اعتصام «رابعة العدوية».. مدينة نصر خارج نطاق الخدمة
حالة طوارئ تسود أرجاء المكان، الشوارع مغلقة بالمتاريس والجدران العازلة، لجان شعبية تتولى عملية التفتيش الذاتى لرواد المنطقة دون استثناءات، لا فرق بين الرواد والسكان، وزارات حكومية وأجهزة مركزية تغلق أبوابها لليوم العاشر على التوالى، وعشرات المئات من العاملين بها فى إجازات إجبارية، أصحاب المصالح المعطلة يتمنون عودة الحياة إلى طبيعتها، تغيير اضطرارى لحركة مرور السيارات.. هذه المشاهد هى جانب من الأوضاع فى محيط منطقة رابعة العدوية والشوارع المجاورة لها، أثناء اعتصام مؤيدى محمد مرسى للأسبوع الثانى على التوالى، للمطالبة بعودته إلى السلطة.
الأجهزة الحكومية التى توجد فى أرجاء المكان أغلقت أبوابها منذ اليوم الأول للاعتصام، تزامناً مع فعاليات 30 يونيو، حيث تقبع العديد من مؤسسات الدولة المختلفة هناك، منها وزارة التخطيط الموجودة بشارع صلاح سالم فى مواجهة دار الحرس الجمهورى التى تحولت الحديقة الخاصة بها إلى مقر لإقامة المتعصمين، وكذا مقر الجهاز المركزى للمحاسبات، حيث أغلق المعتصمون أبوابه بالجنازير قبل أحداث «الحرس الجمهورى» فجر الاثنين الماضى، حسب أحمد سنديون، أحد العاملين بالجهاز، عضو حركة «رقابيون ضد الفساد»، الذى قال إن الجهاز مغلق منذ 10 أيام، ولا يعلم أحد متى ستُفتح أبوابه أمام العاملين به، خاصة أن الجهاز يُنهى حالياً جميع أعمال المراقبة الخاصة بجميع مؤسسات الدولة مع نهاية السنة المالية التى انتهت مع نهاية الشهر الماضى، موضحاً أن فض الاعتصام أمام الحرس الجمهورى لم ينجح فى إبعاد المعتصمين عن المكان، حيث توافد المعتصمون على مقر الحرس الجمهورى مجدداً مساء الأحد الماضى ضمن فعاليات «مليونية الشهيد» والاحتشاد من جديد أمام وزارة التخطيط والمعهد القومى الملحق بها.
حالة من التوقف المروى أصابت شارع النصر بدءاً من تقاطع يوسف عباس، حيث الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة المغلق بسبب طبيعة الأحداث التى تجرى أمامه وحتى المركز التجارى «طيبة مول» قرب أول شارع عباس العقاد، وتضم هذه المنطقة إدارة مرور رابعة العدوية التى تقع خلف مسجد رابعة مباشرة وتوقف العمل بها على مدار العشرة أيام الماضية، وفقاً لأحد أمناء الشرطة الذى كان موجوداً خلف البوابة الحديدية لمبنى المرور مع 3 من زملائة يرتدون زياً مدنياً لتأمين المبنى الإدارى التابع لإدارة المرور، وفى الجهة المقابلة تقع العديد من المبانى التابعة للقوات المسلحة، التى افترش المتظاهرون الأرض أمام مداخلها، وبجوار جدرانها التى تعلوها بعض الشعارات المناهضة للعسكر، وبامتداد الشارع تظهر العمارات السكنية والمحال التجارية التى تعانى حالة ركود تام باستثناء بعض محال المواد الغذائية، كما يروى سيد وردانى، الشاب الثلاثينى صاحب أحد توكيلات الدهانات، موضحاً أن عملية البيع انخفضت بنسبة 80% منذ بداية الاعتصام، إضافة إلى صعوبة وصول الزبائن إلى المحل، بسبب وجود المحل فى محيط الاعتصام، وكذلك استحالة نقل البضائع دون خضوعها للإجراءات الأمنية التى يفرضها المعتصمون، سواء أثناء نقلها إلى المعرض هنا أو خروج الزبون بعد شرائها بسبب عمليات التفتيش الدقيق التى تجرى من اللجان الشعبية التى تحاصر جميع المداخل حول منطقة رابعة العدوية.[SecondImage]
شارع الطيران لم يكن أفضل حالاً، حيث احتشد المعتصمون أمام مقر شركة النيل للطرق والكبارى وأحد المبانى التابعة لوزارة الدفاع بمدينة نصر، مروراً بتقاطع شارع الطيران مع شارع النصر، وصولاً إلى محطة الوقود التى أغلقت أبوابها بسبب الاعتصام وتحولت ساحتها إلى مبيت للعشرات من المعتصمين، ومن جهة أخرى قام قوات الجيش بغلق شارع الطيران من ناحية صلاح سالم، لتتمكن من تيسير حركة المرور بشارع صلاح سالم، مما زاد من عملية الحصار على فندق سونستا والعديد من العقارات المجاورة له، بسبب تمركز قوات الجيش أمامه.
محمود منصور، ساكن بأحد عقارات شارع الطيران، لا يستطيع الوصول بسيارته إلى أسفل العقار الذى يقيم فيه، وفقاً لتعليمات من يسمون أنفسهم اللجان الشعبية، ويخشى إذا تمكن من إدخال سيارته بعد خضوعها لعملية تفتيش دقيق من وقوع اشتباكات، خاصة فى ساعات الليل، تتسبب فى تحطيمها، وليت الأمر اقتصر على ذلك كما يروى، بل وصل إلى وصول طلقات الرصاص إلى مدخل العمارة خلال الاشتباكات التى حدثت فجر الاثنين الماضى، وهو ما دفعنا إلى غلق المدخل نهائياً والدخول والخروج من المدخل الخلفى للعقار.
نفس المعاناة يعيشها سكان العديد من العقارات بالشوارع الجانبية المتفرعة من شارعى «النصر» و«الطيران» الذين يقيمون أمام مداخل المعتصمين، وكذلك فى الحدائق الممتدة أمامها وتسيطر اللجان الشعبية على مداخل ومخارج تلك الشوارع الفرعية.