المسئولية غائبة بين 3 وزارات.. و«المزارع المخالفة» تهدد الإنتاج
غياب الرقابة تسبب فى ارتفاع الأسعار
لكل مؤسسة رسمية ردود جاهزة، لا يُلقى فيها اللوم على المسئول، فدائماً ما تكون الحُجج والبراهين وأحياناً المعلومات، مُفنّدة للأزمة موضع التساؤل، ويتجلى ذلك فى موضوع التحقيق، حيث هربت الحقيقة والمسئولية أيضاً بين أربع جهات، ثلاث منها تتمثل فى وزارات الزراعة والرى والتموين، وألقى فيها متحدثوها باللوم على مسئولين من خارج هذه المؤسسات، والرابعة هيئة الثورة السمكية، المنوطة بالدرجة الأولى بالثروة السمكية فى مصر، حيث أبى رئيسها التحدث إلينا، ورفض الرد على هاتفه أحياناً، على مدار عدة أيام، دون أن يفى بوعده لنا بالحديث عن أزمة أسواق الأسماك، بدعوى انشغاله الدائم بالتطوير.
قال محمد سويد، مستشار وزير التموين، إن الوزارة تسعى بكامل طاقتها لضبط الأسواق فى جميع السلع التى يستهلكها المواطن بصفة عامة، وبخصوص أزمة ارتفاع أسعار الأسماك تم تشكيل مجموعات عمل كبيرة على مستوى الجمهورية تابعة لوزارة التموين، بالتنسيق مع المحافظات ومباحث التموين من أجل الرقابة على الأسواق وفرض السيطرة عليها بالشكل المناسب، حتى نضمن للمواطن أحقيته الكاملة فى الحصول على السلعة دون زيادة عن سعرها شبه الرسمى. وأضاف «سويد» أن وزارة التموين تحاول جاهدة إنهاء أزمة توافر السمك بأسعار مناسبة، والتى عانى منها الكثير من المواطنين خلال الفترة السابقة، فقامت بتوقيع بروتوكول مع وزارة الزراعة من أجل الحصول على كامل إنتاجها من الأسماك المختلفة، على أن تتولى وزارة التموين توزيع هذه الأسماك على الأسواق الجماهيرية، مع ضرورة الأخذ فى الاعتبار أن دور وزارة التموين فى مراقبة الأسعار يقتصر على المجمعات الاستهلاكية ومنافذ البيع الرسمية فقط، وأن مراقبة أسعار الأسماك فى الأسواق الحرة لا يقع ضمن اختصاصاتها.
«الزراعة»: أسندنا ضخ الإنتاج لـ«المصرية للتسويق».. ومهمة «التموين» الرقابة والتوزيع.. و«التموين»: نراقب المجمعات فقط.. و«الرى»: دورنا توفير المياه للمزارع
وأشار «سويد» إلى أن ما تقوم به وزارة التموين يتمثل فى بذل جهد كبير من أجل توفير وعرض كميات كبيرة من الأسماك تكفى حاجة السوق المحلية بأسعار تناسب المواطنين، حتى لا تتكرر أزمة ارتفاع أسعار الأسماك كما حدث منذ وقت قريب مرة أخرى، وفى هذا الشأن تمكنت الوزارة من التعاقد على استيراد كميات كبيرة من الأسماك بلغت نحو 60 ألف طن سمك مكاريل، يتم عرضها فى الأسواق خلال الفترة المقبلة بأسعار مناسبة تتراوح بين 22 و24 جنيهاً للكيلو: «إحنا أهم حاجة عندنا خلال الفترة الحالية إتاحة الكميات المعروضة من كافة السلع وليس السمك فقط وعدم وجود اختناقات فى الأسواق، وده هيخلى عندنا وفرة فى المعروض وبالتالى مش هيكون فيه إمكانية لحد إنه يحتكر أو يزود سعر».
من جانبه، أكد الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن «الكثير من الأزمات والمشكلات كانت تظهر لنا فى كل مرة تفتح فيها الوزارة مزاداً على بيع الأسماك، الأمر الذى كان يؤدى إلى ارتفاع أسعار الأسماك بصورة كبيرة خلال الفترات السابقة التى عانى فيها كثيرون من هذا الأمر، ومن أجل ذلك قرر وزير الزراعة مؤخراً أن يتم ضخ إنتاج وزارة الزراعة كاملاً من الأسماك إلى الشركة المصرية لتسويق الأسماك، على أن تقوم وزارة التموين بدورها فى توزيعها والرقابة عليها فى الأسواق، وهو الأمر الذى أدى إلى انخفاض أسعار الأسماك بشكل كبير خلال الفترة القليلة السابقة وبعد اتخاذ هذا القرار من وزير الزراعة».
