خبراء علم النفس والاجتماع: قتل «الشيعة» بداية لمرحلة عنف طائفى.. وصمت الرئيس على شعارات المتشددين دفعهم للقتل
اتفق بعض أساتذة علم النفس والاجتماع أن جريمة قتل الشيعة من قبل السلفيين المتطرفين دينياً بداية لمرحلة عنف طائفى تقودها قلة من الجماعات الدينية المتشددة فى ظل تأييد النظام الحاكم لهم وصمت الرئيس على شعاراتهم التكفيرية لمعارضيهم فى المؤتمر الذى عقده لتأييد الجيش الحر فى سوريا، ووصفوا تلك الجريمة بأنها بمثابة إنذار ورسالة للمعارضين بشكل عام وليس للشيعة فقط قبل أسبوع من تظاهرات 30 يونيو المعارضة للرئيس ونظامه.
قال الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى، إن ما حدث يعد دخولاً فى مرحلة عنف جديدة وطائفية فى مصر، لأنه عندما يرى الشعب عدداً من القوى الإسلامية المتشددة، خلال مؤتمر يحضره رئيس الجمهورية فى استاد القاهرة، ويتم الدعوة على طوائف من الشعب وتكفيرهم، فهذا بمثابة تأييد من رئيس الجمهورية، وأن من سيقوم على قتل أحد من الشيعة أو غيرهم ممن لا يتفق مع المنهج الخاص بهم، يعد فى اعتقاد أى متشدد أو متطرف فرصة لدخول الجنة فى اعتقاده، فهو يعتقد داخل نفسه أن ذلك جهاد من أجل الإسلام ونصرته، موضحاً أن رئيس الجمهورية يناقض نفسه، فهو يدعو الشيعة لزيارة مصر والسياحة، وفى الوقت نفسه يجلس فى مؤتمر على الهواء ويبارك الدعوة عليهم وتكفيرهم والموافقة على قتلهم.
أضاف أن رسائل قيادات الإخوان والجماعات الإسلامية المتشددة، بأن قتلاهم فى الجنة وغيرهم فى النار تدفع باستباحة الدماء كيفما شاؤوا باسم الدين.
فيما ذكر الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى، أن هناك احتقاناً عقائدياً بدا خلال هذه الأيام، فى ظل وجود دعوات مستمرة لمحاربة الشيعة والمخالفين أو المعارضين لهم كنوع من الجهاد فى سبيل الله، وما حدث ليس إلا نتيجة للشحن الدائم من قادة الجماعات الإسلامية وغيرهم من المتشددين.
ولفت إلى أن ضعف النفوس يدفعهم لارتكاب الجرائم والدعوات على الناس بحجة نصرة الدين والمسلمين، خاصة ما رأيناه فى المؤتمر الذى حضره الرئيس الأسبوع الماضى باستاد القاهرة، وما شهدناه من دعوات على الشيعة ومن سيخرج يوم 30 يونيو وتكفير من لا يتبعهم، كل تلك المواقف تعد موافقة ومباركة من الرئيس الذى سمع كل هذا أمامه ولم يعلق، فهم يتحركون بموافقته وتحت رعايته، ولم يحسبوا أن مثل هذه التصريحات تسحب منهم الثقة وتفقدهم رصيدهم فى الشارع.
فيما اعتبر بعض أساتذة علم الاجتماع أن مشهد قتل السلفيين المتطرفين للشيعة لم تشهده مصر على مدار تاريخها الطويل، لافتين إلى أن أسلوب القتل البشع الذى اتبعه هؤلاء المتطرفون به دلالة لما سيحدث مع المعارضين لهم فى 30 يونيو المقبل.
وقال الدكتور سمير نعيم، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن ما حدث دليل على غياب دولة القانون، فالشرطة لم تتحرك لإنقاذ هذه الأرواح البريئة التى لا يجب قتلها أبداً بهذه الوحشية مهما اختلفنا معهم فى الرأى أو العقيدة حتى لو كانوا ملحدين، لافتاً إلى أن هذه المجموعات قلة قليلة وفئة منحرفة ومتطرفة فى التفكير، وهؤلاء معروفون جيداً فى التاريخ البشرى وأجريت عنها دراسات نفسية واجتماعية متعمقة وهى الجماعات التى شكلت نظم الحكم الفاشية والديكتاتورية النازية، هؤلاء المتطرفون سواء كان تطرفهم دينياً أو سياسياً يتسمون أولاً بالانغلاق الفكرى أو العقلى بحيث إنهم لا يعترفون بأى رأى أو فكر مخالف لعقيدتهم، وهم أيضاً متطرفون فى رد الفعل للمخالف حيث يلجأون إلى العنف الذى يصل إلى حد القتل والاستبعاد الكامل والإقصاء وهم أيضاً متطرفون فى عواطفهم فهم يكرهون بشدة المخالف لهم، ويحبون بشدة إلى حد التقديس من يعتنق فكرهم، فتراهم يقبّلون يد كبيرهم، والجرائم المتطرفة التى حدثت مؤخراً لا يمكن تعميمها على المجتمع المصرى، خاصة أن من يقوم بها قلة لا تذكر، ولكن بشاعة جرائمهم تدفعهم للظهور وتسليط الضوء عليهم. ولفت «نعيم» إلى أن المجتمع المصرى يتسم بالسماحة والاعتدال على مدار التاريخ.
من جانبه، وصف الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أن تلك الجريمة ليس المقصود بها إقصاء أو تهديد الشيعة وإنما المعارضين لفكر هؤلاء المتطرفين والمختلفين معهم، خاصة أن تنفيذ الجريمة وقع قبل قدوم 30 يونيو بأقل من أسبوع وكأنه مشهد يراد به إرهاب المعارضين لهم، ولفت زايد إلى أن ما حدث به درجة عالية من خلط السياسة بالدين ولا يمت للدين الإسلامى بصلة، خاصة أن الإسلام دين رحمة وتسامح، وأشار زايد إلى أن ما حدث يتعلق بالمؤتمر الذى حضره رئيس الجمهورية ليبارك شعارات المتطرفين وآراءهم، ووصف المغزى الحقيقى الذى يريده المتطرفون فى مصر وهو خلق مجتمع مصرى جديد قائم على العداوة والانقسام.