عمرو عبدالهادى: نسعى لاستثمار 10% من التماسيح.. والسنتيمتر بـ5 دولارات
المهندس عمرو عبدالهادى
قال المهندس عمرو عبدالهادى، رئيس وحدة التماسيح بقطاع حماية الطبيعة فى وزارة البيئة، إن الوزارة ستقدم ملفاً لاتفاقية تنظيم الاتجار فى الحيوانات البرية المهددة بالانقراض «سايتس» للحصول على حصة تصديرية لجلود ومنتجات التماسيح بحلول عام 2019، لافتاً إلى أن ذلك سيتزامن مع إنشاء أول مزرعة لتربية التماسيح بمساحة 160 فداناً، على أن يكون أول إنتاجها بعد نحو 3 سنوات.
أضاف «عبدالهادى»، فى حوار لـ«الوطن» على هامش جولتنا فى عشش التماسيح ببحيرة ناصر، أن المصريين يعلق بأذهانهم «أساطير» ليس لها علاقة بالواقع بشأن التماسيح، ومنها طولها، وشراستها، موضحاً أن الاستثمار فى التماسيح لن يؤثر على مجتمعاتها أو أعدادها فى بيئتها الطبيعية المتمثلة فى البحيرة، مع وضع ضوابط صارمة للاستثمار فيها، وإلى نص الحوار:
رئيس «وحدة التماسيح» بـ«البيئة»: أول مزرعة ستكون بمساحة 160 فداناً.. وإنتاجها يبدأ بعد 3 سنوات.. ولن نؤثر على مجتمعاتها فى «البحيرة»
■ تتجه وزارة البيئة بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية الأخرى لإنشاء أول مزرعة لتربية التماسيح واستغلالها فى مصر.. كيف بدأ هذا الأمر؟
- كانت فكرتنا أنه ما دامت لدينا تماسيح، ويُقال إن عددها كبير، لماذا لا نستفيد منها رغم أن هناك دولاً أفريقية وغيرها من الدول تستفيد من التماسيح الموجودة على أراضيها، ويدخل لها ملايين الدولارات.
■ لكن كيف توجد التماسيح بكثرة فى مصر ولا يراها أحد إلا فى حوادث نادرة؟
- التماسيح مرت بفترات مختلفة من حيث كمية وجودها بمصر؛ ففى أيام قدماء المصريين كانت منتشرة من أسوان حتى فرعى نهر النيل فى رشيد ودمياط، ثم بدأ الإنسان يعرف وجود قيمة لجلودها؛ فجرى صيدها بشكل جائر دون أى نظام حتى كانت «شبه انقرضت» من مصر حتى بناء السد العالى، وحينها كانت فرصة للتماسيح أن تجد من بحيرة ناصر بيئة مناسبة لتستعيد عافيتها، وتتكاثر، وتنتشر فى البحيرة، خاصةً أنه لم تكن هناك أنشطة ملحوظة هناك فى تلك الفترة.
■ لكن تظهر تماسيح من فترة لأخرى فى نهر النيل والترع والمصارف؟
- تلك التماسيح تكون صغيرة، وتُهرب بشكل غير شرعى من بحيرة ناصر بعد صيدها، ولكنى أؤكد أن التماسيح انقرضت من نيل مصر فى «منطقة ما بعد السد العالى» من قبل بنائه بفترة زمنية ليست بالقليلة.
عشش الصيادين تبعد 4 أمتار عن مياه البحيرة دون فواصل عن التماسيح.. ولو كانت «بتجرى ورا الناس زى مابتظهر فى الأفلام» لم تكن لترى صياداً واحداً فى المياه
■ وهل يمكن صيد التماسيح أو الاتجار بها فى مصر حالياً وفقاً للقوانين والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر؟
- القوانين تُحرم صيد التماسيح بقصد الاتجار أو التعامل معها أو تدمير أعشاشها، كما أننا مرتبطون باتفاقية دولية تسمى «سايتس»، وهى الاتفاقية التى تنظم الاتجار فى الحيوانات البرية، وكان «التمساح النيلى» فى ملحق واحد فى الاتفاقية، وهو ما يجيز التعامل معه لأغراض علمية، ولكن الاستثمار فيه لم يكن مسموحاً، ونجحنا فى نقل التماسيح من «الملحق واحد» إلى «ملحق 2» فى عام 2010.
