إسلاميون وخبراء: الصعيد بيئة حاضنة للإرهاب.. و«داعش» منتشر منذ 2013
محمد حبيب وصبرة القاسمي ونبيل نعيم
أكد إسلاميون وخبراء أن الصعيد هو المنطقة الأكثر راديكالية فى التطرف، مؤكدين أن أفكار تنظيم داعش منتشرة هناك منذ أعوام طويلة، وقال العقيد حاتم صابر، القائد السابق لوحدة 777، خبير مكافحة الإرهاب: «الصعيد مجتمع قبلى وهو ما يميزه بالتعصب للعادات والتقاليد، فهو الأكثر ميلاً للعنف عن أى مجتمع آخر، ليس فى مصر فقط بل فى كل المجتمعات القبلية على مستوى العالم، فتجد انتشار العنف فيها، وبالمناسبة الإرهاب فى مصر فى التسعينات كان متمركزاً فى الصعيد فى المنيا وأسيوط، فكل عمليات تجار الذهب وقوات الشرطة من جنوب مصر، لأنها منطقة صعبة، لكن الإرهاب الآن أتصور أنه ليس صنيعة دولية، بمعنى أن المشاركين به من داخل الدولة، لكن التخطيط دولى والمشاركين فى تدريب العناصر الإرهابية والتفجيريين على مستوى عال جداً من التدريب، وهؤلاء غير موجودين فى مصر فيتم استدعاؤهم من الخارج للوجود بمصر، ويتم نشرهم فى الصعيد باعتباره مجتمعاً قبلياً ثم يحول النزعة القبلية لنزعة دينية».
«صابر»: مجتمع قبلى يميل للعنف.. «الزعفرانى»: القطبيون يسيطرون.. و«حبيب»: مطلوب حرب فكرية
وقال اللواء ممتاز فتحى، مساعد وزير الداخلية السابق: «الثأر هو ما يخلق داخل تلك العناصر العنف، فهى عملية نفسية تراكمية، فمنطقة الصعيد تعد منطقة أطراف وليست مركزاً للدولة، فكانت ملاذاً لكل عناصر العنف، سواء كانت جهاداً أو سلفية تكفيرية أو جماعة إسلامية، فمثل الصعيد منطقة أكثر أريحية خلال فترة السبعينات والثمانينات، وشكلوا بؤراً فى أماكن عديدة، وفى عهد جماعة الإخوان تم استدعاء عناصر إرهابية من السجون ومن الخارج لنشر عناصر فى الصعيد وسيناء، وأعتقد أن مكافحة الإرهاب تأخذ فترة ليست بقليلة».
وأكد خالد الزعفرانى، القيادى الإخوانى المنشق: «أهل الصعيد لهم تركيبتهم الخاصة التى تتمثل فى الميل للعنف بالبيعة، فتلك تركيبة نفسية وطبيعة بيئة محيطة من جبال ومناطق يسهل الهروب لها، فالحكومة لم تقدر على المجرمين فى الصعيد، كذلك الإرهاب، والتجربة السابقة للجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد والعنف الذى مارسوه فى أسيوط والمنيا، وللأسف هناك مسابقة كبيرة بين التائبين وبين الشارع والشباب الآن أدى ذلك لتعلق الشباب بالفكر المتطرف المنتشر على الشبكة العنكبوتية، كذلك المنتشر بين القطبيين المتسلفين فى الصعيد»، وأضاف: «الجماعة الإسلامية عاجزة عن نشر مراجعاتها الفكرية، والشباب أصبح غير مؤمن بالسلمية، وجماعة الإخوان لم تكن موجودة فى الصعيد فى الماضى، لكن شباب الآن موجود فى الصعيد بعد انتشار الفكر التكفيرى بينهم، فهم المشاركون فى عمليات الاغتيال والتفجير التى تحدث فى الشارع المصرى».
وأوضح محمد حبيب، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان السابق: «لا توجد حاضنة للشباب الموجود فى مصر الآن، وللأسف الصعيد بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف، فى ظل غياب الوسطية، فخلال الربع قرن الماضى انتشرت جماعات العنف فقط داخل الصعيد سواء كانوا جماعة إسلامية أو جهاداً، حتى الإسلاميون الذين كانت لديهم قضايا كانوا يهربون للصعيد، فهو بيئة حاضنة للتطرف عن غيره، فهناك موجة عنف جديدة تظهر لأن الدولة حينما حاربت الإرهاب حاربته عسكرياً دون حرب فكرية قوية قادرة على إنهاء هذا الفكر ودحره، كذلك الوضع الاقتصادى الموجود هناك فلا توجد تنمية قوية، بالإضافة إلى عجز الوسطية عن الوجود.
