جهاد الخازن: «الخليج» لن يغفر لها التحالف مع خصومه
جهاد الخازن
طالب الكاتب والمحلل السياسى جهاد الخازن قطر بمراجعة مواقفها تجاه الدول العربية فى أعقاب قرار دول الخليج بقطع العلاقات مع «الدوحة». وقال، فى حوار لـ«الوطن»، إن قطر تحاول أن تلعب دوراً أكبر من قدراتها وحجمها، مؤكداً أنها لن تستطيع قيادة الدول العربية. وشدد «الخازن» على أن دول الخليج لن تقبل بقطر كعنصر يضر بالعلاقات الخليجية، وكذلك فإنها لن تغفر أبداً أن يتحالف طرف عربى أياً كان مع دولة خصم للخليج، مشيراً إلى «تفاخر» أمير قطر تميم بن حمد بامتلاكه علاقات مع إيران.. وإلى نص الحوار:
الكاتب اللبنانى: مواقف الأسرة القطرية الحاكمة تجاه الدول العربية سترتد «وبالاً» عليها
■ ما رأيك فى قرار قطع الدول الخليجية علاقاتها الدبلوماسية مع قطر؟
- قطر تحاول أن تلعب دوراً أكبر منها، وهذا غير ممكن، لأنها لا تستطيع أن تعادى الإمارات والسعودية، كما أنها لا تستطيع أن تعادى مصر، هذا الأمر غير ممكن بالنسبة لقطر، لأن قطر لا تملك إطلاقاً المؤهلات التى تمكّنها من ذلك. و«الدوحة» كانت تستطيع أن تكون أداة خير بين الدول العربية، تساعد المشردين الفلسطينيين والسوريين، وكان بإمكانها أن تساعد فى اليمن، وكان ذلك سيرتد خيراً عليها. ولكن القرار القطرى بمواجهة الدول العربية سيرتد وبالاً على قطر نفسها، ولا أعتقد أن وكالة الأنباء الرسمية تتجرأ على أن تنسب لأمير البلاد كلاماً لم يقله، فيما يتفاخر تميم بأنه يملك علاقات مع إيران على حساب البحرين.
■ وما سر هذا الانقلاب الخليجى على قطر؟
- أعتقد أن قطر ينبغى عليها أن تتراجع عن مواقفها، وأن تقيم علاقات أفضل مع دول الخليج، ولا مجال لأن تقبل دول الخليج بقطر كعنصر لا أقول سيئاً وإنما عنصر ضرر للعلاقات الخليجية كلها. أمس الأول كنت فى جلسة خاصة مع ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وأكد لى الملك أن لديه علاقات عربية جيدة ويصر على التضامن الخليجى «من خلال حلف إقليمى يحمينا كلنا»، وهذا لن يتحقق إلا إذا مارست قطر دوراً إيجابياً مع الدول الأخرى، ومن المستحيل أن تستطيع قطر أن تواجه الدول الخمس الأخرى، أو حتى تستطيع أن تصمد فى وجه الدول الثلاث السعودية والإمارات والبحرين.
وأرجو أن تصل القيادة القطرية إلى قناعة بأن مواقفها الحالية تضر بقطر قبل أن تضر بأى طرف عربى آخر. ولا يمكن أن تكون هناك علاقات بين قطر وإيران على حساب البحرين أو غيرها، أو على حساب السعودية، وهذه الدول أيضاً لن تغفر لأى طرف عربى أن يتحالف مع خصم ضدها، فأرجو أن ترى القيادة القطرية أنها فى الطريق الخطأ، وأنها تستطيع أن تُصلح ذلك الموقف فى يوم واحد، ولكن ننتظر لنرى.
ملك البحرين أكد لى إصراره على حلف إقليمى.. وهذا لن يتحقق إلا إذا مارست قطر دوراً إيجابياً
■ هل تعتقد أن تلك الأزمة قد تطيح بتميم بن حمد من على رأس السلطة؟
- لا أعتقد ذلك، من اختار تميم هو والده، ووالده الأمير حمد بن خليفة لا يزال قوة لا يستهان بها داخل قطر، وربما «تميم» هو شاب وقال أشياء ما كان يجوز أن يسجلها على نفسه، ولكن أعتقد أن المخرج من هذا الوضع أن تعود قطر إلى المجموعة العربية، وخصوصاً المجموعة الخليجية، لأن قطر لن يكون لها دور خارج هذه المجموعة. والدخل من الغاز القطرى يكفى لإنعاش كل الفقراء العرب، لكن ليس لاستعماله لحساب فريق ضد فريق، تارة لـ«حماس» وأخرى لـ«حزب الله» اللبنانى، وإيران، هذه كلها أمور لن تنفع قطر وإنما ستضرها، وأرجو أن يراجعوا ذلك.