■ وكيف تخططون للاستثمار فى التماسيح إذاً؟
- بدأنا منذ عام 2008 فى أخذ الخطوات بشكل سليم، وكانت المشكلة التى تواجهنا هى عدم وجود معلومات كافية عن التماسيح فى بحيرة ناصر؛ فبدأنا فى دراسة التماسيح من أعدادها، وانتشارها، ومجتمعاتها، وهنا استعنا بالخبرات الدولية فى مجال التماسيح، وتحديداً «مجموعة المتخصصين فى التعامل مع التماسيح حول العالم»، وهى الموجودة ضمن الاتحاد العالمى لصون الطبيعة، ووقتها دربونا على التعامل مع التماسيح، ورصدها، والقياسات التى ينبغى أن نجريها عليها، ومن ثم بدأنا العمل، وأرسلنا مقترحاً لاتفاقية «سايتس» ليتم نقل التمساح النيلى إلى «ملحق 2»، ولكنهم رفضوا إعطاءنا «كوتة» للاستثمار فيها.
رئيس «وحدة التماسيح» بـ«البيئة»: أول مزرعة ستكون بمساحة 160 فداناً.. وإنتاجها يبدأ بعد 3 سنوات.. ولن نؤثر على مجتمعاتها فى «البحيرة»
■ ولماذا؟
- كان لديهم تعليقات على موضوع الدراسة التى أجريناها، لأنه كانت لديهم استفسارات عن خطة الإدارة المتكاملة فى الموضوع، وأن يتم الفصل بين الاتجار الشرعى، وغير الشرعى، والضوابط التى سيتم عليها استثمار التماسيح، وهو ما بدأنا العمل عليه مؤخراً.
■ وما خطوات عملكم فى هذا الصدد؟
- أول خطوة هى كسر الحاجز الدولى الذى يقف أمامنا دون الاستثمار فى التماسيح.
■ وكيف بدأنا العمل إذاً وهو أمر محظور علينا وفقاً للاتفاقية الدولية؟
- يجوز لك أن تجرى دراساتك، وتنشئ مزرعة التماسيح، ولكن الاتجار نفسه فيها يحتاج للموافقة من جانب أمانة الاتفاقية، ونحن أخذنا مؤخراً عدة خطوات فى طريق البداية لاستثمار التماسيح.
■ وما نوع الاستثمار الذى سيجرى عليها؟
- يهمنا كوزارة بيئة أن يكون هناك توازن بين الحفاظ على البيئة، والاستغلال الاقتصادى لها؛ فالحفاظ على البيئة «عدة مدارس»؛ فمنها ما يمنع أى شىء للحفاظ على البيئة، وهى مدرسة قديمة ولها أخطاء، ولكن المدارس الجديدة هى «المنفعة المشتركة»، بحيث يتم السماح بها، ولكن ضمن ضوابط وقواعد صارمة.
سننشئ أماكن لاستقبال السائحين بـ«المزرعة» لتصبح مشاهدتها مصدر دخل إضافى.. والتماسيح منقرضة «بعد السد العالى» بسبب الصيد الجائر قديماً
■ وكيف نخطط للعمل فى «مزرعة التماسيح»؟
- سنعمل عبر طريقة «المرابى» أو ما يعرف دولياً بالـ«Ranching»، وهى ما تمكنا من أخذ بيض التماسيح عقب وضعه، لننتظر حتى يخرج التمساح، ونكبره، أو نأخذ تماسيح صغيرة، ونكبرها؛ فلكم أن تعلموا أن التمساح الواحد يضع 40 بيضة فى العام، وفى البرية يعيش واحد أو اثنين منها فقط، نظراً لوجود مفترسات مثل الثعالب والورل تأكل «البيض»، كما أن التمساح وهو صغير تأكله الأسماك الكبيرة أو بعض الطيور أو تماسيح أخرى، ثم حينما يصل لمتر أو أكثر يستطيع أن يعيش، وفى طريقة عمل المزرعة المقترحة سنجمع «البيض» أو التماسيح الصغيرة، سنوفر حماية لكائنات ثم تعيد واحداً أو اثنين للطبيعة لتحافظ على التوازن، وهنا نربط الاستثمار فى التماسيح بالحفاظ على الحيوان الموجود بالبرية، لأنه المصدر الذى سيؤخذ منه «البيض»، وهو النموذج الذى سنعمل عليه، فيما أن هناك نظاماً آخر، يسمى دولياً بـ«Farming»، حيث يتم إدخال تماسيح بالغة، وتوفير مناخ للتكاثر وإنتاج البيض، ونحن نكمل دراستنا وتقاريرنا حالياً عن المشروع لتقديمها كاملة لـ«سايتس».
