بروفايل| هشام مطر.. رحلة الليبي المنفي المتوج بـ"بوليتزر"
هشام مطر
منذ سبعينات القرن الماضي، تسير الحياة الشخصية لهشام مطر ومن قبله والده السياسي الليبي جاب الله مطر، جنبا إلى جنب وبالتوازي مع القصة الكبيرة لليبيا بتحولاتها السياسية والاجتماعية منذ الملك محمد إدريس السنوسي، مرورا بمعمر القذافي ووصولا إلى ليبيا الوقت الحالي.
وطوال هذه السنوات تأثر مسار حياة مطر الأب ومطر الابن بمسار ليبيا سواء بالنفي أو الاضطهاد، بينما وقف الابن هشام شاهدا عليها وراويا لها، مستغلا حبه الشديد للأدب في صياغة تلك الشهادة ومعالجة ذلك الرصد، وهو الحب الذي صرفه عن العمل في مكتب التصميمات المعمارية الخاص به، بعدما تخرج من معهد "جولد سميث" في لندن حيث درس الهندسة المعمارية، وهو الحب نفسه الذي قاده لرحلة توجت في النهاية بجائزة "بوليتزر" عن كتابه "العودة".
ولد هشام مطر عام 1970 في مدينة نيويورك، وقضى طفولته بين طرابلس والقاهرة، أما أبوه فهو جاب الله مطر، سياسي ليبي صاحب خلاف مع نظام معمر القذافي، كلفه ذلك الخلاف الإبعاد عن ليبيا ثم اختفاء في ظروف غامضة، حيث قيل إنه أودع السجن بعد خطفه من القاهرة، وقيل إنه قتل في فترة سجنه.
الاختفاء الغامض لجاب الله مطر وبحث الابن الدائم عنه، ومحاولات الدفع بالقصة لصدارة اهتمام الصحافة العالمية، كان ضمن ما ألهم نجله هشام لكتابة "العودة" وهي سيرة ذاتية حصل بها هشام على "بوليتزر"، بعد أقل من عام على صدوره عن دار نشر "راندوم هاوس"، وفوزه بجائزتين أدبيتين رفيعتين، أحدهما من فرنسا والأخرى من الولايات المتحدة الأمريكية.
ويتناول كتاب "العودة" سيرة المؤلف وعودته إلى ليبيا بعد 30 عاما قضاها في الخارج بسبب خلاف والده مع نظام الليبي السابق، فيما يقبع في خلفية تجربة العودة، تاريخا كاملا من التقلبات السياسية والاجتماعية قادت ليبيا إلى ما هي عليه الآن.
لكن رصد "مطر" -الذي يكتب بالإنجليزية- لتغيرات ليبيا عبر الزمن ومعاناتها تحت حكم القذافي، بدأ قبل كتاب "العودة" بسنوات، وتحديدا في 2006، حين أنجز روايته الأولى "في بلد الرجال" والتي تدور في أحداث كئيبة، تحكي واقع ليبيا السوداوي المحاصر بالقمع والتضييق والاستبداد، وقد فازت الرواية بست جوائز دولية وترجمت إلى 28 لغة.
كما ترجمت "في بلد الرجال" إلى عدة لغات، ورشحت لجائزة "مان بوكر" العالمية، ونالت جائزة الجارديان للعمل الأول في بريطانيا، وجائزة حلقة نقاد الكتاب الوطني في الولايات المتحدة.
وتوالت أعمال "مطر" المهمومة بالإنسان الليبي، ورصد فيها تأملات حول شعور المرء في ظل اختفاء أقرب الأقربين له، وذلك من خلال تجربة "نوري" الذي اختفى والده بشكل غامض ومفاجئ في شتاء عام 1972، وهي التجربة شديدة الشبه والقرب من التجربة الشخصية لهشام مطر.