الإسكندرية تواجه الظاهرة بقوافل تحاليل وأشعة إجبارية .. «بس بيهربوا منها»
منتشرون فى أغلب أنفاق وكبارى المحافظة
«وجوه بريئة يملأها الصدأ، ملامحها حازمة لا تتناسب مع أعمارها، وأجساد ترتع فيها الأوبئة لتتنقل من خلالها إلى الأهالى وتصبح منصة دليفرى أمراض وسط شوارع الإسكندرية المزدحمة».. هكذا بدا أطفال الشوارع فى المدينة الساحلية المسماة بـ«عروس البحر»، الذين يتخذون الأرصفة مقراً ثابتاً لهم.
رصدت «الوطن» فى رحلتها خلف أطفال الشوارع، اتخاذ أغلبهم أرصفة الميادين والشوارع الرئيسية والأسواق ومحطات الترام والقطارات، مناطق للتركز، والحدائق العامة والشوارع المهجورة «مأوى ليلى» لمبيتهم فى فراش واحد، الأمر الذى يسهل من نقل الأمراض من جسد أحدهم إلى باقى الأقران، وبخاصة مع ممارسات الجنس غير الشرعية بينهم، التى يعتبرونها «طقساً» اعتيادياً بينهم يبدأ حتى من قبل البلوغ.
بدأت رحلة «الوطن»، من حديقة الشلالات العامة، بمنطقة باب شرقى وسط الإسكندرية، التى يتركز فيها عدد كبير من أطفال الشوارع، إذ يتجمع قرابة 20 طفلاً بعد منتصف ليل كل يوم، للمبيت تحت الأشجار وداخل «البرجولات» الخشبية المعدة لاستقبال زائرى الحديقة، ليقضوا ليلهم حتى صباح اليوم التالى.
وبسؤال «أ. م. ط»، أحد هؤلاء الأطفال، 9 سنوات، عن سبب لجوئه إلى الحديقة وحياة الشوارع، قال: «لا أتذكر متى وكيف بدأت رحلتى فى الشوارع، لكن كل ما أعرفه هو هذه المجموعة من الصبية والفتيات من ذوى الأعمار المتفاوتة الذين أتحرك فى ركابهم دائماً على الأرصفة أثناء التسول أو نشل الأطعمة من أيدى المارة، أو أثناء المبيت فى الحدائق».
وفى محطة ترام الأزاريطة وسط الإسكندرية، حيث يتجمع 5 من أطفال الشوارع للتسول من المارة والركاب، يقول «ع. ع. م»، ذو الـ13 عاماً: «بنبات فى أى حتة، وكنا الأول بندخل فى مدخل أى بيت نبات فيه لغاية الصبح لكن السكان كانوا بيطردونا، ودلوقتى بننام فى أنفاق المشاة أو أعلى الكبارى.
وعن ممارسة الجنس بينهم أضاف: «ساعات العيال الكبيرة بتعمل كده فينا غصب عننا، وساعات إحنا بنعمل كده مع بعض بمزاجنا، وساعات بيكون ولاد مع بعض وساعات بيكون فى بنات».
ومن جانبه قال كاظم محمود، منسق فريق «شباب الخير» بالإسكندرية، إن ظاهرة تسبب أطفال الشوارع فى نقل الأمراض أصبحت فى غاية الخطورة، وبخاصة بعد انتشارهم فى الكثير من الأماكن المفتوحة، وعدم وجود رعاية أو متابعة طبية من أى جهة رسمية لهذه الفئة. وأضاف «محمود» لـ«الوطن»: «أجرينا أكثر من قافلة طبية للكشف على أطفال الشوارع، إلا أننا دائماً ما نواجه رفضهم للخضوع لأى نوع من الكشوفات أو التحاليل، وخاطبنا الكثير من الجهات الرسمية فى هذا الشأن إلا أن أحداً لم يستجب أو يرد».
وأشار منسق فريق «شباب الخير»: «رصدنا إصابة الكثير من أطفال الشوارع بأمراض معدية قد تكون سبباً فى انتقال الأمراض إلى المواطنين حال اختلاط هؤلاء الأطفال بغيرهم، ولا أعنى فقط انتقال الإيدز عبر العلاقات الجنسية غير الشرعية، بل يمكن انتقاله وغيره من الأمراض عبر أدوات قص الشعر فى صالونات الحلاقة أو الاحتكاك المباشر فى وسائل المواصلات وخلافه».
«الإيدز ليس الخطر الوحيد، وفيروس سى والأمراض الوبائية والجلدية الأخرى أبرز الأمراض».. هذا ما أكده خبراء الطب لـ«الوطن» فى شأن أطفال الشوارع.
ويقول هشام الدخس، مدير مستشفى الحميات بالإسكندرية، إن الإيدز ليس المرض الوحيد الذى يتم نقله من أطفال الشوارع إلى بعضهم البعض، بل مجموعة كبيرة من الأمراض يتم نقلها أيضاً أهمها الجلدية والهضمية وفيروس «سى».