معاناة أسرة متوسطة فى رمضان.. «مفيش لحمة وفراخ.. الفطار كشرى أو مسقعة»
ارتفاع الأسعار يضاعف معاناة الطبقة المتوسطة
ضاعف ارتفاع الأسعار من معاناة الطبقة المتوسطة، خاصة فى شهر رمضان.. ورغم الارتفاع المتكرر فى أسعار السلع الأساسية، حيث شهدت أسعار السلع الأساسية والخضار والفاكهة قفزات سعرية عالية أدت إلى زيادة أعباء الأسر المصرية، وربما تراجع الإقبال على الشراء فإن الإنفاق على بند الطعام تزايد، «الوطن» رصدت فى هذه السطور معاناة أسرة متوسطة الحال فى الشهر الكريم.
«سميرة»: أقل سحور بيكلفنى 35 جنيه يومياً.. ومحدش بقى بيرمى الأكل ولا العيش البايت.. ومرتبى أنا وزوجى5000 جنيه وخلص فى أول أسبوع من الشهر
فى سوق سليمان جوهر بالدقى، تقف البائعات أمام عربات الخضار، يضعن مظلات ضخمة لتحمى بضائعهن من شمس الظهيرة فى نهار رمضان، حركة البيع والشراء داخل السوق تبدو «بطيئة» نسبياً، بينما تتهافت بائعات الخضار والفواكه للمناداة على الزبائن، ويقل الإقبال على محلات بيع الدواجن والأسماك داخل السوق.
بملابس بسيطة مهندمة، تتجول سميرة محمد صادق فى السوق، (48 سنة)، موظفة فى وزارة الزراعة، ملامحها يبدو عليها التعب والإرهاق، تتجنب حرارة الشمس، وتقف تحت إحدى المظلات التى يوجد تحتها «فرشة» خضار، تبدو متحيرة أمام الأسعار التى وضعت على الخضراوات والفاكهة، تعيد ضبط حجابها، بينما تنتقى بأيديها الطماطم والبطاطس، وتلقيها فى الكيس وتعطيها للبائع كى يقوم بوزنها. تقول سميرة إنها أنفقت راتبها فى منتصف الأسبوع الأول من شهر رمضان، بالرغم من تجنبها عمل أى عزومات للأهل والأقارب، مضيفة: «بقالنا 3 سنين مبنعملش عزايم ولا قادرين نتحملها».
تضيف سميرة أن مرتبها كموظفة حكومية لا يتجاوز 2000 جنيه شهرياً، ومرتب زوجها الذى يعمل محاسباً فى إحدى الشركات الخاصة لا يتجاوز 3000 جنيه شهرياً: «تخيلوا أسرة مكونة من 5 أفراد، دخلهم الشهرى 5000 جنيه ومش عارفين يعيشوا، لو حد تعب فينا، بيبقى الشهر أسود على دماغنا ومبنعرفش نصرف».
توضح «سميرة» أنها تقوم بدفع إيجار شهرى لسكنها 1500 جنيه شهرياً، كما تقوم بدفع فواتير الكهرباء والمياه وغيرها، وبذلك تكون أنفقت راتبها الشهرى، لتعتمد الأسرة على دخل الزوج بمفرده لتوفير المتطلبات اليومية، أما فى شهر رمضان فهى لم تقم بدفع الإيجار وأجلت دفعه للشهر المقبل، للوفاء بمتطلبات أسرتها، مضيفة: «أول أسبوع بس فى رمضان، اللى كنا بنعمل فيه أكل كويس، ونجيب فراخ أو سمك، على نهاية الأسبوع لقينا أكتر من 70% من مصروف البيت اتصرف، وبقيت بمشّى نفسى بأى حاجة».
تؤكد «سميرة» أن البقوليات والخضراوات البسيطة أصبحت عبئاً لا يمكن لأسرة بسيطة توفيرها، قائلة: «الأسرة اللى بقت بتعمل طبق سلطة جنب الأكل دى بقينا بنعتبرها مرفهة، والمفروض إننا كنا نعتبر طبقة متوسطة، الطبقة المتوسطة مبقتش لاقية تاكل».
تمسح «سميرة» جبينها من آثار العرق، وتشير إلى الأكياس التى تحملها فى يدها قائلة: «مجبتش غير كيلو طماطم، وكيلو بتنجان وكيلو بطاطس، دول بـ20 جنيه، اللى يعتبروا أرخص حاجة فى السوق، وعندى فى البيت نص قزازة زيت»، موضحة أنها لم تعد قادرة على شراء دواجن أو لحوم، وفى بعض الأحيان تقوم بإعداد أطباق «الكشرى» على الإفطار، أو «المسقعة» بدون لحمة، أو مكرونة وبطاطس محمرة، على حد قولها أصبحت تلك الوجبات البسيطة هى كل ما تتمكن من توفيره.
تكمل «سميرة»: «نص كيلو المكرونة بقى بـ4 جنيه ونص، كرتونة البيض عدت الـ35 جنيه، السمك اللى كنا زمان بنعتبره أكل الناس البسيطة وكنا بنجيبه بـ7 جنيه بقى بـ40 جنيه الكيلو محدش بقى قادر يشتريه»، توضح «سميرة» أن تزايد الأسعار أصبح يمثل ضغطاً على جميع المواطنين، وهو ما أدى إلى الشعور بعدم الاطمئنان، على حد قولها. وعن وجبة السحور تقول «سميرة»: «السحور أوقات بيكلفنى أكتر من الفطار، كنا الأول مبنتسحرش أو ناكل حاجة بسيطة، دلوقتى الصيام طويل والولاد عايزين يتسحروا كويس، بجيب فول وبطاطس وزبادى وعيش وجبنة، تكلفة مش أقل من 35 جنيه يومياً».
«سميرة» الأم لـ3 أبناء، أكبرهم طالبة جامعية، وأصغرهم طالب فى المرحلة الإعدادية، وبينهما طالب فى الصف الأول الثانوى، تؤكد أنها توفر من قوت يومها بقدر المستطاع هى وزوجها لتوفير الدروس الخاصة ومصاريف تعليم أولادهم، مؤكدة: «والله بقى الأكل آخر حاجة بنفكر فيها، نجيب لبس للأولاد إزاى، ومصروفهم، ومواصلاتنا، الناس مش متحملة أى موجة غلاء تانية».
تبدى «سميرة» امتنانها لما تحصل عليه من تموين شهرى، يدعمها ولو بشكل جزئى فى توفير السلع الغذائية الأساسية لبيتها، على حد قولها، قائلة: «الزيت والسكر اللى باخدهم من التموين، بحافظ عليهم يكملوا معايا لحد نص الشهر فى الأيام العادية، طبعاً فى رمضان مكملوش معايا أول أسبوع، الولاد كانوا عايزين أعمل لهم كنافة».
تقول «سميرة» إن السيدات المصريات يتحملن أصعب الظروف، ويقمن بتدبير أمورهن بقدر المستطاع، ولكن لديها مخاوف حقيقية من ارتفاع الأسعار مرة أخرى، الأمر الذى وصفته بكونه لا يحتمل، قائلة: «محدش بقى بيرمى الأكل، ولا العيش البايت».