تقرير: «الشعاب» لم تتأثر بالتغيّرات المناخية رغم خسائر «الحاجز الأعظم» و«جزر الكاريبى»
أسماك الزينة ما زالت تسكن «الشعاب» رغم اندثارها فى عدة بلدان
كشف تقرير صادر عن محميات البحر الأحمر عن أن الشعاب المرجانية الموجودة فى النطاق المصرى لم تتأثر بعد بظاهرة التغيّرات المناخية، رغم تأثر الحاجز المرجانى الأعظم فى أستراليا، وأماكن متعددة بها، فيما رفضت مصادر مسئولة بـ«المحميات» أى محاولات لأخذ عينات من تلك الشعاب لمحاولة استنساخها فى دول أخرى تعانى من ظاهرة التغيّرات المناخية وموت شعابها المرجانية، بعد وجود اتجاه لدى بعض الدول لذلك.
وقال التقرير، الذى حصلت «الوطن» على نسخة منه: «مما لا شك فيه أن التغيّر المناخى وزيادة الانبعاثات الغازية أدى إلى حدوث انعكاسات خطيرة على بيئة كوكب الأرض طالت معظم أشكال الحياة وهددتها بالفناء والزوال والاضمحلال خلال السنوات الماضية، وتعد الشعاب المرجانية الأكثر تعرضاً لمخاطر التغيّرات المناخية، جراء زيادة غازات التدفئة فى الجو وارتفاع حموضة البحار والمحيطات بسبب ذوبان ثانى أكسيد الكربون بشكل متزايد فى المياه وتكوّن حامض الكربونيك الذى يهدد تلك الشعاب المرجانية بالزوال والفناء». وأضاف: «أكد تقرير صادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية أن خُمس مساحة الشعاب المرجانية فى العالم فُقد بالكامل وهو ما يعادل 19% منها، كما أكد التقرير أن 35% أيضاً من تلك الشعاب مهددة بالزوال خلال السنوات القليلة المقبلة».
«الشعاب المصرية» مقاومة لتغيّرات المناخ وحموضة البحر.. والعالم فقد 19% من شعابه بسبب ارتفاع الحرارة والمياه.. والحكومة تتابع 24 موقعاً لرصد أى تغيّرات تصاحب «الشعاب»
وتابع: «تتميز الشعاب المرجانية بأنها كائنات بحرية حساسة لكافة التغيّرات فى بيئتها، كدرجة الحرارة ودرجة الحموضة والتلوث وغيرها من العوامل التى تؤدى إلى تغيّر فى التوازن الأيكولوجى للبيئة البحرية الخاصة بها، وتعد الموائل الطبيعية لهذه الكائنات من أول الأنظمة البيئية البحرية تأثراً بالانعكاسات الخطيرة للتغيّرات المناخية والتى ظهرت فى الأعوام الماضية».
وأوضح التقرير أن الدراسات البيئية تبين أن زيادة تركيز بعض الغازات فى الغلاف الجوى كغاز ثانى أكسيد الكربون يؤدى إلى زيادة كمية هذه الغازات الذائبة فى المسطحات المائية، ما ينجم عنه ارتفاع كبير فى حامضية المياه بسبب تشكل حامض الكربونيك فى المياه، الذى يتفاعل مع أيونات الكربونات الموجودة فى المياه، ككربونات الكالسيوم المكون الرئيسى لهياكل الشعاب المرجانية، ما ينجم عنه ضعف حاد فى تركيب تلك الكائنات البحرية، وهذا بدوره يؤدى إلى إصابة الشعاب المرجانية بظاهرة الأبيضاض، كما أن ارتفاع درجة حرارة المياه يسهم أيضاً فى حدوث هذه الظاهرة المدمرة للشعاب المرجانية».
مصادر: نرفض أى محاولات لاستنساخ شعابنا فى الدول التى تعانى من موتها بعد ظهور اتجاه لدى بعضها لذلك
وأضاف: «تعد ظاهرة أبيضاض الشعب المرجانية من الحالات التى تقتل وتلحق ضرراً بليغاً بالشعاب المرجانية بأسرها، فالمرجان يحمل طحالب مجهرية دقيقة تسمى «زوكسانثيلى» تمده بالغذاء وتصبغه بألوان نابضة بالحياة، وعند ارتفاع حرارة مياه البحار والمحيطات يجهد المرجان الذى يطرد هذه الطحالب، وبالتالى يخسر لونه ويبيض، ثم ينفق إذا لم تعد الطحالب إلى أنسجته فى فترة معينة». وواصل: «وفى حال تجاوزت حرارة المياه الحرارة القصوى المعهودة صيفاً، ولو بدرجة مئوية واحدة، قد يؤدى إلى أبيضاض المرجان، مع الإشارة إلى ارتفاع الحرارة فى المناطق الاستوائية فى الأعوام المائة المنصرمة بدرجة واحدة، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع فى الأعوام المقبلة، وبالتالى إذا فشلت جهود الحد من عواقب تغيّر المناخ فسوف يموت قدر كبير من الشعاب فى غضون عقود، ما يحرم مئات الأنواع من الكائنات التى تعتمد على الشعاب المرجانية كموطن لها».
