المحرومون من «لمة العيلة» فى رمضان: متغربين إحنا
عبدالرحيم سعيد
مع بداية الشهر الكريم، يجتمع الأهل كالعادة فى أجواء روحانية مبهجة داخل «بيت العائلة»، لتناول الإفطار معاً، والاستمتاع بمشاعر الدفء العائلى والإحساس بـ«اللمة»، حيث تبدأ حكاياتهم، التى لا تنتهى إلا مع صلاة التراويح، ومع الأذان يخرج الجميع إلى المساجد، بعدها يبدأ السهر حتى الفجر فى أجواء رمضانية مبهجة، لكن هناك الكثيرين ممن حكمت عليهم الحياة، بظروفها المختلفة، بالحرمان من هذه المشاعر، فمنهم من دفعها ضريبة لغربته، ومنهم من فقد عزيزاً له، وأصبح وحيداً من دونه.
شعور بـ«الوحدة» ينتاب أحمد صقر، الشاب العشرينى، المغترب منذ 4 أعوام بين ليبيا والسعودية، وأكثر ما يفتقده فى غربته، هو الطقس الرمضانى المصرى، بداية من الزينة بالشوارع ومعايدات الأهل والأصدقاء والتجمعات والعزائم: «فى الغربة، الشهر زى أى شهر، رغم إن معايا أصدقاء هنا، لكن فى مصر جو تانى».
ارتفاع تكاليف تذاكر السفر هو سبب توقف «أحمد» عن مجرد التفكير فى قضاء الشهر وسط أهله: «أنا باكون نفسى، ومش هاقدر حتى أنزل علشان تكاليف التذاكر غالية جداً، محتاج على الأقل 15 ألف جنيه علشان أنزل، الواحد مش قدامه غير إنه يكتم فى نفسه ويستحمل الفراق».
لم يختلف إحساس وجع «الغربة» لدى مصطفى حجازى، المسافر إلى ألمانيا منذ 3 أعوام: «بتفضل طول السنة تجرى تشتغل تسافر بتقنع نفسك إنك بتعمل ده كله علشان تتبسط، بس لما بتيجى تقعد مع نفسك وتبص كويس جواك هتلاقى إن الهدف من كل اللى بتعمله ده إنك تنسى الناس اللى وحشاك». منذ أيام قليلة ماضية، مرّت على «مصطفى» مجموعة من المشاعر المختلطة عندما كان يودّع صديقه العائد إلى مصر لقضاء الشهر الكريم: «كنت باودعه وانا حاسس بوجع كبير فى قلبى، كان نفسى أركب معاه الطيارة وارجع».
«مصر وسوريا الأجواء بينهما متقاربة، لكن لمة أهلى واخواتى أكتر شىء مفتقده»: كلمات خرجت بنبرة حزينة متوارية خلف ابتسامة رضا بالحال من الرجل الخمسينى السورى «عبدالرحيم سعيد»، الذى يحاول التعايش مع الأجواء الرمضانية بالقاهرة بعد رحيله من حلب: «أكتر شىء مفتقده هو الذكريات بتاعتى فى الشهر ده مع اخواتى، كل يوم كان كل واحد يفطر عند التانى ونتبادل الولائم». قُرب العادات بين الشعبين أكثر ما يهون الفراق على «عبدالرحيم»: «ده خامس رمضان ليا فى مصر، وطبعاً هاقضيه مع زوجتى وأولادى فقط»، وبعيداً عن فقدانه الـ«لمة»، فيرى الخمسينى أن أجواء الاحتفال فى الشوارع داخل مصر هى أهم ما يميزها عن أى بلد آخر.