منطقة «على مبارك» بطنطا تتحول إلى سرادق عزاء كبير
وجود أمنى وأسر الضحايا بعد حادث انفجار كنيسة مارجرجس بطنطا
خيم الحزن على شوارع منطقة على مبارك، ارتدت السيدات جميعاً ملابس سوداء، وبعض البيوت أغلقت أبوابها، معلنة الحداد مشيرين إلى ما أطلقوا عليه «تعليمات كنسية وأمنية» بعدم الحديث عن الفجيعة التى ألمت بهم، حتى لا يثيروا مشاعر المصريين، يقولون إنهم كُتب عليهم ألم، وطُلب منهم أن يتحملوه فى صمت.
بخطوات بطيئة ومرهقة، يحتضنه أحد جيرانه، يمضى أحد أقارب شادى، 28 عاماً، والذى استشهد فى حادث تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا، يقول القريب الذى رفض ذكر اسمه، إنه عاش يوماً عصيباً، بعدما تم نقل شادى، الشاب الشماس إلى مستشفى طنطا الجامعى، وذلك بعدما أصيب بشظية بالقرب من الكلى، وشظية أخرى فى ذراعه اليسرى، أما الشظية الثالثة الأخيرة فكانت فى القلب والتى أودت بحياته، يقول: «حاولوا يعيدوا نبض قلبه بشحنات وبضغط على القلب، ولكن خلاص قدر ربنا».
بيت الشهيد قمص دانيال.. أخوه يبكى فى الشرفة ووالده يرفض الحديث: «ماعندناش حاجة نقولها»
يصف أحد أقارب المتوفى المشهد فى غرفة الموتى الخاصة بالمشرحة بأنها كانت فوضوية وكارثية، قائلاً: «الجثث كانت مترمية فوق بعض، من كتر أعداد الشهدا، والمشرحة التلاجة فيها كانت مش شغالة»، يؤكد أحد أقارب شادى، أنه حدثت اشتباكات لفظية بين الأمن وأهالى المتوفين، بعدما جاءت تعليمات بأن الصلاة على المتوفين ستكون فى الساعة 10 مساء، بينما كانت الجثامين جاهزة من الساعة السابعة مساءً على حد قوله، قائلاً: «قلنا لهم طيب ننقل الجثامين لحضن الكنيسة بدل ما هم متبهدلين رفضوا».
«أعداد الضحايا كانت هتتزايد، الصدفة أن زوجة أحد الآباء عانت من أزمة فى التنفس، فتوافد عليها الناس»، هذا ما يقوله أحد أفراد أسرة المتوفى شادى، بأن تلك الأزمة الصحية أنقذت أرواح عدد من الشباب والكهنة الموجودين داخل الكنيسة، حيث تحرك بعضهم نحو السيدة وتركوا الصفوف الأمامية التى حدث بها الانفجار. «الجثامين تم نقلها 6 توابيت وبعدها 6، وأثناء دخول التوابيت للكنيسة كانوا بيدخلوا واحد واحد»، موضحاً أن الأمن كان شدد فى تعليماته وتحركات الجثامين، خوفاً من حدوث فوضى أو تدافع، وحتى لا يصاب الأهالى بالهلع بعد دخول كافة التوابيت الكنيسة فى وقت واحد، ويضيف قريب شادى، أن كرسى البابا المثبت بالأسمنت والخرسانة دُمر، واقتُلع من مكانه، كما فوجئ بوجود الدماء على سقف الكنيسة والتى تتميز بعلو سقفها وارتفاعه لعدة أمتار، كما انتُزعت المقاعد فى الكنيسة التى كانت مصنوعة من مواد صلبة ومثبته فى الأرض.
ويضيف واصفاً مشاهد الضحايا والمصابين: «فيه جثتين شفتهم فى المشرحة ملهمش راس، منهم جثة ما كانوش قادرين يتعرفوا عليها النص التحتانى والراس مخلوعين»، يقطع حديثه قليلاً، بينما يمر عليه جيرانه يعزونه ويحتضنونه، يقول فى صمت عن فقيده شادى: «ربنا اختاره علشان يتم به عدد الشهدا».
شوارع متجاورة يعتصرها الحزن، وعلى بعد عدة أمتار، يقع بيت ضحية أخرى من ضحايا كنيسة مارجرجس، وهو رؤوف صليب، صاحب مكتبة صغيرة تقع أمام الكنيسة مباشرة، وفى شارع وصفى أحد الشوارع المتفرعة من شارع على مبارك الذى تقع فيه الكنيسة، يقع بيته الذى لا تزال سيارته «الفيات» الحمراء موديل 28 مركونة أمامه تقف جاراته فى الشرفات، يتحدثن عن بشاعة الحادثة، وما ألمّ بالضحايا من جروح قطعية، يبكون، يواسون بعضهم البعض، تقول مارتينا، إحدى جارات رؤوف صليب: «الأسرة كلها مش هنا بعد ما جالهم خبر الوفاة»، تحكى مارتينا أن جارها كان رجلاً هادئاً، واعتاد الصلاة فى كنيسة مارجرجس والتى تقع مباشرة أمام محل عمله، وأنه قام بإغلاق المكتبة خصيصاً للذهاب للصلاة، واهتم بأن يجلس فى الصفوف الأولى لحضور الصلاة، وجاء حظه بأن الانفجار أودى بحياة الجالسين فى الصفوف الأولى.