بروفايل| "ديفز".. "بوابة" الأدباء العرب إلى العالمية
ديفز
كان الطفل لا يعرف كثيرًا عن العربية، لكنه وجد نفسه بتلقائية يخبر والده: "أريد تعلم العربية"، تمر السنوات ويصير شابًا، ليقبل على أمهات الكتب في اللغة العربية يلتهمها، يترجم بعضها إلى لغة "العم سام"، ليكون بمثابة "البوابة العالمية" لأغلب الروايات العربية التي عرفها الغرب، ونقلها "دينيس جونسون ديفز" بتصرف إلى المثقف الغربي.
وسط المروج والحدائق التي تحاصر المنازل في الفيوم، قضى الطفل دنيس جونسون ديفيز، سنوات من عمره، حيث ولد في كندا عام 1922، ليلتحق في منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين بجامعة كامبردج لدراسة اللغة العربية، ومن ثم يعكف على ترجمة كتب كبار الأدباء أبرزهم روايات نجيب محفوظ والروائي صنع الله إبراهيم وسعيد الكفراوي وغيرهم.
جزءًا كبيرًا من حياة دنيس جونسون قضاه في مصر، حيث قضى فترة طفولته في القاهرة ثم وادي حلفا بالسودان ثم تنقل بين أوغندا وكينيا، كما درس في جامعة الملك فؤاد (القاهرة حاليًا)، وبينما كان ينشغل بالترجمة في المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة، قضى فترة أخرى من حياته في إحدى قرى الصعيد مع صديق مصري يدعى محمد حبيب، ليتأثر بالثقافة المصرية في عاداتها وتقاليدها.
حان وقت رحيل "شيخ المترجمين" عن القاهرة، وذلك في عام 1949، عندما انتقل إلى بغداد فتعرف على مثقفين عرب آخرين، مثل: جبرا إبراهيم جبرا وتوفيق صايغ وبلند الحيدري وعبد السلام العجيلي، ولكنه انشغل بترجمة قنديل أم هاشم ليحيى حقي، ولم تكن عملية نشر الأدب العربي المترجم إلى الإنجليزية سهلة.
أثناء ترجمته كتب نجيب محفوظ، كان يتعجب من تلك الازدواجية في اللغة العربية المنطوقة والمكتوبة، وكان يميل إلى أن تكون كتابات نجيب محفوظ بالعامية، إلا أن الأديب المصري كان يصر على الفصحى، معتبرًا ذلك يتيح القراءة لأكثر من عربي في مختلف الأقطار العربية، لكن ديفز لم يقتنع بذلك.
"أسعدني كثيراً أن تأتي هذه المبادرة الكريمة في هذا الوقت بصفة خاصة، فمن يدري.. ربما لو أنهم تأخروا أكثر من هذا لما وجدوني!".. بتلك المداعبة، علق جونسون على حصوله على جائزة الشيخ زايد، جائزة شخصية العام الثقافية عام 2007.
وقبل أن يرحل عن عالمنا اليوم، عن عمر يناهز الـ95 عامًا، ترجم ما يزيد على 25 رواية ومجموعة قصصية قصيرة من اللغة العربية، أبرزها أعمالاً قصصية لنجيب محفوظ إلى الإنجليزية، والتي أدرجت ضمن مجلد أصدرته دار جامعة أوكسفورد للنشر تحت عنوان "قصص قصيرة عربية حديثة".