■ ومتى سنقدم الدراسات لهم؟
- خلال اجتماع الاتفاقية المقبل فى عام 2019.
■ وهل سننتظر موافقتهم حتى نبدأ المشروع على الأرض؟
- عقب الدراسات الاقتصادية والفنية للمشروع سنبدأ الإنشاء، لأن الإنتاج من المزرعة ليكون جاهزاً للاستثمار لن يكون قبل 3 سنوات، وحينها سنكون أخذنا الموافقة، لأن وضعنا الراهن يسمح لنا بتخصيص «كوتة» معينة للاستثمار فى عدد من التماسيح سيحدد بالتعاون مع الاتفاقية.
■ وما الاستفادة الاقتصادية التى ستعود علينا من المشروع؟
- تستطيع أن تخرج من التمساح بمنتجات كثيرة، بدءاً من الجلد الذى يباع السنتيمتر الواحد فيه من 3 إلى 5 دولارات؛ فالتمساح الذى يكون طوله تحت متر ونصف، يكون سعره فى المتوسط 250 دولاراً كجلد فقط، ولو التمساح أكبر سيكون المبلغ أكبر، كما تدخل دهون التمساح فى مستحضرات تجميل للبشرة، كما أن لحمه نفسه يباع فى كبريات المطاعم، وفى دول أفريقية يكون لحمه مصدراً للبروتين مثله مثل السمك، ودماء وعظام التمساح نفسها تجمع وتستخدم فى صناعات دوائية، والأطراف والأسنان يكون منها «أنتيكات»، ومن ثم لن يهدر من التمساح شىء حين نبدأ الاستثمار فيه.
■ وفقاً لما ذكرته ما إجمالى القيمة الاقتصادية للتمساح الواحد؟
- نحو 1500 دولار تقريباً.
■ وأين سيكون موقع «المزرعة»؟
- كان الحديث فى بداية المشروع أن تكون المزرعة داخل البحيرة، ولكن لنستخدمها كصناعة؛ فاقترحنا أن تكون عبر مزرعة بأشكال معينة، وأحواض مصممة خصيصاً لها، ومن ثم سيكون مكانها المقترح حتى الآن بجوار قرية نوبية منشأة حديثاً اسمها «قرية كركر»، وهى تبعد عن مطار أسوان الدولى نحو 8 كيلومترات، وتبعد المزرعة عن القرية 2 كيلومتر.
■ وكم ستكون مساحتها؟
- نحو 160 فداناً تقريباً.
■ وكيف ستستغلون المزرعة من بدء إنشائها حتى بداية إنتاج التماسيح للاستثمار فى فترة الثلاث سنوات كما ذكرت؟
- سننشئ أماكن لعرض تماسيح للسياحة لتوفر دخلاً إضافياً للاستثمار فى التماسيح، وذلك سيفيد حتى يبدأ الإنتاج، والاستثمار فى منتج المزرعة.
■ وكيف يضمن أهالى قرية كركر أن التماسيح لن تشكل خطورة على حياتهم؟!
- ستنفذ المزرعة بمعايير، ومعدلات أمان بالغة الدقة حتى نضمن أنه حتى لو حدثت مشاكل كثيرة لا تخرج التماسيح خارج المزرعة، لأننا لا نتعامل مع كائن أليف، بالإضافة لأسوار المزرعة بمواصفات خاصة.
■ وكم عدد التماسيح التى تستهدفون إنتاجها فى المزرعة؟
- سنحدث الأرقام التقريبية لأعداد التماسيح فى بحيرة ناصر، والعدد الذى سننتجه سيكون ما بين 5 إلى 10% من عدد التماسيح فى «البحيرة» حتى لا تتأثر أعداد التماسيح الموجودة فى البحيرة.
■ وكم عدد التماسيح التقريبية فى بحيرة ناصر؟
- البحيرة هى مسطح مائى كبير، وطولها الفعلى 300 كيلومتر فى مصر، وكطول شواطئ نعمل على الرصد فيها نحو 6 آلاف كيلومتر، وهى مساحة ضخمة، كما أن التماسيح ليست كائناً ظاهراً طوال الوقت؛ فتوجد فوق وتحت المياه، وبالتالى نجرى تقديراً للأعداد، فنقول إن البحيرة بها لا ما يقل عن عدد معين، مع إجراء تقديرات عن أعداد التماسيح الموجودة تحت المياه، ثم عدد إجمالى.