■ هل سبق أن أبلغت «تميم» انتقاداتك لسياسة «الدوحة» الخارجية؟
- عندما يقوم الأمير تميم بإلقاء خطاب أمام «الأمم المتحدة»، هذا الخطاب دائماً ما يكون فيه مواقف طيبة بالنسبة للفلسطينيين ولبعض المواقف العربية، لا أقول الخطاب كله، وكنت أرسم له بالقلم الفقرات التى أعجبتنى فى خطابه. وأرجو أن يرى الفرق بين هذه الخطابات ونتائجها، وبين أن يعادى نصف الأمة من دون فائدة ومن دون قدرة.
■ إلى متى تستمر تلك الأزمة؟ وإلى متى يمكن أن تصمد «الدوحة» فى مواجهة الخليج؟
- قطر تستطيع غداً أن تعود إلى أفضل علاقات مع دول الخليج، هذا يحتاج إلى قرار سياسى، وأعتقد أن الدولة القطرية قادرة على اتخاذ هذا القرار، وقرار من هذا النوع يفيد قطر، وما تفعله الدوحة الآن أعتقد أنه يضرها هى قبل أن يضر الإمارات أو السعودية أو البحرين، كما يجب أن تدرك قطر أو أى دولة عربية أخرى حجمها، هذا يذكّرنى بالشاعر الذى قال عندما كانت هناك ممالك الأندلس ولكل قرية أو منطقة إما أمير أو ملك: «ألقاب مملكة فى غير موضعها.. كالهر يحكى انتفاخاً صولة الأسد»، ولا أرغب أن يصل الأمر مع الوقت إلى أن دولة صغيرة مثل قطر تحاول المستحيل، أى أن تحصل على قيادة الدول العربية، فهذا لن يحدث إطلاقاً، ويجب أن تعرف قطر ذلك، لأنها ليست لديها القدرة ولا الحجم للقيام بهذا الدور.
المخرج الوحيد لـ«الدوحة» أن تعود للحظيرة العربية والخليجية لأنها لن تستطيع المواجهة
■ ما تقييمك لمستقبل مجلس التعاون الخليجى بعد تلك الأزمة؟
- مستقبل الخليج العربى مضمون وسليم، كل الدول تريد مجلس التعاون، وكل دول الخليج تريد التضامن الخليجى حتى لو كانت هناك دولة تغرد خارج السرب، كل دول الخليج تريد أن تبقى مع بعضها. وعلى سبيل المثال عندما كان هناك تهديد فى وقت من الأوقات لمملكة البحرين، أرسلت السعودية والإمارات قوات إلى البحرين، وفى أى وقت هى مستعدة لذلك حتى لو كان ذلك غداً. هناك تضامن بين هذه الدول لحماية نفسها، لأن هناك أطماعاً خارجية فى هذه الدول، هذه منطقة غنية بالبترول، وأرجو أن يستمر هذا التحالف وأن يقوى، وأن تعود قطر إلى الحظيرة بدلاً من أن تغرد خارج السرب. ولذلك أؤكد أن هناك رغبة من الأعمدة الرئيسية فى الخليج أن يستمر ذلك التحالف وأن يستمر مجلس التعاون فى عمله، فى ظل التحديات الموجودة فى هذه المنطقة.
■ إيران أصدرت بياناً تنتقد فيه القرارات الخليجية تجاه «الدوحة»، فما رأيك فى موقف «طهران»؟
- هذا موقف متوقع، ولا أعتقد أن الإعلان الإيرانى سيؤدى إلى شىء، وإنما سيزيد الحساسية والعداء تجاه طهران، وأعتقد أن الرئيس الإيرانى الحالى حسن روحانى أفضل من المرشد على خامنئى، ولكن فى النهاية القرار الأخير فى يد المرشد وليس فى يد الرئيس المنتخب شرعياً من قبَل الشعب الإيرانى. وأعتقد أن القرار الإيرانى الأخير بخصوص ما قامت به دول الخليج تجاه قطر سيرتد على الجمهورية الإسلامية، لأنه لن يغير من موقف دول الخليج تجاه الدوحة.