«هنية»: اتصالات مع مصر ودول عربية وغربية لشرح «وثيقة حماس».. وخبراء: مقدمة للتقارب مع القاهرة
خالد مشعل فى اجتماع أعضاء حماس مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى
أكد إسماعيل هنية، نائب رئيس حركة «حماس»، أن الحركة ستُجرى اتصالات مع المجتمع الدولى ودول عربية لشرح الوثيقة التى أطلقتها، مساء أمس الأول، وأعلنت فيها قبول دولة فلسطينية فى حدود 1967، ورداً على سؤال حول الاتصالات مع مصر والدول العربية والغربية لتسويق الوثيقة، قال «هنية»: «سنُجرى اتصالات ولقاءات، وسنكون منفتحين أمام أى إيضاحات أو استفسارات ومناقشات حول الوثيقة»، وأوضح أن الوثيقة «جاءت لتعكس التطور الكبير لحماس، مع تمسكها بالاستراتيجيات والثوابت»، مشيراً إلى أن الوثيقة «لم تأت بناء على طلب أى جهة».
«مردخاى» يصف الحركة بـ«تنظيم إرهابى يهزأ بالعالم».. و«فتح»: التفاف على منظمة التحرير ومحاولة لتقديم أوراق الاعتماد أمام إسرائيل
واكتفى يحيى السنوار، قائد الحركة فى قطاع غزة، رداً على سؤال حول الوضع بعد هذه الوثيقة، بالقول إنه «سيكون ممتازاً»، دون أن يعطى تفاصيل إضافية، وأكد رئيس المكتب السياسى للحركة، خالد مشعل، فى رده على أسئلة الصحفيين خلال مؤتمر عُقد فى الدوحة ونُقل بشكل متزامن عبر الفيديو فى غزة، أن الوثيقة «مرجعنا فى الأداء السياسى اليومى»، ولفت إلى أن «ميثاق الحركة، الذى يدعو إلى تدمير إسرائيل، صدر عام 1988، ونحن فى 2017 نصدر الوثيقة، وكل واحد منهما يعبر عن مرحلة، ولا تلغى إحداهما الأخرى»، وشدد على أن «حماس لن تكون بديلاً لحركة فتح أو أى أحد، وسنقاتل من أجل شراكة كل فلسطينى».
وقال «مشعل» إنه يأمل أن تقوم الإدارة الأمريكية الجديدة بـ«تحرك أكثر جدية من أجل القضية الفلسطينية» وأن تغير المفاهيم الخاطئة عن الشعب الفلسطينى، مضيفاً أن «حماس حركة متجددة تتطور فى فكرها السياسى».
«جمعة»: الارتباط بالإخوان ليس المحدد الوحيد فى العلاقة مع مصر.. و«علام»: الوثيقة جاءت فى اللحظة الأخيرة قبل لقاء «عباس وترامب»
فى السياق ذاته، اهتمت الصحف الإسرائيلية بإصدار وثيقة «حماس» الجديدة، حيث قالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، تحت عنوان «إسرائيل: سياسة حماس الجديدة تحاول تضليل العالم»، إن إسرائيل على المستوى الرسمى لم تنفعل مع الوثيقة، والتى وفقاً لمصادر عربية «تخفف موقفها المعقد تجاه إسرائيل»، مضيفة أن ديفيد كيز، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، قال: «حماس تحاول أن تضلل العالم، ولكنها لن تنجح».
وتحت عنوان «إسرائيل ليست متحمسة لميثاق حماس الجديد»، قال موقع «المصدر» الإسرائيلى إن ردود الفعل فى إسرائيل على الإعلان عن ميثاق حماس لم تتأخر، متطرقاً إلى تصريحات ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بأن «الميثاق الجديد هو استعراض واهٍ.. حماس لا تستثمر كل مواردها فى الاستعداد للحرب مع إسرائيل فحسب، بل فى تربية أطفال غزة على إبادة إسرائيل».
ونقل عن منسق عمليات الاحتلال فى الأراضى المحتلة، اللواء يوآف مردخاى، الذى نشر ميثاق حماس على «فيس بوك»، أنه كتب: «(القرآن دستورنا والموت من أجل الله يشكلان حلمنا الأكبر).. هذا هو توجه التنظيم الإرهابى، حماس، الحقيقى وليس ميثاقها الجديد، الذى هو بمثابة خداع وغش صاف»، على حد تعبيره.