■ وكم عددها وفقاً لآخر حصر لكم؟
- آخر حصر دقيق كان فى عام 2009، وقدرنا عدد التماسيح الموجودة فوق سطح المياه بنحو 3 آلاف و500 تمساح، وحينما استخدمنا النظرات العلمية لأعداد التماسيح الموجودة تحت المياه فكان التقدير النهائى لنا ما بين 6 إلى 30 ألف تمساح.
■ وما مدى إمكانياتكم فى التعامل مع التماسيح؟
- من ناحية العمل الفنى على الأرض نتعامل بشكل جيد جداً مع التماسيح، ولكننا نسعى للاستفادة والاستزادة ممن سبقونا فى هذا المجال.
■ وما المشاهدات التى رأيتموها على أرض الواقع جراء التعامل مع التماسيح؟
- سمعنا عنها أساطير كثيرة لا تمت للواقع بأى صلة، وللأسف يتعامل المواطنون معها باعتبارها حقيقة.
■ مثل ماذا؟!
- سمعنا عن تماسيح بطول 30 متراً وغيرها، ولكن موسوعة «جينيس» نفسها تسجل أطول تمساح حتى الآن بطوله 7 أمتار، ولكن خلال 10 سنوات كان أكبر ما رأيناه طوله 5 أمتار، وهناك صيادون تحدثوا عن أطوال أكثر من ذلك.
■ وهل وجود الصيادين بجوار التماسيح خطورة عليهم؟
- أجرينا استطلاع رأى للصيادين عن كون التمساح يمثل تهديداً على حياتهم أو معداتهم أو الأسماك، لكن النتيجة كانت يمثل خطراً على معداتهم، وهى الشباك الموجودة، وإمكانية تقطيعها لهم، ثم الخوف على حياتهم، وهو ما كان أمراً مستغرباً بالنسبة لنا أن يكون خوف الصياد الأول على التمساح سيكون على معداته وليس حياته، خاصةً أن «العشة» التى يعيش فيها الصيادون تبعد 4 أو 5 أمتار عن مياه البحيرة دون فواصل بينهم.
■ لكن التماسيح كائنات شرسة؟!
- لو كانت التماسيح بنفس الشراسة التى نراها فى الأفلام، ووسائل الإعلام بأنها تهاجم المواطنين، وتجرى وراءهم، فلن يكون هناك صياد واحد فى المياه.
■ وهل حدثت حالات وفاة للصيادين بسبب التماسيح؟
- هناك حالة واحدة موثقة، وهناك روايات مختلفة عن حالات وفاة لكن بتفاصيل مختلفة لنفس الشخص وأماكن مختلفة وغير موثقة، وهناك فرد واحد نجد أن التمساح «عض رجله واتبهدلت» لأنه داس عليه «من غير ماياخد باله».
■ وكيف تدرسون التماسيح؟
- فى دراستنا نبحث عن التماسيح ليلاً، لأنها تتخفى فى النهار لأنها ذكية، وليلاً أعكس الضوء على عينى التماسيح، وحينما أذهب إليه بالمركب «يغطس ويجرى، ويطلع ورايا، ويغلبنى لحد ما أمسكه»، ولا يعطينى الفرصة حتى أقرب منه، ولكن فى فترات يكون أكثر شراسة مثل فترات التعشيش مثل التى نزورهم بها الآن، ولكن «ماسمعتش عن تمساح جرى ورا واحد»، وندرس تفاصيل معينة بالتماسيح لنعرف حالتها، بالإضافة لأخذ عينات منها وترقيمها.
■ وهل التمساح لا يصطاد ليأكل؟
- هو يصطاد حيوانات لأكلها، أو حيوانات نافقة، وماشية يرعاها البعض على البحيرة، ولكن لم أسمع عن حوادث كثيرة عن تماسيح فى بحيرة ناصر، مع عدم وجود ما يحول بين التمساح وأى فرد، فلو قارنت بالحوادث التى حصلت بين التماسيح والبشر، وبين الحوادث التى حدثت على 500 متر أسفلت فى 60 عاماً؛ فلن تجد وجهاً للمقارنة، لأن الحالات الموثقة حالتان أو ثلاث فقط خلال تلك الفترة، ولكن الإنسان مصدر إزعاج لأى كائنات حوله، ومن بينها التماسيح.