وأشار التقرير إلى أن هيئة الأرصاد الأمريكية تصدر تحذيرات دولية بناء على توقعات ارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات على نحو غير طبيعى، ما يؤدى إلى حدوث ظاهرة أبيضاض الشعاب، لافتاً إلى أنه خلال عام 2015 أعلنت الهيئة بأن العالم يتعرض لارتفاع غير مسبوق فى درجات الحرارة خلال الفترة من أكتوبر 2015 وحتى يناير 2016 وهذا الارتفاع يؤثر بالسلب على الشعاب المرجانية ويسبب ظاهرة أبيضاض الشعاب.
ولفت تقرير محميات البحر الأحمر إلى أن وحدة الرصد البيئى بـ«المحميات» تابعت الموقف باستمرار، وواصلت متابعة الخرائط أسبوعياً على موقع هيئة الأرصاد الأمريكية، مع إعداد نماذج استبيان لمعرفة حالة الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر مع إرساله لغرفة الغوص ومراكز الغوص بالبحر الأحمر، كما تم التواصل الشخصى مع بعض مراكز الغوص لمعرفة الحالة على الطبيعة وتسجيل أى مشاهدات وذلك بمنطقتى الغردقة ومرسى علم. وأوضح التقرير أن رجال «الرصد البيئى» غاصوا فى بعض الأماكن بالغردقة لبيان حالة الشعاب المرجانية، كما تم التواصل مع بعض الأساتذة من الجامعات المصرية والأعضاء فى منظمات عالمية ومن ضمنهم الدكتور محمد قطب، ممثل مصر فى الاتحاد الدولى لصون الطبيعة فى مجال الشعاب المرجانية، لمتابعة الموقف والمشاركة فى إرسال حالة الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر.
واستطرد: «ولم يظهر تأثير ارتفاع درجات الحرارة على الشعاب المرجانية بالجانب المصرى من البحر الأحمر إلا فى بعض المستعمرات القليلة، التى تعتبر طبيعية، على الرغم من أن الجانب السعودى أعلن تأثر الشعاب المرجانية بارتفاع درجات الحرارة وحدوث أبيضاض للشعاب المرجانية بنسبة عالية».
وتابع: «أعلنت العديد من الدول التى تحتوى بحارها على شعاب مرجانية تأثرها بارتفاع درجات الحرارة عن معدلها الطبيعى فى تلك الأوقات من السنة، ما أدى إلى حدوث أبيضاض للشعاب المرجانية بها، ومن هذه الدول أستراليا التى فقدت نحو 20% من الشعاب المرجانية بالحاجز المرجانى الأعظم، بالإضافة لجزر المالديف». وشدد التقرير على أن إدارة الرصد البيئى بمحميات البحر الأحمر تدير برنامجاً لمتابعة أبيضاض الشعاب المرجانية ضمن برنامج سنوى لمتابعتها منذ عام 2013، لافتاً إلى أنها تتابع 24 موقعاً موزعة بين المنطقتين الشمالية والجنوبية من البحر الأحمر لبيان مدى تأثر شعابها المرجانية بـ«التغيّرات المناخية».
وأضاف التقرير: «أظهرت آخر بيانات تم تجميعها لحالة أبيضاض الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر أن عدد المستعمرات المرجانية المبيضة بالمنطقة الشمالية من البحر الأحمر يتراوح ما بين 0.07 إلى 0.12 مستعمرة لكل متر مربع، فى حين أن عدد المستعمرات المبيضة بالمنطقة الجنوبية من البحر الأحمر يتراوح ما بين 0.05 إلى 0.15 مستعمرة لكل متر مربع».
وواصل: «تعد هذه النسب قليلة جداً وطبيعية جداً مقارنة بباقى الدول حول العالم، ويرجع ذلك إلى تباين درجات الحرارة طوال السنة واختلافها التدريجى من فصل إلى آخر، ما يساعد الشعاب المرجانية على التأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة، كذلك أظهرت العديد من المراجع العالمية أن البحر الأحمر هو آخر البحار التى سوف تتأثر بارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم».
وواصل: «كذلك تقوم محميات البحر الأحمر خلال برنامج الرصد البيئى السنوى للشعاب المرجانية بدراسة قدرة المواقع على مواجهة التغيّرات المناخية فيما يعرف بالمقاومة (Coral Resilience)، وتعطى نتائج هذه الدراسة بيانات عالية تدل على قدرة العديد من المواقع بالبحر الأحمر على مواجهة ظاهرة أبيضاض الشعاب».
واختتم التقرير، قائلاً: «وللحد من ظاهرة أبيضاض الشعاب المرجانية وإنقاذ تلك الكائنات البحرية التى تلعب دوراً مهماً فى حفظ التوازن الطبيعى والحيوى فى البحار، يجب الحد من كمية الغازات الدفيئة الملقاة فى الغلاف الجوى، وإنشاء مزيد من المحميات البحرية، وحماية الموائل البحرية للشعاب المرجانية، وزيادة الوعى البيئى بين عامة الناس، وتحسين مستوى الإدارة الساحلية، ومنع إلقاء النفايات السامة والمواد الخطرة فى البحار، والحد من الأثر السلبى لمشاريع التنمية الساحلية ومشاريع السياحة البحرية على الموائل الطبيعية للشعاب المرجانية، والتركيز على أن ردم بعض المناطق الساحلية ينبغى أن لا يكون على حساب البيئات الطبيعية لتلك الكائنات البحرية، والتى سيقود فناؤها إلى إحداث دمار شامل يطال كافة عناصر الحياة الطبيعية فى بحار العالم».