خبراء يطالبون بتسهيلات ائتمانية للمربين وتعديل التشريعات لمعاقبة غير الملتزمين
توفير الأعلاف أحد أهم عوامل نجاح المشروع
أكد خبراء زراعة أن إعادة إحياء مشروع البتلو، قرار صائب لكنه يحتاج من الدولة أن تتجنب الأخطاء التى وقعت فيها خلال التجربة السابقة، بالعمل على توفير الأعلاف التى تمثل ما يزيد على الـ70% من تكلفة الإنتاج، وتوفير الأمصال واللقاحات اللازمة لتربية وعلاج الثروة الحيوانية، إضافة إلى ردع المخالفين الذين يستخدمون القروض مُخفضة الفائدة التى تقدمها الدولة، فى أغراض أخرى غير غرض التسمين.
وأوضح الخبراء أن هناك سلالات مصرية خالصة ومهجنة من الماشية، يمكن استغلالها فى عمليات التسمين، لإنتاج اللبن، كما أن لديها القدرة على إنتاج اللحوم مع الاحتفاظ بالمذاق المميز للحوم المصرية «البلدى».
«نورالدين»: البعض يستخدم الدعم النقدى فى غير «التسمين».. ويجب تصنيع الأعلاف والأمصال فى شركات حكومية منعاً للتلاعب
وقال الدكتور عبدالحكيم نورالدين، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة الزقازيق، إن مصر تواجه مشكلة كبيرة فى توفير الكميات اللازمة من البروتين الحيوانى، سواء كان لحوماً حمراء، أو بيضاء، أو البيض واللبن، لافتاً إلى أن سعى الدولة لإعادة إحياء مشروع البتلو فى الفترة المقبلة سيسهم فى توفير كميات كبيرة من اللحوم وتعويض النقص الكبير فى اللحوم الحمراء بالسوق المصرية.
وأكد «نورالدين» أن هذا المشروع يحتاج إلى قرارات صارمة وحازمة حتى يحقق الهدف المرجو منه، ويجب على الدولة توفير العلف بأسعار تنافسية لجميع المربين، خصوصاً أن العلف يمثل نحو 70% من تكاليف الإنتاج وتربية البتلو، وإذا وفرت الدولة الأعلاف بأسعار رخيصة، فإن الأمر سينعكس على أسعار اللحوم الحمراء فى الأسواق، لتنخفض هى الأخرى.
وطالب بتصنيع منتجات الأعلاف تحت رقابة صارمة من قبل الدولة، منعاً للتلاعب فى كمية المكونات التى تضاف لأعلاف الماشية وكميات البروتينات وغيرها، متابعاً: «إجمالى إنتاج مصر من الأعلاف لا يتعدى الـ30% من استهلاكها، لذلك نحتاج إلى التوسع فى زراعة هذه المحاصيل».
«الشيخ»: سلالات الماشية المصرية ممتازة لإنتاج اللحوم.. وبعضها يوفر إنتاجاً غزيراً من الألبان
وشدد «نورالدين» على أن مشروع البتلو لن ينجح فى ظل وجود التشريعات الحالية، ويحتاج إلى تشريعات رادعة لكل من يتلاعب بهذه المنظومة، مستطرداً: «كان بعض الناس يحصلون على الدعم المخصص للمشروع، فى الوقت الذى لا توجد لديهم ماشية من الأساس، فقط كانوا (يضربون) الأوراق المطلوبة ويجهزونها ثم يذهبون إلى بنك التنمية والائتمان الزراعى لأخذ الدعم بفائدة 5%، ويضعون الفلوس فى بنك آخر بفائدة تصل إلى 12% ويحصلون على الفرق، وعندما يعرف المسئولون ذلك، فقط يلزمونهم بإعادة الأموال التى حصلوا عليها دون عقاب».
