«الإرهاب» يتسلل إلى جنوب سيناء هرباً من الضربات الأمنية فى «الشمال»
مدير أمن جنوب سيناء خلال تفقده موقع الحادث
بعد أيام من تحذيرات الحكومة الإسرائيلية لرعاياها من دخول سيناء، ومباشرة «الداخلية» البحث عن عنصر إرهابى هارب من شمال سيناء، للاختباء فى جبال الجنوب، تعرّض كمين أمنى على مسافة كيلومتر واحد من دير سانت كاترين الأثرى، مساء أمس الأول، لإطلاق نار، مما أسفر عن استشهاد أمين شرطة وإصابة 4 آخرين، وسط مخاوف من انتقال «إرهاب الشمال» إلى مدن «الجنوب»، هرباً من الحملات الأمنية المكثفة.
مقتل منفذ هجوم «سانت كاترين».. و«طايل»: نطارد عنصراً قادماً من «الشمال» منذ شهر
وأعلن اللواء أحمد طايل، مدير أمن جنوب سيناء، عن مقتل مُنفّذ الهجوم المسلح، موضحاً فى تصريحات لـ«الوطن» أن «أجهزة الأمن تعقّبت الجانى إلى منطقة الإسباعية الواقعة خلف الدير، وعند محاولة القبض عليه حياً، فوجئت بحيازته حزاماً ناسفاً وقنبلة، فتم إطلاق النار عليه قبل تفجير نفسه فى القوات، فيما تتواصل الجهود للتعرف على هوية الإرهابى».
وأشار إلى أن «أجهزة الأمن أصدرت نشرة بصورة أحد العناصر الإرهابية القادمة من محافظة شمال سيناء، ويُدعى (سلامة)، الذى وصل إلى مدينة سانت كاترين منذ شهر تقريباً للاختباء فى جبالها، وهو أحد العناصر الخطرة، لذلك تم توزيع صوره على جميع الأحياء والكمائن، إلا أنه تمكن من الهرب بعد تضييق الخناق عليه».
«الأمن» يغلق جميع الطرق بين مدن شمال ووسط وجنوب سيناء
وأوضح أن «أجهزة الأمن استجوبت عدداً من شهود العيان الموجودين قرب كمين سانت كاترين، سواء من أبناء القبائل أو العاملين فى البازارات السياحية، كما تم القبض على شابين من شمال سيناء، للاشتباه فى ارتباطهما بالحادث، وجارٍ التحقيق معهما».
كانت مديرية أمن جنوب سيناء أعلنت حالة الاستنفار القصوى فى صفوفها، وأغلقت جميع مداخل ومخارج سانت كاترين، مع تشديد الإجراءات الأمنية على جميع الوديان لمنع الجناة من الهروب، بالإضافة إلى إغلاق جميع المنافذ والطرق مع شمال ووسط سيناء، وعدد الكمائن الثابتة والمتحركة عليها. وقالت مصادر أمنية بشمال سيناء: إن «المروحيات حلقت أعلى المناطق الجبلية والطرق الوعرة المؤدية إلى جنوب سيناء، لملاحقة العناصر الإرهابية».
وقاد اللواء أحمد طايل، مدير أمن جنوب سيناء، حملة لتمشيط المناطق القريبة من كمين الدير، بصحبة العميد أحمد فاروق، مدير إدارة البحث الجنائى، وعدد من القيادات الأمنية، ومعاونة القوات المسلحة و«الأمن الوطنى» وبدو المنطقة، وقالت مصادر أمنية لـ«الوطن» إن «الهجوم الإرهابى نفّذه شخص وحيد مترجّل، أطلق النار على القوة الأمنية، ثم ألقى السلاح، وهو بندقية آلية متعددة الطلقات، وترك عباءة بنية اللون، كان يرتديها لإخفاء البندقية، وغادر الموقع ليختبئ بين المواطنين».
وأضافت أنه «تم تحريز الطلقات الفارغة والسلاح المضبوط فى موقع الحادث لحين انتهاء النيابة العامة من المعاينة»، مشيرة إلى أن «قصاص الأثر البدوى المرافق لقيادات الأمن فى حملة البحث عن الإرهابى، عثر على آثار الجزء الأمامى لحذائه، مما يشير إلى أنه محترف، نظراً لنجاحه فى محو جزء كبير من الأثر».
وانتقل فريق من النيابة العامة تحت إشراف المستشار خالد عيد، المحامى العام لنيابات جنوب سيناء، إلى موقع العملية الإرهابية للمعاينة وسماع أقوال شهود العيان، قبل التوجه إلى مستشفى شرم الشيخ الدولى، لمناقشة المصابين، الذين أكدوا أنهم فوجئوا بإطلاق نيران كثيف عليهم من منطقة جبلية مواجهة للكمين، ثم صرّحت النيابة بدفن الشهيد جمال محمد سعيد. وشهدت مدينة سانت كاترين إجراءات أمنية مشدّدة خلال الأيام الماضية، فور تعرض كنيستين فى طنطا والإسكندرية لهجومين إرهابيين خلال قداس أحد الشعانين. ووصلت تعزيزات أمنية كبيرة إلى سانت كاترين، لتمشيط المناطق الجبلية، خصوصاً بعدما منعت إسرائيل رعاياها من دخول سيناء، محذّرة من استهدافهم بعمليات إرهابية محتملة، مما دفع مديرية الأمن إلى إعلان الاستنفار فى جميع الكمائن الثابتة والمتحركة بطول الطرق المؤدية إلى سانت كاترين.
سليمان الجبالى، أحد شباب سانت كاترين، قال لـ«الوطن» إنه لا يصدق ما حدث فى المدينة الهادئة، مؤكداً أن «الهدف من الهجوم هو ضرب السياحة، لكن الدير بخير والرهبان بخير، ولم يتعرض سائح واحد لأى أذى»، فيما كشف جبلى محمود، أحد شباب المدينة، عن إعلان المئات من شباب البدو اعتزامهم مشاركة رجال الشرطة والجيش فى أعمال البحث لضبط المتهمين. وفى اتصال تليفونى مع الأنبا ديمانوس، مطران الدير، أكد لـ«الوطن» أن جميع الرهبان والمطارنة بصحة جيّدة، ولم يمسهم أذى، وقدم العزاء إلى «الداخلية» فى أمين الشرطة الشهيد، داعياً للمصابين بالشفاء العاجل، بينما قال الراهب جريجوريوس، المتحدث باسم الدير: «عندما سمعت أصوات الطلقات النارية اعتقدت فى البداية أنها رعد، وعندما تأكدنا أنه إطلاق نيران، توجّهت مع المطارنة للاطمئنان على سلامة الجميع».
من جهتها، قالت عبير سيد جاد، زوجة أمين الشرطة الشهيد، جمال محمد سعد، إن الشهيد كان يعمل فى جنوب سيناء منذ 15 عاماً، وتنقل بين شرم الشيخ وسانت كاترين، مشيرة إلى أنه طلب نقله إلى بنى سويف، نظراً لمرض والده، وحتى يكون قريباً من أولاده فى قرية بنى رضوان، إلا أنه لم يستطع الحصول على الموافقة.