مستثمرون: تأخر إقرار «النواب» للقانون يُعطل دخول استثمارات بالمليارات
محرم هلال وعلاء السقطى
أجمع مستثمرون على أن تأخر إصدار مشروع قانون الاستثمار الجديد لا يخدم الاقتصاد ويضر بمناخ الاستثمار فى مصر، وأن تأخر موافقة مجلس النواب على القانون الجديد أصاب المستثمرين بالملل من طول الانتظار، مؤكدين أن هناك اهتماماً من قبَل رئاسة الجمهورية بقانون الاستثمار، متوقعين سرعة إقراره خلال أسابيع على أقصى تقدير.
قال محرم هلال، نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن تأخر إقرار قانون الاستثمار أمر يدعو للأسف فى ظل المحاولات والجهود المضنية التى يبذلها الرئيس عبدالفتاح السيسى من أجل تحويل مصر إلى قبلة الاستثمار فى المنطقة العربية.
«جنيدى»: المستثمرون ملوا من الانتظار.. و«المصرى»: شركات رهنت دخولها السوق بصدوره.. و«السقطى»: أتوقع إقراره خلال أسابيع
وأكد «هلال» لـ«الوطن» أن أهم العقبات التى يواجهها المستثمر فى الوقت الحالى، فى ظل غياب القانون الجديد، هى ندرة الأراضى الصناعية المرفّقة بالأسعار المناسبة التى تجذب المستثمر وتشجعه على ضخ استثماراته فى مصر، معتبراً أن تلك القضية تمثل حجر الزاوية لجذب المستثمرين، فى ظل ما تتمتع به من حجم السوق الكبير مقارنة بأسواق أخرى، حيث يصل عدد المستهلكين إلى نحو 100 مليون.
وتابع أن المستثمر الأجنبى عندما يجد أن السوق المصرية بمثل هذا الحجم ويبدأ فى ضخ الاستثمار، يصطدم على أرض الواقع ويواجه أزمات وعقبات ومشاكل لا تُعد ولا تُحصى، وتابع «هلال» أن العقبة الثانية التى تواجه المستثمرين فى مصر هى عدم توافر منظومة استثمارية تشريعية واضحة وشاملة تهيّئ المناخ العام للاستثمار فى مصر وتحل أزماتهم مع الحكومة فى حالة نشوب نزاعات استثمارية. وحول قانون الاستثمار أكد «هلال» أن مشروع قانون الاستثمار الجديد جيد، ويشير إلى اهتمام الدولة بالاستثمار بشكل عام والاستثمار الصناعى بشكل خاص، لكن يبقى حتى الآن مجرد «دوسيه من الورق»، مشيراً إلى أن القانون لن يُفعّل ويُحكم عليه إلا بعد إقراره رسمياً ثم إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الجديد.
وأكد أن الهدف الأساسى من قانون الاستثمار الجديد هو تشجيع المستثمرين سواء من المصريين أو العرب أو الأجانب، وخلق مناخ جاذب للاستثمار، مشيراً إلى أن المستثمرين فى أشد الحاجة لخروج القانون الجديد وكذلك لائحته التنفيذية بأقصى سرعة.
وحول تقسيم القانون إلى قانونين، الأول خاص بالإجراءات والثانى خاص بالضمانات والحوافز الاستثمارية، أكد «هلال» أن المستثمرين لا يهمهم ولا يشغلهم تقسيم قانون الاستثمار إلى قانونين، قائًلا: «المهم القانون يطلع».
وفى السياق ذاته أكد محمد جنيدى، نقيب المستثمرين الصناعيين، أن تأخر موافقة مجلس النواب على قانون الاستثمار الجديد أصاب المستثمرين بالملل من طول الانتظار.
وأضاف «جنيدى» لـ«الوطن» أنه يلتمس العذر للجنة الاقتصادية بمجلس النواب فى مناقشة القانون فى خلال مدة تقترب من الشهرين فقط، موضحاً أنه لا يوجد قانون فى العالم أو على الأقل فى دول الشرق الأوسط تصل مواده إلى نحو 99 مادة، مستشهداً بقوانين المغرب وقطر ودبى وحتى إسرائيل، قائلاً: «هذه الدول لديها قوانين لا تزيد المواد فيها على الـ30 مادة فقط».
وتابع: «ألتمس العذر للدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، خاصة أنها ورثت القانون من الوزيرة السابقة، وهى تركة بها كثير من العقبات والمشاكل».