وأكد الخبير الزراعى، أن هذا الأمر فى غاية الخطورة، ويجب معاقبة أى شخص يقدم على مثل تلك الجريمة بالسجن والغرامة، لأن «من أمن العقاب أساء الأدب»، خصوصاً أن هناك الآلاف من الشباب فى كل بيت مصرى لا يجدون فرصة عمل، ولو حصلوا على تلك القروض قد تتغير حياتهم.
وأوضح «نورالدين» أن دور الدولة لا يتوقف عند توفير الأعلاف، وإنما يمتد إلى توفير الأمصال بأسعار مناسبة، ما يساعد المربين على الحفاظ على ثروتهم وحمايتها من الأمراض، مطالباً بإسناد إنتاج وتطوير الأمصال واللقاحات، إلى شركة مصرية حكومية، حتى لا تكون عرضة للغش أو الاتجار بها فى الأسواق السوداء.
وأشار إلى أن هناك عدداً كبيراً من ضعاف النفوس يستولون على حق البسطاء لتحقيق أرباح غير مشروعة، وهو ما حدث بالفعل فى أزمة السكر الأخيرة التى شهدتها البلاد، حيث خزن عدد من التجار كميات كبيرة لرفع الأسعار، وما كان من الدولة إلا أن استوردت كميات أخرى لضخها فى السوق، لكن لم يشعر بها أحد لكثافة الاستهلاك، وهو ما يمكن أن يتكرر فى موضوع الأمصال الخاصة بالثروة الحيوانية.
وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى أن جميع دراسات الجدوى الخاصة بهذا المشروع تؤكد أنه ناجح، لكنه يحتاج إلى تمويل، مطالباً الدولة بعمل تسهيلات ائتمانية لجميع المربين، وتوفير كافة الأمصال والأدوية لمكافحة أى مرض قد يظهر، مع التأمين على الماشية التى تحصل على الدعم النقدى ومعاقبة أى شخص يستخدم الدعم فى غرض آخر غير تربية الماشية.
وحول أنواع الأبقار التى تصلح للتسمين، ضمن مشروع البتلو، قال المهندس الزراعى محمد الشيخ المتخصص فى تربية الماشية، إن مصر بها عدد كبير من أنواع الماشية المحلية التى تصلح للتسمين، ويمكن من خلالها إعادة إحياء مشروع البتلو، مثل الأبقار «المنوفى»، التى يتم استخدامها فى التسمين لما لها من مزايا كبيرة مثل ضخامة حجمها واتساع صدرها وقصر رقبتها، وهناك نوع آخر يسمى الأبقار الصعيدية، فى محافظات مصر العليا من بنى سويف حتى أسوان، وهى أصغر حجماً من الأبقار المنوفية، ولديها قابلية عالية للتسمين.
وأشار «الشيخ» إلى أن هناك أنواعاً أخرى تسمى الأبقار الخليط تنتشر فى جميع محافظات مصر، وهى ماشية محلية تم خلطها مع سلالة الفريزيان أو بعض السلالات الأجنبية، وتعتبر من أفضل أنواع الماشية التى تحقق إنتاجية عالية فى اللبن واللحم، بالإضافة إلى كونها تحتفظ بالصفات الجيدة للحوم البلدى التى يرغبها المصريون، مشيراً إلى أن هناك أنواعاً أجنبية يجرى تهجينها مع سلالات محلية نجحت فى مصر بشكل كبير، ومنها نوع شورتهورن اللحم، ويعد من أهم أنواع أبقار اللحم على الإطلاق وأكثرها انتشاراً حول العالم، ويربى فى مصر.
وأضح «الشيخ» أن كبار المربين فى مصر يفضلون تربية سلالة الفريزيان المتخصصة فى إنتاج اللبن المكثف، أما المربى الصغير فهو يفضل تربية الأبقار المحلية، لإنتاج عجول التسمين واللحوم البلدية التى يقبل عليها المستهلك، وهناك أيضاً الأبقار الخليطة، التى يقبل عليها كل من المربى الصغير والمتوسط.