توماس فريدمان: إن لم يوحد مرسي المصريين ستفشل التجربة الديمقراطية في مصر
في مقال عنوانه "عامل الخوف" كتب توماس فريدمان في نيويورك تايمز أن "مصر في حاجة إلى نيلسون مانديلا جديد، فهل يستطيع مرسي لعب هذا الدور؟ هل يمتلك رؤية مشابهة؟ واستشهد فريدمان بما كتبه دانييل برومبرج -أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون- في مجلة فورين بوليس لحظة إعلان مرشح الإخوان رئيسا، حيث أشار إلى أن "مرسي يجب أن يقرر من هو بالفعل: هل هو رئيس يريد توحيد المصريين، ويريد" مصر لكل المصريين" – حسبما أعلن بنفسه مؤخرا- أم أنه يمثل حزبا إسلاميا يكرس نفسه لهدف محدد هو "القرآن دستورنا" –حسبما أعلن مرارا خلال الجولة الاولى من حملته الانتخابية"
وأضاف فريدمان ان "طريقة تعاون الرئيس المنتخب محمد مرسي مع العلمانيين والليبراليين والسلفيين والمسيحيين سيكون لها تأثير كبير على حالة اليقظة العربية في الدول الأخرى، وإذا تمكن المصريون من صياغة عقد اجتماعي قابل للتطبيق يحكمون به أنفسهم، سيضعون نموذجا وقدوة للمنطقة بأكملها، كما أن الاخوان عليهم أن يتواصلوا مع 50 في المئة من المصريين – العلمانيين والليبراليين والسلفيين والمسيحيين – ولا يكتفوا بطمأنتهم أنهم لن يتعرضوا لأذى، بل أن يؤكدوا أن وجهات نظرهم وتطلعاتهم ستكون متوازنة إلى جانب رؤى وتطلعات الجماعة، وهذا يتطلب ثورة في تفكير قيادات الاخوان وكوادرها لتبنى رؤى التعددية الدينية والسياسية بينما ينتقلون من صفوف المعارضة إلى الحكم، ولن يحدث هذا بين عشية وضحاها، ولكن إذا لم يحدث على الإطلاق، ستفشل التجربة الديمقراطية المصرية، وستشكل سابقة رهيبة للمنطقة".
وأشار فريدمان إلى أن هذا الانقسام بين المصريين ليس أمرا غريبا، فالطغاة عادة يقومون بتغذية شعور الخوف، ويديرون بلادهم على طريقة عصابات المافيا، فيفرضون إتاوات على شعوبهم، كما يحرصون أن يخشى افراد الشعب بعضهم البعض أكثر من خشيتهم لقائدهم، بحيث يستطيع الديكتاتور او الملك الجلوس على قمة المجتمع بأكمله، مانحا أفراده الرعاية والحماية بينما يحكم هو بقبضة حديدية".[Quote_1]
ويرى فريدمان أن ثورات الربيع العربي قد حدثت حينما توقفت الشعوب العربية عن الخوف من قادتها وتعثرت لأن الشعوب العربية لم تتوقف عن الخوف من بعضهم البعض، لكن التغلب على ميراث الخوف يحتاج إلى ما هو أكثر من إقصاء قادة تلك الأنظمة، حيث ينبغي تشجيع ثقافة التعددية وحقوق المواطنة، وحتى ذلك الحين ستظل القبائل تخشي بعضها البعض في ليبيا واليمن، وستظل المذاهب والطوائف تخشى بعضها في سوريا والبحرين وسيظل العلمانيون والمسيحيون يخشون الإسلاميين في مصر وتونس، كما ستستمر فلسفة الديكتاتورية أو الحكم حتى الموت أقوى من فلسفة الديمقراطية والتصويت الانتخابي.
وتابع فريدمان أن "جهود مرسي في إحداث التوافق ليس اختيارا فكريا، بل اختيار سياسي عملي... والتحدي الأكبر له هو توحيد المعارضة السياسية التي عانت من انقسامات جوهرية بين الإسلاميين وغير الإسلاميين، بالإضافة إلى الانقسامات الفرعية داخل كل هذه المجموعات، وإذا كانت دعوته لتشكيل حكومة وحدة وطنية مجرد تكتيكا قصير المدى في مواجهة الإخوان مع العسكر – وليس التزاما استراتيجيا بالتعددية باعتبارها وسيلة للحياة السياسية - فإن فرص إحياء العملية الانتقالية التي أوشكت على الموت قبل ايام ستكون محدودة للغاية".
وعن الدور الأمريكي في هذا السياق أشار فريدمان إلى أن "الولايات المتحدة لديها أدوات للتأثير من خلال المساعدات العسكرية والاستثمارات الأجنبية - ويجب أن تستخدمها لتوضيح أنها تحترم صوت الشعب المصري، وتريد الاستمرار في مساعدة مصر، لكن الدعم مشروط بمبادئ معينة، وهي مبادئ حددها تقرير التنمية البشرية العربية للأمم المتحدة عام 2002 والذي كتبه متخصصون عرب، والذي أشار إلى أن ازدهار العالم العربي مرهون بالحرية والمعرفة وتمكين المرأة، وأضيف أيضا أنه مرهون بالسماح بالتعددية الدينية والسياسية، وعلى الولايات المتحدة أن تساعد أي دولة تعمل وفقا لهذه المبادئ - بما في ذلك مصر تحت قيادة رئيس إخواني – وأن تحجب دعمها عمن لا يسير وفق هذا النهج".[Quote_2]
واستطرد فريدمان انه من السذاجة الاعتقاد أن الانتقال من اللاهوية الوطنية الى درجة المواطنة الكاملة سيكون سهلا، فقد استلزم الأمر قرنين من الزمان في امريكا للنضال والوصول الى انتخاب رجل أسود من والد مسلم في بلد جميع سكانه من المهاجرين، كما انه ينبغي عدم تجاهل اصرار الشباب في دول الربيع العربي على تحقيق معاني المواطنة الحقيقية ومساءلة الحكومة، ومن يتجاهل ذلك سيكون أعمى أو أصما، ورغم ان كثيرين من المحللين يفتقدون لهذا الاصرار، إلا أن طاقة الثوار مازالت مستمرة وعلى الاخوان المسلمين أو حكام مصر أيا من كانوا الاستجابة للثوار.