انتخابات الرئاسة الإيرانية: «المرشد» يفوز.. ونهاية عهد «الرئيس القوى»
أياً كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وأياً كان الفائز بأكبر عدد من الأصوات فى الجولة الأولى أو فى جولة الإعادة، فالفائز الأول من هذه الانتخابات، هو على خامنئى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.
هناك إجماع شبه كامل من الصحف ووسائل الإعلام العالمية، على أن الرئيس «أحمدى نجاد» كان آخر رئيس قوى ستشهده إيران فى هذه الفترة. لن يعلو صوت مجدداً على صوت المرشد، ولن يُسمح حتى بوجود رئيس له حضور وشخصية قوية، حتى إن كان محسوباً على المرشد كما كان «نجاد». كل المرشحين للرئاسة الإيرانية شخصيات ليس لها حضور طاغٍ، ولا جاذبية سياسية كاسحة مثل الرئيس السابق محمد خاتمى، ولا ثقل سياسى مثل «رافسنجانى»، أو أداء مؤثر كالذى تميّز به «نجاد»، بل إن ميزة كل واحد فيهم، لا تزيد على مدى قربه من المرشد ورضاه عنه.
التحليلات الإخبارية العالمية تقول إن الانتخابات الرئاسية الإيرانية لا تحمل الجديد للمواطن الإيرانى ولا للمجتمع الدولى بل إن المرشد الأعلى «خامنئى» حاول هذه المرة فرض هيمنته حتى لا يتكرر ما حدث فى الانتخابات الماضية فى عام 2009 حينما خرجت مظاهرات رافضة لنتيجة الانتخابات.
وتقول شبكة «إيه بى سى نيوز» الأمريكية، إن الولايات المتحدة لا تهتم كثيراً بمن سيفوز فى الانتخابات الإيرانية، لأنه لا شىء سيتغير، والأمر أشبه بلعبة «ميكى ماوس» ما دام هناك من يتحكم فى كل شىء بيده فى انتخابات زُوّرت بالفعل عبر المرشد الأعلى للثورة «خامنئى».
وذكرت أن «خامنئى» من بين أكثر من 600 مرشح اختار بعناية أولئك الأشخاص الذين لا يملكون شعبية أو أولئك الإصلاحيين الذين استطاعوا تحريك المظاهرات ضده فى الانتخابات الرئاسية الماضية، وكل الإيرانيين يعوون جيداً أن الانتخابات هى مسرح سياسى وعبثى.[FirstQuote]
وأوضحت أن الانتخابات الرئاسية لن تقدم جديداً، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بالسعى الإيرانى لامتلاك القنبلة النووية أو دعم النظام السورى ومحاولة نشر العلامة التجارية لحكم الآيات الشيعية فى شتى أنحاء الشرق الأوسط.
وترى صحيفة «جارديان» البريطانية، أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية هذه المرة هى الأكثر أهمية وأمل الشعب الإيرانى، من حيث وجود مرشح قوى هو «حسن روحانى» الذى يمكن وصفه بالحصان الأسود بعد انسحاب «محمد رضا عارف»، المرشح الإصلاحى الآخر، حتى لا يحدث انقسام وسط الإصلاحيين واحتشاد كل من «أكبر هاشمى رافسنجانى» الرئيس الأسبق والمرشح المستبعد، والرئيس السابق «محمد خاتمى» زعيم حركة الإصلاح.
وتضيف الصحيفة، أنه لا بد من تركيز جهود الإصلاحيين على عملية التصويت، فالأمر حسب خبراء فى يد الإيرانيين إذا ما أقبلوا على عملية التصويت، فإن الإصلاحيين سينجحون فى ظل شعورهم بعدم قيمة الانتخابات، أو أنها مزوّرة بسبب ما حدث فى انتخابات 2009 وغياب الرقابة الدولية.
من جهته يقول «جهاد الرنتيسى»، الخبير الأردنى فى الشئون الإيرانية، إن الانتخابات الإيرانية لن تحمل الجديد للمواطن الإيرانى ولا للمجتمع الدولى، إلا أن الانتخابات سيكون لها إفرازات مهمة.
