرة، اعتمد على نفسه وقاد دفة الأسرة بنجاح ودأب، وقسم وقته بين التعليم فى الجامعة والعمل فى مكتبة أدوات مدرسية، قبل أن يصاب بإصابة خطيرة فى رجله وينقل على أثرها إلى مستشفى المنشاوى الحكومى ومنه إلى معهد ناصر بالقاهرة، لكن المنية وافته هناك بعد منتصف الليل ولحق بمن سبقوه من زملائه الشهداء الذين تم دفنهم بعد الانفجار بنحو 12 ساعة.
يقول أديب جرجس عوض، عم فادى: «رحت له المستشفى امبارح ومسك فى إيدى وقال لى، ماتسبنيش يا عمى، قلت له ماتخافش يا حبيبى أنا مش هسيبك».
يتوقف الرجل الخمسينى عن الكلام بعد دخوله فى نوبة بكاء، لكنه تمالك نفسه قبل أن يقول «ابن أخويا كان مصاب بقطع أوتار رجله من فوق الركبة ونزف دم كتير، ولما راح مستشفى المنشاوى ماعملوش له حاجة، ولما نقلوه لمعهد ناصر فى القاهرة كان الوقت اتأخر والساعة بقت 5، وبصراحة استقبلونا هناك كويس وعملوا اللازم لكن الوقت كان اتأخر جداً، وعملوا عملية فى رجله، ولما جينا نسال عليه قالوا هو كويس ووجودكم هنا مش هيعمل حاجة هو هيبقى كويس، لكن أول ما وصلنا من القاهرة جالنا تليفون إنه توفى وأمه منهارة هناك ومش عارفة تتكلم».
يضيف «أديب» بنبرة منخفضة ممزوجة بالحزن: «أمه معاه من امبارح هى واخواته، عايشة فى حالة دمار، الله يكون فى عونها، لسه مافاقتش من وفاة أخويا من سنتين لما مات مرة واحدة، وفادى دا كان راجل البيت وولد هادى وطيب ومحترم الناس كلها كانت بتحبه، مفيش واحد اشتكى منه قبل كدا، كان محبوب من الجميع، كان خادم فى الكنيسة من صغره وكل يوم حد بيروح مع زمايله الشماسين عشان الترانيم، بين بيته وبين الكنيسة 50 متر».
يلتقط منه أطراف الحديث شقيقه إميل وعم الشهيد فادى رمسيس ويقول: «فيه واحد طلع من العمليات وقال لى ابنكم مش هيطلع عليه نهار، فادى مات ومعاه خطيب أخته مريم، شوف بقى حالة أخته عامله إزاى أخوها وخطيبها ماتوا فى نفس اللحظة، إحساس صعب وملىء بالغضب والحزن، ومفيش أى تعويض أو فلوس تقدر تعوضه».
ويقول فادى فايز، أحد زملاء «فادى» بكلية العلوم جامعة طنطا: «كل اللى ماتوا امبارح كانوا ناس طيبة ومحترمة، فادى كان شاب طيب، ومرح وخلوق ومبتسم طول الوقت، والتكشيرة عمرها ما عرفت وشه حتى فى أصعب المواقف، كان راجل وبيعتمد على نفسه وبيصرف على البيت عشان اخواته البنات وأمه لأنه كان وحيد أبوه، كان حلم حياته إنه يفتح معمل تحليل لما يتخرج، دكاترة فى الكلية كلمونى الصبح بيطمنوا عليه، قلت لهم البقاء لله، فادى مات». ويضيف صديقه «كيرلس»، صاحب الـ21 عاماً: «لحد دلوقتى مش مصدق إن فادى مات، دا كان أحسن واحد فينا، طيب ومؤدب وكل زمايله بيحبوه.