وقال شريف أبوطبنجة، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية: أصحاب الفكر الوسطى يعتذرون عن عدم الحضور للصعيد لعدم قدرتهم على مواجهة الفكر هناك، فالتطرف منتشر بقوة، نظراً لتخلف بالصعيد فلا يوجد أى تطور، فى المقابل انتشار العمل الخيرى للجماعات الإرهابية وقدرتها على نشر فكرها فى ظل تقهقر مستوى التعليم هناك، فنحن لم نستفد من الدرس الذى حدث من الجماعة الإسلامية فى عهد السادات، فما زالت نسب معدلات الفقر والجهل مرهقة ونحن بالفعل أمام كارثة حقيقية فى الصعيد، فالجماعات الكبرى تحضر الانتحاريين من الصعيد ليفجروا أنفسهم فى القاهرة والدلتا، فى ظل غياب أمنى معلوماتى عن التحركات الخاصة بهم، فالعناصر التفجيرية منتقاة بعناية فهى لا تتقهقر ولا تفهم سوى ما يقال لها».
وأكد الشيخ صبرة القاسمى، الجهادى السابق، الباحث فى شئون الإسلام السياسى: «هناك محاولات مستميتة لداعش للدخول فى الصعيد، وبدأت تلك المحاولات فى 2013 لمحاولة إقناع أعداد من شباب الحركات الإسلامية الذين منوا بخيبة الأمل بعد ثورة 30 يونيو، وبعد أن لفظ الشارع المصرى جماعة الإخوان ورئيسهم، فبدأ اتجاه داعش لهؤلاء الشباب استناداً إلى أن هناك أرضاً خصبة للإرهاب فى الصعيد، خصوصاً بعد التجربة القديمة التى خاضتها مصر فى الثمانينات والتسعينات، التى استطاعت الدولة المصرية السيطرة عليها، فأراد داعش إحياء التجربة من خلال إحياء الجهاد فى نفوس الشباب، فبدأت اللجان الإلكترونية التركيز عليهم واستهدفت عدة محافظات على رأسها محافظة قنا بالضغط على هؤلاء الشباب من خلال المعلومات الخاطئة عن الجيش المصرى وشركاء الوطن والمسيحيين، وبدأت تبرر لهم عمليات القتل والاغتيالات وغسل عقول الشباب للسيطرة عليهم وصناعة عدد من الانتحاربين»، وأضاف: «ظهرت نتيجة تحركات داعش فى الحوادث الأخيرة، وأعتقد أن هناك عدداً ليس بقليل ممن تلقوا الفكر الداعشى والعقيدة الداعشية وهم على استعداد أن يعيدوا الكرة مرة أخرى، وتم ضبط عدد كبير من المزارع التى بها أعداد كبيرة من الإرهابيين ونسب من المتفجرات تنسف محافظات، وهناك عدد كبير من الجهاديين تسللوا إلى الصعيد، لأنه ملائم لهم وهؤلاء يحملون فكر الدواعش بالإضافة للعائدين من سوريا والعراق الذين تمكنوا من صناعة بؤرة توتر فى صعيد مصر ومنهم إحدى الخلايا التى ضبطتها القوات المسلحة المصرية فى إحدى المزارع جنوب غرب أسيوط بالقرب من الفرافرة».
وقال الشيخ نبيل نعيم، زعيم تنظيم الجهاد السابق: «طبيعة الصعيد الجبلية تجعله مرتعاً خصباً وبيئة صالحة وجاذبة للإرهابيين، فكافة جماعات التطرف والعنف تنتشر فى مناطق الصعيد، وداعش موجودة هناك بين الشباب، وعلى الدولة ألا تعالج الأمر بسطحية بل يجب العمل على مكافحة تلك الظاهرة الخبيثة الدخيلة على أهل الصعيد، ويجب أن تكون المواجهة فكرية وثقافية وسياسية، فمعظم الشباب المشارك فى عمليات العنف فى مقتبل العمر، وهو ما ينذر بالخطر من انتشار هذا الفكر بين شباب الصعيد».