«الأسطى بلية»: اضطريت أشرب سجاير عشان الزباين ما يقولوش عليّا عيل
بجسده النحيل وقامته القصيرة يقف على باب ورشته فى الجمالية، يدخن سيجارة بأنفاس عميقة، وعيناه لا تتوقفان عن متابعة العمال داخل الورشة، وعندما يلمح جيرانه ممن فى مثل سنه يلعبون كرة قدم فى الشارع لا يتردد فى أن يطفئ سيجارته ويجرى إليهم ليلعب الكرة ثم يعود سريعاً ليتابع العمال فى الورشة ويحاسبهم فى آخر النهار.
هو جورج نعيم، طفل لم يتجاوز عمره 9 سنوات، هو صاحب ورشة الخراطة التى ورثها عن والده، ويعمل فيها لينفق على عائلة كبيرة مكونة من جدته المسنة لأبيه، وأمه وخمس بنات أكبرهن (17 عاماً) وأصغرهن (3 أعوام).
كان جورج يعمل مع والده فى الورشة بعده فشله فى استكمال دراسته، وبصفته الرجل الوحيد فى الأسرة قرر أن يتحمل المسئولية بعد والده الذى لقى مصرعه فى حادث سيارة العام الماضى: «ماحدش فى الورشة يقدر يقولى يا جورج أنا اسمى الأسطى جورج.. مش مهم السن المهم الشطارة وأنا الحمد لله شاطر فى شغلى وفاهم كل حاجة وبحاسب الزبون بنفسى وبقف على ماكينة الخراطة ولا أجدع خراط».
جورج يدخن السجائر فى الورشة لكنه لا يدخن فى المنزل ليس خوفاً من أمه وجدته، ولكن احتراماً لهما: «أنا صغير صحيح لكن صاحب ورشة وأصحاب الورش كلهم بيدخنوا أو بيشربوا شيشة، وعشان الزبون يحس إنه واقف قدام راجل».
ورشة جورج بها ثلاثة عمال يتعاملون معه برفق، ويضحكون كثيراً على بعض تصرفاته، لكنه يغضب منهم ويهددهم بالطرد.
«أوقات بيبكى لو فيه حاجة مضايقاه زيه زى أى عيل، لكن مابيحبش حد يشوف دموعه».. هكذا قال أحد عمال الورشة مضيفاً: «كلنا بنحبه وهو فعلاً خراط شاطر بس لسه بدرى عليه لما يتعلم بجد».
جورج يحب كرة القدم وكثيراً ما يترك الورشة ويخرج يلعب مع الجيران، ولكن تظل عيناه معلقتين على الورشة وزبائنها، كما أنه يحب أفلام الكارتون، وعندما يذهب إلى منزله يشاهدها وهو يتناول عشاءه.
جورج يذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد وهو يوم راحته الأسبوعية، ويحرص على الصلاة مع أمه وشقيقاته: «دائماً بدعى عشان ربنا يسهل الحال ويوسع الرزق».