«الرخاوى» وسط «حرافيش محفوظ»: من أجمل ذكرياتى
يحيى الرخاوى مع نجيب محفوظ فى جلسات «الحرافيش»
كانت ليالى خاصة جداً، يهربون فيها من الضوضاء والأضواء ويعتزلون الناس والكاميرات والصحف ليختلوا بأنفسهم فى جلسات محدودة العدد بين أربع حجرات لا يزورها الغرباء، يصفها الدكتور يحيى الرخاوى، أستاذ الطب النفسى، بأنها تشبه «الأندية الرياضية» التى لا يستطيع أحد المرور من بواباتها إلا إذا كان يحمل الكارنيه.
«الرخاوى» كان أحد المحظوظين بحمل كارنيه نادى «الحرافيش» الذى أسسه «ابن حارتنا» نجيب محفوظ، الحكاء الأعظم الذى لم يكن يحصل على متعته الكبيرة إلا وسط هؤلاء الحرافيش فى خلوتهم مساء كل خميس عادةً: «الفكرة بدأت صغيرة ومحدودة، ومع تتابع الأيام والسنين انضم إلى هذه الجلسة الأسبوعية أو شبه الأسبوعية أسماء وأجيال مختلفة بين فنانين ومخرجين وكتّاب ومفكرين، وكنت واحداً منهم، وهى من أجمل اللحظات التى قضيتها فى حياتى».
أستاذ الطب النفسى من «قارئ» إلى «صديق» لصاحب نوبل
علاقة وثيقة جمعت أستاذ الطب النفسى مع الأديب الكبير بعد أن اقتربت المسافات، شيئاً فشيئاً تحول «الرخاوى» القارئ إلى «الرخاوى» الصديق: «كنا نتبادل وجهات النظر والمناقشات حول كل القضايا، فنبدأ بالأدب ونمر بالدين والسياسة والطب، وكان خفيف الظل فيداعب بنكتة أو كلمة فنضحك جميعاً، فنجمع الحسنيين: حسن المعرفة، وحسن السعادة والكوميديا والانبساط».
القراءة فى العديد من المجالات جزء رئيسى من حياة «الرخاوى»، تحديداً الفلسفة والأدب، إلى جانب تخصصه العلمى المتعلق بالطب النفسى، وقبل أن يصبح واحداً من «حرافيش محفوظ» كان واحداً من قرائه: «قرأت كل ما كتبه نجيب محفوظ، وأكاد أحفظه، وهو يشكل جزءاً من وعى كل قارئ أو مثقف، ومن لم يقرأ لنجيب محفوظ فاته الكثير جداً»، رغم انقطاع الجلسات منذ زمن بعيد، فإنها لا تزال حاضرة فى ذاكرة «الرخاوى» لأنها بحسبه «أيام لا تنسى أبداً».