وأكد أن «نصر» تبحث عن قانون جاذب للاستثمار أسوة بنظيره المعمول به فى دبى، مشيراً إلى أنها «تحاول بكل قوة فى هذا الاتجاه».
وأشار «جنيدى» إلى أن الجميع يعانى من المناخ الحالى السيئ، وأن هذا الوضع لا ينطبق على الاستثمار الصناعى فقط، ولكن يمتد للاستثمار الزراعى والسياحى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مشيراً إلى أن المشاكل والعقبات التى تواجه المستثمر قائمة ولم يتم حلها بشكل جذرى.
وأكد أن المنظومة الشاملة للاستثمار فى مصر تحتاج إلى إعادة هيكلة، لافتاً إلى أن قانون الاستثمار الجديد عبارة عن صورة مشوهة من القانون 8 (ضمانات وحوافز الاستثمار) لسنة 1997 ولن يغير من الأمر شيئاً.
وحول رؤيته لتنشيط القطاع الصناعى، قال «جنيدى» إنه يتعين على الحكومة إنشاء منظومة شاملة تضم المنظومة الاستثمارية والمنظومة التشريعية وقانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية والمنظومة الصناعية والسياحية والزراعية والمصرفية، تحت عباءة واحدة لتوحيد القرارات.
وحول دور المجلس الأعلى للاستثمار فى حل مشاكل المستثمرين، قال «جنيدى» إنه ليس بالقانون وحده تأتى الاستثمارات، مؤكداً أن المنظومة بالكامل يجب أن تتكامل مع دور «الأعلى للاستثمار» والوزارات، موضحاً أن دور «المجلس» هو وضع الاستراتيجيات والسياسات العليا ووضع خريطة استثمارية شاملة فقط وليس حل الأزمات.
وعن أبرز العيوب فى مشروع القانون المرتقب الموافقة عليه من مجلس النواب، قال «جنيدى»: «ما زلت عند رأيى وموقفى بأن إلغاء العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة فى القانون الجديد أمر غير مفهوم».
وأضاف أن «الحكومة التى تتحدث ليل نهار حول الجدية فى إصدار قانون الاستثمار لتهيئة المناخ العام تتخذ قرارات غير مفهومة»، متسائلاً: «كيف تبحث عن استثمارات أجنبية مباشرة وهى تنسف استثمارات أجنبية مباشرة قائمة بالفعل بقرار واحد لا داعى له؟».
وتابع: «لماذا لا تنظر الحكومة إلى الدول المحيطة مثل تونس والمغرب والأردن، واعتمادهم على المناطق الحرة الخاصة، حتى إن مستثمرين فرنسيين أقاموا مناطق حرة فى صناعة الملابس، والصين تدرس هى الأخرى إقامة مدينة صناعية كبرى تضم ٢٠٠ ألف شركة صينية فى المغرب».
واستكمل قائلاً: «بعثات طرْق الأبواب التى زارت مصر خلال الفترة الماضية تبعث على التفاؤل بعد فترة من الجمود نتيجة لتخبط القرارات الاقتصادية، ولكنها لن تنتظر كثيراً.. الاستثمار دائماً يبحث عن الربح فى المكان الأكثر أماناً والمناخ الأكثر جذباً، وعلى الحكومة الاستماع لمختلف المقترحات قبل اتخاذ أى قرار حتى لا تتعارض مع المصلحة العامة، خاصة وزارتَى الاستثمار والصناعة».
ولفت «جنيدى» إلى أن الجهد المبذول من قبَل المجموعة الاقتصادية يحتاج إلى التكاتف من أجل قرارات سريعة تقضى على الروتين وتذلل العقبات أمام المستثمرين.
وأشار إلى أن المستثمرين كانوا ينتظرون خروج قانون الاستثمار الموحد منذ فترة طويلة، ولم يصدر حتى الآن، كما أن الاستثمارات تنتظر تطبيق نظام الشباك الواحد، لأنه سيجمع الهيئات والوزارات المعنية بالقطاع لسرعة إنهاء إجراءات المستثمرين، وتذليل العقبات أمامهم، وهو ما نحتاجه عملياً لجذب رؤوس الأموال، وتطوير الأداء الاقتصادى فى المرحلة المقبلة.
