مكاوى.. «حلوين من يومنا والله»
مكاوى
يعدل من وضعه على المسرح، ابتسامة ونظارة سوداء مميزة تسترعى انتباه الجمهور قبل أن تسود حالة من الصمت، بمجرد أن تداعب أنامله أوتار العود، تبدأ تلك اللحظة السحرية التى تمتزج فيها الألحان بصوته «أوقاتى بتحلو معاك.. وحياتى تكمل برضاك»، لتتعالى معها أصوات الجمهور مرة أخرى مؤكدين أن سيد مكاوى ظاهرة فنية قلما يجود بها الزمان ليظل هو الفريد مهما توالى على عالم الغناء والتلحين المئات، بالرغم من مرور 20 عاماً على رحيله، ليكون خير مثال على عبقرية خلط الموهبة بالذكاء والتفرد الفنى. كما هو مقدّر للأطفال فاقدى البصر فى المناطق الشعبية قديماً أن يبدأوا فى حفظ القرآن لينخرطوا فى سلك المقرئين أو المؤذنين، لم ينفصل الطفل الذى نشأ فى السيدة زينب وفقد بصره فى سن صغيرة عن هذا الواقع، بعدما داوم على حفظ القرآن وعلى رفع الأذان فى مساجد المناطق المحيطة، مما ساهم فى فتح بُعد مختلف فى وجدان الشباب الصغير، حيث بدأ يميل إلى الإنشاد الدينى والتواشيح، مما دفعه إلى تكوين ما يشبه الفرقة الصغيرة مع الشقيقين إسماعيل ومحمود رأفت لإحياء حفلات محدودة فى محيط الأصدقاء معتمداً على التوشيح والتراث الموسيقى الشرقى.
ولكن البداية الحقيقية لـ«مكاوى» كانت عندما قرر الالتحاق بالإذاعة المصرية سعياً وراء حلمه بالغناء، وقدم على مدار مشواره الفنى مجموعة من الألحان النابعة من الشارع المصرى بتفاصيله العميقة فى معانيها والبسيطة فى مجملها، ليؤسس بها بُعداً جديداً للفن الشعبى، ويُثرى مكتبة الأغانى الشرقية، فعلى مدار ما يجاوز الـ 40 عاماً تعاون مع عدد كبير من عمالقة الفن المصرى منهم ليلى مراد، أم كلثوم، شادية، محمد عبدالمطلب، نجاة، وصباح، بالإضافة إلى مجموعة من أهم المطربين فى ذلك الوقت، فضلاً عن أعماله الغنائية كمطرب منها «ما تفوتنيش انا وحدى»، و«حلوين من يومنا والله»، كما وضع المقدمة الموسيقية للعديد من المسلسلات. كوّن «شيح الملحنين» ثنائياً مختلفاً مع الشاعر فؤاد حداد، بـ«المسحراتى» الذى شكّل ارتباطاً كبيراً بين شهر رمضان و«مكاوى» فى الإذاعة المصرية، كما قدم مع الراحل صلاح جاهين أوبريت «الليلة الكبيرة» الذى يُعد من أشهر الأوبريتات على الإطلاق.