«نوبار باشا».. الأهالى: «مالناش مكان تانى ومحدش يستحمل حد دلوقتى»
مزارعو الجزيرة يرفضون المغادرة
أثار تردد أقاويل عزم الحكومة المصرية إخلاء الجزر الموجودة على ضفاف نهر النيل بمحافظات الجمهورية، قلقاً ورعباً لدى قرابة 3 آلاف نسمة، هم سكان جزيرة «نوبار باشا» التابعة لمركز كفر الزيات، فى محافظة الغربية.
وتقع «جزيرة نوبار باشا»، على ضفاف نهر النيل «فرع رشيد» جنوب الغربية، قرب الحدود مع المنوفية، وتبعد عن مدينة طنطا 50 كيلومتراً مربعاً، وتربتها مكونة من الطمى الذى كان يأتى مع الفيضان من منابع النيل قبل بناء السد العالى، تملكها نوبار باشا رئيس وزراء مصر الأسبق 3 مرات بين 1895 و 1879، وكان يستغلها فى زراعة الموالح والفواكة، وحالياً يستأجرها عدد من الأهالى، الذين استبدلوا بزراعة الموالح زراعة البطاطس والذرة والقمح وغيرها من المحاصيل الزراعية.
المزارع «عبدالواحد»: هنموت فى أرضنا.. وأجدادنا سكنوها من أيام «الخواجات».. والحكومة دخلت لنا الكهرباء والمياه
«الوطن» خلال جولتها داخل الجزيرة خرج الأهالى للتعرف على الغرباء عسى أن يكون لديهم ما يطمئن قلوبهم بالاستمرار على أرض الجزيرة، ودار حوار مع عدد من أهالى الجزيرة، أكدوا خلاله أنهم سقطوا من قائمة اهتمام المسئولين، وقال شهاب عبدالعليم، أحد أهالى الجزيرة: «منقدرش نسيب الجزيرة، كل شبر فيها لنا فيه ذكريات، أطفال وشباب وآباء وأجداد، تاريخ ما يتنساش»، وأضاف صاحب العقد السادس، أهالى الجزيرة فقراء لا يستطيعون ترك منازلهم وأراضيهم، هنسيبها ونروح فين مالناش مكان تانى، محدش بيستحمل حد دلوقتى».
وقال سعيد عبدالواحد، مزارع، «منقدرش نسيب أرضنا ونمشى، أجدادنا سكنوا عليها من أيام ما كان الخواجات فى مصر وبنوا لكل شخص غرفة يسكن فيها ملاصق لها حظيرة لتربية المواشى»، متسائلاً: «لما الحكومة عاوزانا نمشى دخلت لنا الكهرباء والمياه ليه فى 2006؟! ولما نمشى هناكل ونشرب منين، احنا هنموت فى أرضنا أفضل من الجوع ومد الإيد».
وقال خالد العباسى، محام، من أهل الجزيرة: «هنستجيب للحكومة مافيش فى إيدينا حاجة، منقدرش نعترض الناس مرعوبة بعد حملة الإزالة الأخيرة والشرطة ألقت القبض فيها على عدد من أهالى الجزيرة»، مناشداً المسئولين توفير سكن بديل لهم فى القرى المجاورة للجزيرة، وترك الأرض للأهالى يزرعون فيها كما كان من قبل، مقابل الإيجار السنوى الذى يدفعه المزراعون والمقدربـ 4 آلاف جنيه على الفدان.
شيخ عرب الجزيرة: غالبية الأراضى يستأجرها الأهالى من الحكومة ونزرعها محاصيل بدلاً من الموالح
وأشار أحمد عكاشة، 30 سنة، من أهالى الجزيرة، أنه عامل باليومية، ودخله يومياً لا يتعدى الـ40 جنيهاً، بها يستطيع بالعافية توفير متطلبات أسرته المعيشية، ولن يستطيعوا ترك منزلهم على الجزيرة، لعدم قدرته على توفير سكن بديل للإقامة فيه، مضيفاً بقوله: «بدل ما الحكومة تنظر لنا بعين الرأفة وتبنى لنا وحدة صحية تنقذنا لما الثعابين تلدغنا وتكافئنا على استصلاح أرض الجزيرة وجعلها أرض منتجة، عاوزة تطردنا منها، وتخرجنا من بيوتنا اللى قاعدين فيها من سنين، يا فندم منقدرش نتركها، مالناش مكان تانى».
وعن طبيعة الجزيرة والحياة المعيشية، بين نبيل شحاتة، شيخ عرب الجزيرة، أن الزراعة هى المهنة الوحيدة للأهالى هنا ولا يوجد غيرها وتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد منذ أن كان يمتلكها نوبار باشا وأسرته، حيث كانوا يعملون فيها باليومية فى زراعة الموالح والفواكة، وعقب ثورة 1952 عادت للدولة، وغالبية أراضى الجزيرة حالياً يستأجرها الأهالى من الحكومة سنوياً واستبدلوا بزراعة الموالح زراعة المحاصيل الشتوية والصيفية مثل الذرة والبرسيم والقمح والبطاطس، موضحاً أن أرض الجزيرة عبارة عن أرض جبلية رملية، بها وديان ومنخفضات وقام الأهالى بإصلاحها قدر المستطاع وزراعة الأرض وبناء منازل للإقامة فيها، وأصبحت هى مسكنهم الوحيد، مناشداً الحكومة عدم أخذ مثل تلك الخطوة، كونها تتسبب فى وجود احتقان وغضب بين الأهالى تجاه الدولة.
«جزيرة نوبار باشا» تشتهر بانتشار الزواحف والثعابين فى أرضها الرملية، عدد من الأهالى لقى حتفه نتيجة لدغ الثعابين، «شيخ عرب الجزيرة» أشار إلى أن الثعابين والزواحف بكافة أشكالها وأحجامها وأنواعها، تسكن الجزيرة، ثعابين يتعدى طولها الـ3 و4 أمتار ووزنها يتخطى الـ10 كيلومترات، ولم تكتف فقط بالوجود فى الأرض الزراعية بل وصلت البيوت، ما أسفر عن وفاة 6 من أهالى الجزيرة، منهم شاب وفتاة، وتسمم العشرات خلال الـ3 سنوات الأخيرة، والأمر لا يقتصر فقط على الزواحف بل توجد أيضاً الكلاب المسعورة والثعالب.
وأشار محمد مبارك، 23 سنة، إلى أن جميع أهالى العزبة رجال ونساء وأطفال يلبسون فى أقدامهم أحذية ذات رقبة طويلة تصل للركبة، كوسيلة تمنع عنهم لدغ الثعابين والزواحف، وهم كمزارعين يغادرون أراضيهم قبل الظهيرة خاصة فى فصل الصيف وهى «مواعيد خروج الثعابين من جحورها».