وأضاف فى اتصال أجرته معه «الوطن»، أن «مأزق النظام الإيرانى القائم على ولاية الفقيه بات على المحك أكثر من أى وقت مضى، وأن موقع المرشد الأعلى يواجه مأزق الحفاظ على هيبته فى ظل تفاقم صراع أجنحة النظام».
واستطرد قائلاً: إن نظام الولى الفقيه يواجه صعوبة فى الاستمرار والبقاء مع تآكل النموذج الذى تكرّس خلال عقود ما بعد استيلاء الملالى على الثورة، مشيراً إلى أن صراعات أجنحة النظام الإيرانى تلعب الدور الأكبر فى هذا التآكل، وتطرّق فى هذا السياق إلى استبعاد عدد من المرشحين الذين كانوا على علاقات قوية مع المرشد الأعلى، وبينهم من كان له الفضل الأكبر فى وصول على خامنئى إلى هذا الموقع.[SecondQuote]
وأوضح «الرنتيسى» أن الانتخابات المقبلة تأتى بعد انتخابات مشبوهة ومشكوك فى نتائجها؛ حيث لاحقت الرئيس الإيرانى الحالى والمنتهية ولايته «محمود أحمدى نجاد» تهم تزوير للانتخابات التى أجريت فى عام 2009.
وحول نتائج هذه الانتخابات وتأثيرها على السياسة الخارجية الإيرانية يرى «الرنتيسى»، أن فوز أىٍّ من المرشحين الحاليين، وأياً كانت النتيجة، فلن يؤثر على السياسة الخارجية الإيرانية.
وأضاف أن المرشد الأعلى رغم مأزقه فإنه ما زال يمسك بزمام الأمور، ولا يوجد من بين المرشحين الحاليين من لديه شخصية مؤثرة مثل «نجاد» أو «هاشمى رافسنجانى» الرئيس الأسبق، وجميعهم سيكون هامش الحركة بالنسبة إليهم ضئيلاً، مشيراً إلى أن المرشد لم يعد لديه القدرة على التعامل مع رؤساء يستطيعون التململ، وإن كان تحت ظلاله.
وأشار إلى أن المجتمع الدولى لا يعوّل كثيراً ولا يهتم بهذه الانتخابات وغير متحمس لها، فكل النتائج تشير إلى أن مخرجاتها لن تؤثر فى ملفات الخلاف الإيرانى مع المجتمع الدولى.
وفيما يتعلق بملامح الحرب السنية - الشيعية التى ترتسم فى منطقة الشرق الأوسط، قال «الرنتيسى»: «توجد قوة دفع، خصوصاً من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لإشعال حرب سنية - شيعية».
وعن الدور الإيرانى فى هذه الحرب، قال: إن إيران تلعب دوراً أساسياً فى هذا الحدث؛ مشيراً إلى قدرة إيران على توظيف بؤر التوتر فى المنطقة لتعزيز موقفها فى الخلاف النووى مع الغرب، مثلما حدث سابقاً فى غزة ولبنان والعراق، مشيراً إلى الضغوطات التى ما زالت طهران تمارسها على الحكومة العراقية لقمع اللاجئين الإيرانيين الذين ينتمون إلى منظمة «مجاهدى خلق» المعارضة.
وأكد «الرنتيسى» أن المرشد هو محور الانتخابات، وهو الذى يرسم كل شىء فى الدولة، وهى نفسها التجربة التى عملت أنظمة الإخوان على نقلها إلى البلدان التى وصلت فيها إلى الحكم فى مصر وتونس.
وشدد على أن النقل جاء مشوهاً ولم يأخذ فى الاعتبار الأزمات والإخفاقات التى ظهرت فى تجارب حكم الإسلام السياسى التى وصلت إلى السلطة بعد استيلاء ملالى إيران على الثورة الإيرانية وإقصائهم لشركائهم.