«مقاتل»: شارون هرب مع القيادات دون أن يترك للجنود تعليمات بالانسحاب
مركز إدارة عمليات القتل فى القطاع الأوسط
بلحية تكسو وجهه، وقف المساعد أول معتصم الزهوى، قائد جماعة استطلاع الكتيبة 12 مشاة، وقت حرب أكتوبر، الذى استطلع موقع مركز إدارة العمليات الإسرائيلى الأوسط قبل الهجوم عليه، أمام مركبة جيب M 150 الإسرائيلية الموجودة أمام مقر المركز الإسرائيلى، ثم نظر للأرض، وأخذت الدموع تنهمر من عينيه.
«معتصم»: «بلَّغت عن هروب القائد الإسرائيلى فجاتلى الأوامر ماتضربش عشان ماتجيش الاحتياطات وتندفع فى اتجاه الإسماعيلية
ويقول «المقاتل معتصم»، كما اعتاد أصدقاؤه تسميته، إنه أول من دخل هذا الموقع من القوات المصرية، بحكم أنه يجب أن «يمسح الأرض» قبل وصول القوات المصرية لمعرفة ما سيواجهونه، لكى يجهزوا خططهم، والسلاح الذى سيحضرونه معهم، والقوات القادرة على تنفيذ المهمة بنجاح.
ويلفت مستطلع موقع «المركز» قبل الهجوم عليه، أنه بدخولهم للمركز وجدوا ما لم يجدوه من قبل، وأن المفاجأة كانت باستسلام الإسرائيليين بعدما شاهدوا المصريين يتجهون أمامهم كـ«النمل»، إذ هاجم الموقع أكثر من ألف فرد، فيما كان يوجد به نحو 150 فرداً، هرب معظمهم، فيما استسلم أعداد قليلة، وأقل عدد منهم حاولوا الاشتباك لكنهم قتلوا.
ويشير «المقاتل معتصم» إلى أنهم استطاعوا أن يسيطروا على مركز إدارة العمليات فى فترة تتراوح بين 15 إلى 17 دقيقة فقط، وأن كامل القوات كانت موجودة بغضون تلك الفترة بالموقع.
وعن مواجهة القوات الإسرائيلية، قال: «مفيش قوات كانت قدامنا أصلاً.. كله هرب.. ده إذا كان قائدها اللى هو كان شارون هرب، وخد عربية M150، وطلع يجرى، الجنود كانت هتقف!».
أخذت تراباً من الأرض ليدفن معى ويشهد لى أمام ربنا»
وعن سر عدم استهدافه، قال: «كانت قدامنا عربيتين واحدة فيها القائد، والتانية فيها ضباط آخرون، وكان معايا جهاز اتصال لاسلكى بلغته بيه إنه قدامى، جاتلى الأوامر (ماتضربش)»، وأضاف: «لو كنا ضربنا، كانت قوات الاحتياط الإسرائيلية هتيجى فى ساعتها مندفعة لتثأر له، وإحنا هنا قدامنا مدينة الإسماعيلية على بعد 10 كيلومتر بس، ولو حد ضرب كانوا دخلوا الإسماعيلية يوم 8 أكتوبر بالليل.. ومصر كلها وقعت»، وتابع: «الغريب أن شارون خد قياداته، وجرى، وساب عساكره بدون ما يدى حتى تعليمات بالانسحاب، والعساكر لما لقوه بيجرى طلعوا يجروا وراه».
ويروى قائد مجموعة الاستطلاع فى ابتسامة: «أول ما دخلنا الموقع كان فيه مولد كهرباء هنا، وظنه أحد الجنود من صوته أنه دبابة أو مقاتلة تقترب علينا فقصفه»، مضيفاً: «ولما استطلعت الأرض عرفت أماكن الدبابات فتعاملنا معاها؛ فهما كانوا بيستخدموا الأرض كويس قوى»، ويصف «المقاتل معتصم» مسألة «هروب شارون» بالجبن، موضحاً أن هناك دبابة على سبيل المثال كانت سليمة، ولم ينتقص من طاقمها شىء، إلا أنهم خافوا القتال، وسلموا أنفسهم، مضيفاً: «وكان إلهام من عند ربنا لينا إننا مانضربش عربية شارون قبل مانبلغ، وإلا كنا هنضيع»، وعن المدرعة ناقلة الجند من طراز M113 الموجودة بالموقع، قال إنها كانت بصحبة الدبابات بالقرب من موقع مركز العمليات، وأنه كان بداخلها مجموعة مشاة ميكانيكية مترجلة، وكانوا على الطريق الأوسط، وحينما بدأ القتال قدموا، ثم هربوا بعدما شاهدوا القائد يهرب، والدبابات تتدمر، لكننا نجحنا فى التعامل معهم، ويصف قائد مجموعة الاستطلاع عملية الاستيلاء على «تبة الشجرة» بإحدى أسعد لحظات حياته، مضيفاً: «شارون اللى عمل الجرايم دى كلها فى إخواتنا الفلسطينيين كان بيجرى قدامنا مرعوب من قواتنا، وماكناش عارفين مين القائد ده، لكن بعد كده عرفنا»، وعن شعوره وقتما يزور «تبة الشجرة» مرة أخرى، قال إنه أسعد مكان، وأقربه إلى قلبه ليوجد فيه، مضيفاً: «أنا شيلت التراب اللى فى أرض الموقع هنا وحطيته عندى عشان يحطوه معايا فى قبرى.. الأرض دى هتبقى شاهدة قدام ربنا إحنا عملنا إيه للبلد»، وتابع: «فيه ناس كتير مش فاهمة إحنا عملنا إيه.. اللى عملناه ده رجع مصر.. رجع عرض وشرف بلدنا.. والله العظيم لولا ترابطنا، وإننا حابين بعض، وبلدنا، وخايفين على بعض، ماكانش حتى عدينا شوية الميه اللى فى قناة السويس».
وعن مدى خوفه أثناء استطلاعه الدبابات، والألغام، وغيرهما من المعدات الموجودة لدى الجانب الإسرائيلى، قال إنه كان يتم تدريبه جيداً على كيفية الاستطلاع، والخطوات التى يجب أن يقوم بها، وكان بالفعل يطبقها، ومن ثم لم يكن بداخله خوف، مضيفاً: «وأنا أخاف ليه.. هى الروح دى كام مرة.. ومكتوب لى هموت فين وهنضرب إمتى.. حتى لو هتتقطع حتة من جسمى إيه اللى هيجرى.. المهم عرضنا.. وعرض بلدنا.. ودى كانت عقيدتنا كلنا مش عقيدتى بس وقت القتال».