وأضاف «عبدالدايم» أن الفترة الأخيرة شهدت انتشار أعداد كبيرة من مزارع الأسماك المخالفة، إلا أن وزارة الزراعة غير مقصرة من جانبها فى هذا الأمر، فهناك حملات مكثفة تقوم بها الوزارة باستمرار، وكل من يتم ضبطه يحرر ضده محاضر وتغلق المزرعة على الفور فى حال عدم تقنينها، أما بالنسبة للمزارع الرسمية، فهناك إشراف دائم من الوزارة عليها، مع ضرورة الأخذ فى الاعتبار وجود دور أساسى تلعبه وزارة الصحة فى متابعة أسواق السمك حتى لا يتلاعب التجار فى مسائل بيع الأسماك غير السليمة، وهنا يبرز الدور الأهم لهيئة الخدمات البيطرية، التى تلعب دورها فى الرقابة على أسواق الأسماك، حسب قول «عبدالدايم»، وفى حالة وجود ما هو مخالف يتم إعدامه على الفور ويُتخذ ضد المسئول عنها الإجراء اللازم.
وتابع «عبدالدايم»: «هناك استراتيجية كبيرة فيما يخص الثروة السمكية فى مصر، وهو ما تقوم عليه وزارة الزراعة حالياً بالتعاون مع غيرها من الوزارات المعنية فى هذا الشأن، فلا يوجد أدنى شك أن إنتاج مصر من الأسماك حالياً لا يكفى الاستهلاك المحلى، إلا أن ما نستورده فى الوقت نفسه ليس كميات كبيرة، وما تسعى إليه الوزارة حالياً هو زيادة الإنتاج خلال الفترات المقبلة حتى يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتى من السمك دون الحاجة إلى الاستيراد من الخارج».
وأكد المهندس وليد حقيقى، المتحدث باسم وزارة الرى، أن الثروة السمكية فى مصر تقع مسئوليتها على العديد من الجهات والوزارات التى يجب أن تتضافر جهودها جميعاً من أجل الارتقاء بهذه الثروة، ولكن المسئولية الرئيسية تقع على عاتق وزارة الزراعة، ووزارة الرى لها دورها المعروف والأساسى فى هذا الشأن، والمتمثل فى توفير المياه اللازمة لبحيرات ومزارع السمك فقط، وأوضح «حقيقى» أنه عادة ما يكون هناك تنسيق بين وزارة الرى وغيرها من الوزارات المعنية بهذا الشأن فى كافة الأمور السابقة أو اللاحقة لإنشاء مزارع السمك، لا سيماً أن هناك، حسب قوله، العديد من مزارع السمك غير المقننة فى عدد كبير من محافظات شمال الدلتا، التى حولت كميات كبيرة من الأراضى الزراعية إلى مزارع وبحيرات سمكية، ضاربين بالقانون عرض الحائط، خاصة أن هذه المزارع توفر لهم ربحاً كبيراً، أكبر من ذلك الربح الذى يمكن لهم أن يجنوه إذا ما قاموا بزراعة هذه الأرض، وبالتالى يستغنى كثيرون عن الزراعة فى أرضهم مقابل تحويلها إلى مزرعة للسمك، مع العلم أن مزارع السمك من أنواع المشروعات التى تستهلك كميات كبيرة من المياه: «دور الوزارة إنها توفر الميّه، ولو الأصل فى الأرض إنها زراعية أنا بوفره ميّه، ولو اتحولت زراعية بتستهلك ميّه أكبر، وهنا بتدخل تحت إطار تبديد ميّه أكبر من المطلوب». وتابع «حقيقى» أن هناك العديد من مزارع السمك المخالفة داخل فرع رشيد نفسه، لأن القانون يُجرم عمل أى مزارع سمكية على فروع النيل، خاصة فى شمال الدلتا، وبالتالى يخرج هنا نوع آخر من التنسيقات بين وزارتَى الرى والزراعة يجب أن يكون مُفعلاً بشكل كبير من أجل فرض السيطرة على تلك المزارع، وهناك دور آخر رئيسى تقوم به وزارة الرى فى هذا الشأن وهو الجزء الخاص بتحسين بيئة ومياه مزارع السمك، ولذا فدورنا هو تحسين المياه، أما باقى التطويرات فيكون فيها تنسيق بين وزارات الرى والزراعة والبيئة.