خبراء ومسئولون: المشروع الجديد «تائه» بين الحكومة والبرلمان
وزير التنمية المحلية خلال اجتماع لجنة الإدارة المحلية بـ«النواب»
قال الدكتور حمدى عرفة، خبير الإدارة المحلية والباحث فى العشوائيات، إن لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، لم تناقش حتى الآن من مشروع قانون الإدارة المحلية سوى 32 مادة، لا تتجاوز نسبة 19% من إجمالى المشروع المقدم إلى البرلمان فى سبتمبر 2016 ويضم 168 مادة، وكان الدكتور أحمد زكى بدر، وقتها، وزيراً للتنمية المحلية.
وحمّل «عرفة» لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان مسئولية تأخير إصدار القانون، رغم مرور أكثر من سبعة شهور على تسليمه للمجلس، لافتاً إلى أن القانون سيظل يدور فى حلقة مفرغة، ولن يرى النور على الأقل حتى نهاية العام الحالى، لعدة أسباب منها تشابك اختصاصات بعض اللجان الفرعية فى مجلس النواب نفسه، مثل لجنة الإدارة المحلية واللجنة الاقتصادية، ولجنة الإسكان، فيما يخص المواد المتعلقة بالصناديق الخاصة فى دواوين عموم المحافظات والهيئات الاقتصادية، ومشروعات الإسكان والوحدات السكنية بالمحافظات، وإنشاء مشروعات الصرف الصحى، فضلاً عن التشريعات المتعلقة بالمحليات، والمجالس الشعبية المحلية وطرق انتخابها، ما يمثل سبباً رئيسياً فى تأخر الاستقرار على صيغة موحدة للمشروع تتحدد فيها هذه الاختصاصات.
«عرفة»: مجلس النواب المسئول عن تأخر صدوره.. ولجنة الإدارة المحلية لم تناقش منذ 7 شهور سوى 19% من مواده.. و«عبدالمجيد»: كثرة التغييرات الوزارية السبب
وأوضح «عرفة» أن حسم الأمر يتطلب عقد اجتماعات وجلسات بين هذه اللجان عند وضع الصيغة النهائية للقانون، دون تجاهل أى منها، وإلا سيعود مشروع القانون إلى الخانة «صفر»، حال اعتراض أى لجنة من هذه اللجان عند عرض مشروع القانون فى الجلسة العامة للبرلمان والتصويت عليه.
وأشار خبير التنمية المحلية إلى أن مجلس النواب خالف تعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أوصى بضرورة إجراء انتخابات المجالس المحلية فى الربع الأول من 2017، لتأخرهم فى الانتهاء من مراجعة قانون الإدارة المحلية، ولا يمكن بأى حال إجراء انتخابات المحليات، دون وجود قانون جديد ينظمها.
«عبدالمجيد»: الظروف الاستثنائية للبلاد أبرز أسباب تأخر القانون.. والمشروع المنظور حالياً جيد.. ونائب محافظ الجيزة: ننتظر قانوناً أكثر انضباطاً.. يحد من المخالفات فى الأحياء ويمنع التجاوزات
وأضاف «عرفة»: «لجنة الإدارة المحلية لا تريد أن تدخل فى صراعات مع الحكومة أو أن تكرر ما حدث من مشاكل بين لجنة القوى العاملة بالمجلس والحكومة عند مناقشتها قانون الخدمة المدنية الجديد رقم 18 لسنة 2015، الذى تم رفضه، واستبداله بقانون 81 لسنة 2016»، لافتاً إلى أن اللجنة البرلمانية تتعمد تأخير مناقشة القانون حتى تنتظر انتهاء الحكومة من مشروعاتها المستحدثة، من أجل توفيق أوضاع هذه المشروعات مع القانون الجديد، الأمر الذى سيجعل من الصعوبة بمكان ظهور القانون هذا العام.
وقال المستشار يحيى عبدالمجيد، وزير الشئون القانونية لمجلسى الشعب والشورى، محافظ الشرقية الأسبق، إن السبب الرئيسى فى تأخر صدور «الإدارة المحلية» هو كثرة التغييرات الوزارية التى لا تتيح الفرصة للوزير الموجود أن يستكمل إجراءاته لوضع صيغ مشروع القانون، فلا يكاد يأتى وزير ليضع مقترحاته ويشكل لجاناً استشارية من أجل إعداد صيغة للقانون حتى يتم تغييره، ويبدأ مَن جاء بعده من جديد فى وضع استراتيجية جديدة، ومقترحات للتعديل، وكأنهم جميعاً يدورون فى حلقة مفرغة.
