«ماكرون»: سأقود ثورة للشعب.. و«لوبان»: السيادة للفرنسيين
«لوبان» وسطة أنصارها فى الجولة الأولى من الانتخابات
تعتبر الانتخابات الرئاسية الفرنسية الحالية هى الأكثر أهمية، خلال عقود، حيث تجمع الجولة الثانية، الأخيرة، بين مرشحين يمتلكان وجهتى نظر متعارضتين بالنسبة للعلاقة مع أوروبا، ما يجعل مكانة فرنسا فى العالم على المحك، حيث يتبنّى المرشحان برنامجين متناقضين، فمن ناحية يعتبر إيمانويل ماكرون وسطياً وليبرالياً موالياً لأوروبا، بينما مارين لوبان مناهضة للهجرة وأوروبا.
«الوطن» ترصد تصريحات الساعات الأخيرة للمرشحين، قبل ساعات من انطلاق اقتراع الحسم، فيما أظهر استطلاع للرأى أجرته مؤسسة «أودوكسا» المتخصصة أن ربع الناخبين الفرنسيين سوف يمتنعون عن التصويت، وبينهم يساريون يشعرون بالإحباط لفشل مرشحيهم فى الوصول للجولة الثانية، وبهذا ستكون النسبة المتوقعة للامتناع عن التصويت هى ثانى أسوأ نسبة من نوعها فى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية فى البلاد منذ عام 1965 ما يسلط الضوء على خيبة أمل كثير من الناخبين لانحسار الاختيار بين مرشح الوسط «ماكرون» ومرشحة أقصى اليمين «لوبان»، وذلك بعد أن اقتربت نسبة الإقبال على التصويت فى الجولة الأولى من الانتخابات من 78%.
المرشح الوسطى: سأنفذ إصلاحاً اقتصادياً شاملاً.. ولا أستطيع التشبه بـ«ديجول».. واستطلاع رأى: ربع الناخبين يمتنعون عن التصويت.. واليساريون يشعرون بـ«الإحباط»
وأظهر الاستطلاع أن 69% من الناخبين الذين يعتزمون الامتناع عن التصويت سيفعلون ذلك لرفضهم الاختيار بين «ماكرون» و«لوبان»، بعد أن صوت كثيرون لصالح مرشحين أكثر يسارية خرجوا من السباق فى الجولة الأولى.
وحاولت مجلة «بارى ماتش» الفرنسية عرض وجهتى النظر فى الساعات الأخيرة من خلال مقابلتين مع «ماكرون» و«لوبان»، وبدا «ماكرون» واثقاً من الفوز، وحاول شرح رؤيته المستقبلة لفرنسا وللعالم، وأشار إلى أنه يرى العالم يعيش فى حالة من الثورة الحضارية، ويرى أنه حدث تسارع فى مفهوم «العولمة»، حيث أصبح العالم يشهد انهياراً للمقاييس المتعارف عليها، وهذا أمر يتعلق بهشاشة النظم الديمقراطية، وبخاصة فى مجال الحرب على الإرهاب.
ونظراً لهذا الوضع فى العالم، يرى «ماكرون» أن النظام الفرنسى يجب أن يشهد «ثورة» لأنه لم يتغير منذ ثلاثين عاماً، ولهذا حدث «الانفجار» فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وهو يرى ضرورة تحقيق «ثورة» فعالة ونزيهة فى المجتمع من أجل إعادة بناء النظام الديمقراطى من أجل أن تصبح فرنسا قوية فى عالم اليوم.
وتابع «ماكرون»: «هناك عدد من الفرنسيين لا يزالون منقسمين، كما أنهم يشعرون بغضب، ولكن أيضاً هناك بعض التفاؤل بمستقبل فرنسا فى المستقبل، وذلك رغم بعض الشكوك، لكن الفرنسيين قادرون على القيام بثورة أكثر عمقاً من غيرهم من الشعوب، وأنا أسمع غضب الناس، ولكن أريده أن يتحول إلى شىء إيجابى، وسوف أتخذ إصلاحات عميقة». وعن مواجهته للشارع الفرنسى حال فوزه، قال «ماكرون»: «الشارع يمكن أن يشل البلاد عندما تحدث خيانة من الرئيس، أو عندما لا يكون واضحاً مع شعبه، لكننى سأقوم بتنفيذ الإصلاحات التى التزمت بها، وقمت بشرحها على نطاق واسع، منذ بداية الفترة الرئاسية».