وقال علاء السقطى، رئيس اتحاد جمعيات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن المستثمرين مهتمون بما يتعلق بالحوافز والضمانات فى مشروع القانون الجديد، والتى تعمل على جذب المستثمرين وضخ استثمارات جديدة. وأضاف «السقطى»، لـ«الوطن»، أن هناك اهتماماً من قبَل رئاسة الجمهورية بقانون الاستثمار، متوقعاً سرعة إقرار «القانون» خلال أسابيع على أقصى تقدير.
وأبدى تجار الغرف التجارية استياءهم من تأخر صدور مشروع قانون الاستثمار الجديد، وقالوا إن مستثمرين عرباً وأجانب يرفضون دخول السوق المصرى إلا بإقرار مشروع القانون والاطلاع عليه. وقال أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، إن على ثنيان الغانم، رئيس غرفة الكويت، أكد له أن «التشريعات مهما فُصلت، والنصوص مهما أُحكمت، يبقى نجاحها رهن التطبيق السليم الحكيم، والتطور المستمر تبعاً للتغيرات الدولية والمحلية، وفى ضوء التجربة الفعلية. والتشريعات التى تحكم الاستثمار بالذات يجب أن تكون أكثر التشريعات مراعاة لهذه الحقيقة، لكى تبقى متطورة بلا هدم، ثابتة بلا جمود».
وأكد «الوكيل» أن استهلال القانون ومواد إصداره بالتصالح فى الجرائم والدعاوى الجنائية والعقوبات وتسوية المنازعات والإسهاب فيها هو ترهيب لمن يحدّث نفسه بالاستثمار فى مصر، على حد قوله. ولفت إلى أن صياغة القانون بعثت رسائل طمأنة للمستثمرين، غير أن الصياغة المطروحة قد أفرطت فى الطمأنة إلى حد قد يلفت النظر إلى ما تعانيه الدولة من تعقيدات بيروقراطية، لذا لا بد من حذف بعض المواد التى قد تثير لبساً أو مخاوف لا مبرر لها، مثل التزام الدولة باحترام وإنفاذ العقود التى تبرمها، وأكد «الوكيل» أنه إذا تم تعديل بعض مواد القانون الحالى، سيكون أفضل كثيراً من المشروع المطروح بصيغته الحالية.
ودعا «الوكيل» إلى ضرورة التأكيد فى «القانون» على أن ما ورد بالدستور (آليات السوق) هو التوجه الاقتصادى لمصر، قولاً وعملاً، وقال إنه يتعين على الحكومة التركيز على تنمية الصادرات غير السلعية (عمالة مؤهلة معتمدة، استثمار عقارى، خدمات، سياحة)، والترويج الاحترافى للاستثمار مع استغلال الآليات التمويلية الدولية، وجذب أكبر قدر من المؤتمرات والأحداث الدولية مع التغطية الإعلامية الدولية لها لإعادة السياحة والاستثمار.
وتابع: يجب أن نسعى لنقل تشريعات الدول الجاذبة للاستثمار (مثل سنغافورة، دبى، المغرب) خاصة قوانين الاستثمار، المناطق الاقتصادية، العمل، والأهم نقل إجراءاتها، كما يجب أن نعمل على اندماج الكيانات الصغيرة لتصبح كيانات كبيرة قادرة على المنافسة والنمو وخلق فرص عمل، ويجب أن ندعم التدريب التحويلى المعتمد دولياً (لجذب الاستثمارات وتنمية صادراتنا من العمالة المدربة وهى ثالث مصدر دخل لمصر).
من جهته، قال محمد المصرى، نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إن المستثمر العربى والأجنبى ليس بحاجة إلى مواد قانون تشرح دور هيئة الاستثمار، لافتاً إلى أن كثرة المواد القانونية لتصل إلى 115 مادة ترهب المستثمر، فى الوقت الذى يحتاج فيه إلى معرفة الحوافز وسبل الخروج الآمن، وفاعلية لجان فض المنازعات، خاصة أن هذا القانون سيُترجم إلى عدة لغات، لافتاً إلى أن مستثمرين علقوا دخولهم السوق المصرية على إصداره. وقال أسامة سلطان رئيس غرفة الشرقية التجارية، إن المستثمر لن يأتى إلى مصر دون حدوث استقرار اقتصادى وأمنى، مضيفاً: «عدم إصدار قانون الاستثمار عطل دخول استثمارات بالمليارات».