وأضاف «عبدالمجيد»: «على سبيل المثال، كان اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية الأسبق، شكل لجنة من خبراء القانون والتنمية المحلية، لوضع مسودة لقانون الإدارة المحلية، استغرق عملها ما يقرب من سبعة أشهر، وبمجرد حدوث تعديل وزارى، تم إعداد لجنة جديدة لعمل مسودة بتعديلات جديدة لمشروع القانون، كما أن الظروف الاستثنائية والمستجدات المتلاحقة التى تمر بها البلاد، فى السنوات الأخيرة، كانت سبباً رئيسياً فى تأخر صدور قانون الإدارة المحلية»، مؤكداً أنه كان على كل الأطراف المسئولة عن قانون الإدارة المحلية تجاوز هذه الظروف، وإعطاء الأولوية لإقرار قانون الإدارة المحلية الجديد، واعتماده قبل أى قانون آخر.
وتابع: «اطلعت على مشروع قانون الإدارة المحلية الموجود حالياً بمجلس النواب، وهو جيد ومتوازن لكن ينقصه التأكيد فى بعض المواد، عند إعداد الصياغة النهائية، على رفض المساس بالمحافظ، وعدم توليه منصبه بالانتخاب، وعدم التوسع فى مسألة استجوابه أو سحب الثقة منه أياً كانت النسبة فى المجالس المحلية، حتى لا تكون يده مرتعشة فى اتخاذ القرارات».
وأضاف أنه لا بد أن يكون هناك فى القانون نص على إنشاء أكاديمية للتنمية المحلية تختص بالتدريب والتأهيل للعاملين فى مجال المحليات، ويجب أن تكون جرعة اللامركزية تدريجية فى البداية وفى حدود الإمكانيات، لافتاً إلى أن الفساد فى المحليات أمر واقع بالفعل ولا يستطيع أحد أن ينكره وامتداده يرجع إلى الثغرات الموجودة فى القانون رقم 43 لسنة 1979 والمعمول به حالياً.
وقال اللواء علاء هراس، نائب محافظ الجيزة للأحياء، إنه من المفترض أن يكون القانون الجديد أكثر انضباطاً ويشجع المحليات على أداء دورها ويحد من المخالفات والتجاوزات داخل نطاق الأحياء والمدن ومن ظاهرة الفساد، مضيفاً: «نأمل أن يتصدى القانون الجديد لكل السلبيات التى رسخها القانون الحالى».
وأكد عمرو فكرى، رئيس حى المعادى، أن قانون الإدارة المحلية الجديد يدور حول المركزية واللامركزية، محذراً من تحول المحافظات والأقاليم إلى النظام اللامركزى مرة واحدة بواسطة القانون الجديد لأن ذلك سيؤدى إلى فشل ذريع، نظراً لأنه يلزم المحافظات بوضع استراتيجياتها وتعظيم مواردها بينما هناك محافظات فقيرة ودون موارد وهناك من يضع استراتيجية خطأ فالأمر يتطلب المراجعة والمساندة.
وأضاف «فكرى» أن هناك ملفات مثل التعليم والأمن والتأمين الصحى تتطلب المركزية حتى يكون الجميع تحت مظلة واحدة، فالتعليم لا بد أن تكون سياسته واحدة ومركزية والتأمين الصحى لا بد أن يكون مركزياً والخدمات الصحية وأيضاً الأمن، لافتاً إلى أن قانون الإدارة المحلية سيكون نافعاً عندما يحوى الجانب المركزى والآخر اللامركزى لمراعاة الأبعاد كلها، فالرئيس عبدالفتاح السيسى، تكلم من قبل عن إعادة ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات بهدف إيجاد موارد وتعظيم دخل المحافظات بحيث لا يجرى الاعتماد بشكل كلى على ميزانية الدولة.
وأكد رئيس حى المعادى أن الأحياء ليست بحاجة إلى صلاحيات جديدة فى القانون بقدر ما تحتاج إلى دعم ومساندة من الأجهزة التنفيذية من الأمن وشرطة المرافق للقيام بدورها فى التصدى للمخالفات والإشغالات وخلافه، علاوة على أن منح الأحياء صلاحيات دون أدوات، بلا فائدة، ولا بد من إيجاد محاكم ونيابات للمحليات من أجل ضبطها، ووقف التجاوزات والمخالفات، مشيراً إلى أن رؤساء الأحياء قدموا مقترحات لقانون الإدارة المحلية لوزارة التنمية المحلية فى عهد الدكتور أحمد زكى بدر.
من جانبها قالت الدكتورة منال عوض، نائبة محافظ الجيزة لشئون البيئة وتنمية المجتمع، إن المحليات فى أمس الحاجة إلى خروج القانون الجديد للنور للإسهام فى القضاء على البيروقراطية والروتين ونسف القوانين التى تسهم فى فتح أبواب الفساد والرشوة، مشيرة إلى أن المحافظة تحتاج إلى زيادة مواردها والتعامل مع المخالفات البنائية البسيطة التى لا تضر المبانى ولا تمثل خطراً على الحياة مثل «المناور المخالفة»، فيمكن منحها سلطة إلغاء تلك المخالفات مقابل سداد رسوم تدر دخلاً على المحافظة.