وحول «العقاب» الذى نال الرئيسين السابقين لفرنسا من الشعب بسبب فشلهما، قال «ماكرون» إن فرانسوا أولاند ونيكولا ساركوزى لم يكونا يستحقان ما نالهما. وتابع إنه سيحاول تجنب مصير الرؤساء السابقين ممن فشلوا خلال نصف قرن من الزمان، عن طريق أسلوب إعادة بناء البلاد بعيداً عن السياسة. ورداً على سؤال بشأن الشخصيات التاريخية التى قد تكون قريبة منه فى السلوك، قال «ماكرون» إنه معجب بعمل الجنرال شارل ديجول، لكنه لا يريد أن يشبه نفسه به، حيث إنه لا يملك تاريخه أو شخصيته.
أما مرشحة اليمين فبدت أكثر تحفظاً، وقالت «لوبان» إنه فى حالة فوزها بالانتخابات فإنها سوف تسعى جاهدة إلى تحقيق المصالح العليا لفرنسا والفرنسيين، وتابعت: «أنا أمثل فرنسا، وسوف أعمل لصالحها، وباسم الفرنسيين لأنهم اختارونى، ولم يكن اختيار شعارات مثل (بالنيابة عن الشعب)، و(اختر فرنسا) من قبيل الصدفة، ولكن من الواضح أننى قد فكرت بعمق فى ذلك، فقد كانت الفترة الرئاسية الأخيرة مكرسة أساساً للأفراد والمصالح الخاصة، ونحن لا يمكن أن نستمر هكذا، وحان الوقت أن يعود الشعب إلى مركز السياسة وصناعة القرار». وأشارت إلى أن الخطوة الأولى سوف تكون استعادة حدود فرنسا، حيث ستأمر على الفور قوات الشرطة، وقوات التدخل السريع، وسوف تضع 3000 فرد من الاحتياط، عند المعابر الحدودية وفى المطارات. وتابعت: «فى حالة انتخابى ستكون رحلتى الأولى إلى بروكسل، حيث سأطلب تنظيم قمة أوروبية بحضور رؤساء الدول ورؤساء الحكومات، وسأقدم جدول أعمالى وأبحث معهم الخيارات المتاحة لنا، وسوف أقود مفاوضات جديدة وحازمة، ولكن ديمقراطية، وسيتم وضع احتمال تنظيم استفتاء شعبى فى الاعتبار». وتابعت: «لست قلقة من أن تقابل أى دولة أوروبية مقترحاتى ببرود، وعلى العكس من ذلك، سيمثل انتخابى فرصة كبيرة لإنقاذ أوروبا، وعودة لأوروبا الحقيقية من أجل شعوبها، وأقترح إطلاق اسم (التحالف الأوروبى للدول الحرة) بدلاً من (الاتحاد الأوروبى)، حيث يمثل الاسم الجديد عودة القارة لأصحابها، وذلك بدلاً من إقناع أولئك الذين يريدون الحفاظ على الاتحاد الأوروبى كما هو، وأنا أعلم أن العديد من البلدان الأوروبية تختلف سياسياً مع مجموع السياسات العامة للاتحاد الأوروبى».
أضافت «لوبان»: «ماكرون يريد الاستمرار فى الاتحاد الأوروبى بوضعه الحالى، ليس هذا فحسب، بل إنه يريد تعزيز قبضة الاتحاد الأوروبى على فرنسا، فهو يريد أن تكون فرنسا جزءاً من أوروبا الاتحادية، ومن يتحدثون عن الفوضى لا يدركون أنهم لا يريدون التغيير إلا عندما يتوافق مع مصالحهم، فالغالبية العظمى من الفرنسيين يريدون عودة الحدود المادية، والحق فى رفض المهاجرين، وهم يطمحون إلى الحمائية الذكية، وإنهاء القيود المفروضة على العمال، وأنا أرفض أوروبا الفيدرالية التى يريدها ماكرون، كما أن الجنرال شارل ديجول رفض ذلك من قبل، وما يحدث هو أن الديجوليين أنفسهم قاموا بخيانة أفكار ديجول الذى رفض مقترح أن تكون القارة اتحادية، ولقد عارضت دائماً هذا التوجه، لأنه سيؤدى إلى حرمان الشعب الفرنسى من فرصته فى تقرير مصيره، وقد كان الجنرال ديجول مصمماً على عدم التفريط فى السيادة الفرنسية، ولم يوافق أبداً على نقل السيادة الإقليمية والنقدية والمالية والتشريعية فى فرنسا».
وفيما يتعلق بالمهاجرين، قالت «لوبان»: «فرنسا شهدت بالفعل موجات كبيرة من الهجرة فى الماضى، وكان لذلك جوانب إيجابية للغاية، واستوعبت البلاد الإيطاليين والبولنديين والإسبان الذين جاءوا منذ قرون ليستقروا على أرضنا دون صعوبة، هم أبناء وبنات فرنسا، ولكن ليس هذا هو الحال الآن بالنسبة إلى بعض المقبلين الذين يريدون تنفيذ مطالب دينية مختلفة، ولا يؤمنون بالاندماج فى فرنسا».