بــ"الشمسية".. عم إبراهيم يحمي "كولدير" من الشمس: "خليهم يشربوا ساقع"
كولدير للمياه
يلفت الانتباه ويجذب كل المارة في أحد شوارع الدقي الجانبية.. "كولدير مياه" مُغطى بشمسية، موضوع على أحد الأرصفة كصدقة جارية، يقف أمامه إبراهيم جابر ماسكًا بيديه قطعة قماش لتنظيفه، ورغم كبر سنه وسوء حالته المادية التي تفضحها ملابسه، إلا أنه قرر الاهتمام به على طريقته الخاصة من أجل الآخرين.
فعندما وضع أحد الأشخاص هذا الكولدير أمام مكان عمل "عم إبراهيم"، الذي يعمل سايس جراج في عقار، قرر الحفاظ عليه من الأطفال، وحمايته من الشمس بشمسية، ليستظل تحتها من يحتاج إلى الراحة، كما أنه يُغير الأكواب كل فترة لضمان نظافتها، وليشرب منه الجميع دون قلق أو خوف على صحتهم، قائلًا: "واحد عمل خير إحنا ليه منكملش على خيره، ونحافظ على الحاجة".
يشعر "عم إبراهيم" البالغ من العمر 53 عامًا بالضيق، عندما يجد أشخاصًا يأتون لغسيل وجههم أو الوضوء من مياه "الكولدير"، قائلًا لهم: "عايزين تتوضوا أو تغسلو وشكم تعالوا عندي في الجراج، لكن حرام ليه تخلوا الناس تقرف من الكوليدر، ويتحول لحوض والمياه الباردة تقل"، ويرى أن هذا الكولدير فقط لشرب المياه لمساعدة العطشان، "إيه طيب ما غيرك تعبان.. وعايز يشرب مية ساقعة".
جاء الرجل الخمسيني المصاب بـ"الغضروف" في 4 فقرات إلى القاهرة من المنوفية عام 1992، بعد غلق مصنع البلاط الذي كان يعمل به، ليبحث عن لقمة عيش للإنفاق على أسرته، حتى استطاع أن يُصبح مسؤولا عن جراج في أحد العقارات.
"الشكوى لغير الله مذلة".. هكذا وصف "عم إبراهيم" حاله، فرغم ظروفه الاقتصادية الصعبة، كونه يعول زوجته وأولاده، بجانب زوجة شقيقه وأبنائهم الذين يعيشون معهم، بسبب سجن الأخ نتيجة "خطأ" في عمله كسكرتير في النيابة، إلا أنه يحرص على الصلاة، وحمد الله لما أعطاه من رزق حتى ولو قليل: "أنا باخد 500 جنيه، في غيري مش لاقيهم فأنا بركع لربنا، لأن لولا المكان ده مكونتش لاقيت آكل عيش".
يذهب "إبراهيم" كل شهر إلى منزله في المنوفية لأسرته بضعة أيام، حيث إن لديه 7 أبناء، منهم اثنان تزوجا ويعيشان في القاهرة، وثالث في الجيش، وآخر يعمل على "عربة كبدة"، ويتمنى "عم إبراهيم" أن "يجوِّز" الفتاتين اللتين حرص على تعليمهما، معبرًا عن رغبته العمل ليدخر المال لأداء "العمرة".