«يحيى».. بين «طوق» و«إسورة»
صورة تعبيرية
«آه يا لاللى يا عينى يا لاللى.. ع اللى اتغرب راح ولا قال لى».. هكذا تغرّب الشاب.. خلفه ترقد «الكرنك» بمعابدها الفرعونية القديمة، وبيوتها الطينية الفقيرة، وخرافاتها التى لا تنفد، وأمامه تنتصب القاهرة كساحرة من كتب الحواديت، تكاد تهمس له أن «اقترب»، هنا يتلمس يحيى الطاهر عبدالله خطواته الأولى فى الكتابة الأدبية.. هل رأى أحد منكم أديباً شاباً يكتب القصة القصيرة، ثم يحفظها عن ظهر قلب، ويجلس على مقاهى وسط البلد يلقيها كما يلقى الشاعر قصيدة؟ الإجابة تجدها عند «يحيى»، وحده قادر على ما يعجز عنه الآخرون، وحده يستطيع أن ينقل الصعيد كما عاشه، خرافة كبيرة يتناقلونها جيلاً بعد جيل، «طوق» من التقاليد البالية تشد العنق، و«إسورة» من الحديد الصدئ لا يمكن انتزاعها من اليد بسهولة، الصعيد عنده ليس أكثر من «ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً»، «حدوتة» يتشاجر فيها الأهالى مع صاحب طاحونة اعتراضاً على دخول الطاحونة للبلدة: «إحنا من عمرنا بنشوف المكن ما بيدورش إلا إذا أكل عيل صغير.. الولد يصرخ وتشتغل المكنة».. «حدوتة» تزور فيها سيدة لا ينجب زوجها، شيخاً معتكفاً فى المعبد، لتخرج وقد حملت بذرة تضعها طفلاً بعد عدة أشهر.. «حدوتة» تنتهى بحادث سيارة كانت تقل يحيى وابنته أسماء على طريق الواحات ليموت الأب، تاركاً ابنته تتلقى «الحدوتة» هذه المرة شعراً على لسان أمل دنقل: «ليت أسماء تعرف أن أباها صعد.. كيف يموت الذى يحيا وكأن الحياة أبد».