وقال «مردخاى»: «يهزأ التنظيم الإرهابى، حماس، بالعالم عندما يحاول عرض نفسه عبر ميثاقه الجديد بصفته حركة ثقافية ومتقدمة.. نضحك لأننا شهدنا كيف تؤمن المنظمة الإرهابية حماس بالديمقراطية عندما تقتل معارضيها وتلقى بهم من على السطوح، وكذلك تحتقر النساء اللواتى لا يشاركن فى المكتب السياسى، وتتابع عملياتها الإرهابية مستغلة مساعدة العالم بهدف القتل بدلاً من أن تعالج المشاكل فى القطاع»، على حد قوله.
واتفق خبراء ودبلوماسيون على أن وثيقة حركة «حماس» تقدم شيئاً جديداً عن خطابها الكلاسيكى، إلا أن هناك تبايناً فى تقدير حجم التغيير، بين من يراه إعلاناً لفك الارتباط عن الإخوان، وبالتالى زيادة رصيد التقارب مع مصر، وبين من يعتبر أن سلوك «حماس» الفعلى وسياستها سيكونا المحدد الأساسى وليس فقط المبادئ المعلنة.
وقال الدكتور محمد جمعة خبير الشئون الفلسطينية، لـ«الوطن»: إن «الوثيقة» التى استبدلوا فيها عبارة «محاربة اليهود» بـ«محاربة الاحتلال»، تتسق مع حقيقة أن أزمة «حماس» مع الصهاينة، وليس مع اليهودية كديانة، وأيضاً الجزء المتعلق بحدود 67، والعلاقة مع «الإخوان»، مما يعد تغييراً عن ثوابت الحركة فى ميثاقها المعلن. واعتبر «جمعة» أن «حماس» صاغت هذه المادة بطريقة حذرة، تراعى فيها عدم اتهام جمهورها بالتغيير أو التنازل عن الثوابت، فهى تعيد إنتاج تجربة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1974، عندما اعترفت المنظمة بـ«البرنامج المرحلى»، بمعنى أنه بعدما كانت عبارة «التحرير عبر القوة المسلحة فقط»، أصبحت «إقامة سلطة الشعب على كل جزء يتم تحريره». وتابع لـ«الوطن»: «حماس تغيّرت، لكن حدود التغيير لا بد من الوقوف عليها، فهى لم تعترف بإسرائيل، لكنها ضمنت المرحلية، وكأنها تمثل المنظمة عام 1974، والأمر اللافت أن حماس بعد سقوط الإخوان، ترى أن الحركات الإخوانية البرجماتية تقودها إلى تأطير أيديولوجيتها فى إطار فضفاض لتصل إلى الشىء ونقيضه، بما يقود أحياناً إلى التلفيق السياسى وعدم الرصانة».
واستنتج «جمعة» أن الحركة تعيد إنتاج تجربة منظمة التحرير وتقف عند محطة البرنامج المرحلى، وفى ما يتعلق بالعلاقات مع مصر، وفك الارتباط عن الإخوان، قال: «لا تجد نصاً صريحاً قاطعاً تعلن فيه فك الارتباط عن الإخوان، وجرى إغفال ذكر الإخوان فى الوثيقة، ولا يوجد نص أو عبارة واحدة تشير إلى فك الارتباط عن جماعة الإخوان المسلمين، لكنه حدث تغيير عن الميثاق، الذى يعرف الحركة كأحد أجنحة الجماعة عام 1988، الذى ذكر كلمة الإخوان 6 مرات، إلا أنه ليست هناك إشارة صريحة لإعلان فك الارتباط».
وشدّد على أن علاقة «حماس» بالإخوان ليست المحدد الوحيد لعلاقتها بمصر، فالأزمة تتعلق بسياسات «حماس» عملياً.
وقالت السفيرة جيلان علام إن تل أبيب تكرر أن الإشكالية الخاصة بإسرائيل أنها تعتبر أنه لا يوجد طرف فلسطينى فى المفاوضات، واعتبرت أن خطوة «حماس»، جاءت فى اللحظة الأخيرة، على اعتبار أن محمود عباس سيلتقى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الأربعاء، وفى حاجة إلى توافق الفصائل الفلسطينية على مبادئ رئيسية، وبالتالى هذا فى حد ذاته خطوة إيجابية، وكنت أتمنى أن تقع قبل ذلك بفترة، ويكون هناك نوع من الحوار الفلسطينى - الفلسطينى والحصافة فى التعامل مع الولايات المتحدة، باعتبارها راعى المفاوضات، وأن يُقدّم الرئيس «ترامب» تعهداً لبدء المفاوضات تحت رعاية الولايات المتحدة. وأشارت إلى أن الوثيقة تتزامن مع مرور 100 عام على وعد بلفور، لافتة إلى أنها احتوت على ما يشير إلى فك الارتباط بين «حماس» والإخوان، وسعياً لوجود علاقات أكثر قرباً وموضوعية فى العلاقات مع مصر.