«داعشى» هارب من «بيت المقدس»: عناصر التنظيم يتعاطون المخدرات وشباب غزة يريدون العودة
أنصار «داعش» فى تدريب عسكرى «صورة أرشيفية»
تحت عنوان «مذكرات عائد من الولاية» نشر أحد الهاربين من تنظيم «أنصار بيت المقدس» الإرهابى فى سيناء، الذى بايع «داعش» عام 2014، ما حدث له داخل سيناء منذ استقطابه من قطاع غزة، وحتى هروبه وعودته مرة أخرى. يبدأ الفلسطينى، الذى لم يكشف عن هويته، المذكرات التى حصلت «الوطن» على مقتطفات منها نُشرت على منتديات معادية لتنظيم «داعش»، بأنه حينما ذهب إلى سيناء كان يتصور أن تنظيم داعش يحارب «اليهود» وأن أسلحته موجهة نحو «الصهاينة»، لكنه اكتشف أن هذه الأسلحة موجهة تجاه الجيش المصرى وأهالى سيناء وقبائلها الذين يرفضون طاعة التنظيم وتنفيذ أوامره، علاوة على تعاطى عناصر التنظيم المواد المخدرة.
مسئول المهاجرين سألنى عن خطوط الكهرباء المقبلة من مصر والفصائل الفلسطينية وأذرعها العسكرية
ويقول من يطلق على نفسه «عائد من الولاية»: «أنا أحد أبناء غزة الحبيبة، قاتلت فى ولاية سيناء وعدت قبل أيام قلائل، وسأعرض تجربتى أمام أبناء أمة الإسلام وشبابها المجاهد وشبابها المغيّب وشبابها الذى يحتاج منا دعوة صادقة».
ويتابع: «بدأت علاقتى بالتنظيمات المتطرفة حينما كنت شغوفاً بمتابعة إصدارات القاعدة، ومن ثم تنظيم الدولة، وكنت مشتركاً فى صفحات عدة بأسماء مختلفة، لم يفُتنى أى إصدار إلا وشاهدته».
وأضاف: «بحثتُ كثيراً عمن يحملون هذا الفكر، تعرفت على شاب من النصيرات (ع. أ)، وهو متخصص فى الهندسة، اقتربت منه كثيراً، كان إعلامياً بامتياز، وهو حاصل على دورات فى الإعلام، ولم أخف عن هذا الشاب رغبتى فى الخروج للجهاد بعيداً عن التنظيمات فى غزة، بعد عدة أيام أرشدنى لمجموعة من الكتب، وأكد على أن جبهة القتال مفتوحة مع اليهود فى أى مكان أكثر من قطاع غزة، كانت هذه الكتب موجهة ضد التنظيمات الفلسطينية وبيان كفرها، إضافة إلى كتب فى العقيدة والتوحيد».
وأكمل: جلسنا عدة جلسات فى إحدى الجمعيات داخل إحدى محافظات غزة، بعدها بدأت رحلة إعدادى للخروج من القطاع، واستطرد: أتى الأخ «ع. أ» وأجلسنى مع الأخ «م. ص» شفاه الله، وأخبرنى بخروجنا خلال أيام، وأخبرت زوجتى بأننى سأخرج لأكمل تعليمى الجامعى، وهذا حسب تعليمات المسئول عنى «ع. أ»، وسط دمعة رأيتها فى عينيها كأنها تقول: «لا تذهب».
ويكمل: اتصل بى «م. ع»، وقال: «أبشر، سنخرج غداً»، سألته عن تدريبى، فقال: ستتدرب هناك. فكرت كثيراً، وترددت بخصوص مصير ابنتى وزوجتى الحامل، صليت العشاء فى المنزل، أتت دراجة نارية، ذهبنا بعدها إلى رفح، اختبأنا فى منزل، ثم انتقلنا إلى منزل آخر، وعلمت بعدها أن المنزل تمت مداهمته من قبَل الأجهزة الأمنية.
أحد الإخوة أخبر المسئول بأنه يريد العودة فقال له بنبرة تهديد: «لا يجوز الانتقال من دار الإسلام إلى دار الكفر»
ويقول: «أخبرونى أن الأمور منسقة بشكل جيد، ولكن حذرونى؛ إذا أمسكت بنا الأجهزة الأمنية فعلىّ ألا أبلغ عن (ع. أ)، و(م. ص)، وكان هذا الشرط قبل التحرك، تحركنا إلى أحد المنازل، رأيت رجلاً يدخن بشراهة، أدخلنا إلى عين النفق، أخذ منا مبلغاً من المال، فكان المبلغ كبيراً نوعاً ما، وكانت هذه آخر دقائق لى فى غزة». ويضيف: «أثناء سيرى فى النفق عصفت بفكرى مجموعة من الخواطر، فعند وصولى سأهجم على اليهود وأقتل العديد منهم، سأحقق أمنيتى جاثماً على صدر يهودى وأطلق النار عليه، سأنتقم للشهداء والأسرى والجرحى، سأطلق الصواريخ».
وعن رحلته لسيناء، يقول: «وصلت سيناء، وتم إيصالنا لإحدى المناطق عن طريق دراجة نارية، وأوصلونى لأحد المنازل، جلست هناك يومين، بعدها أخبرونى أن مسئول المهاجرين الجدد يريد مقابلتى، ذهبت إليه، واستقبلنى، وسألنى عن الولاية وماذا أعرف عنها، وعن الوضع فى غزة، وأسئلة تفصيلية أخرى، وأخبرنى أن اللجنة الشرعية ستجلس معى فى بعض الأمور، وانطباعى الأول كان عدم الراحة لكل ما يجرى حولى». وأكمل: «جلست مع اللجنة الشرعية، تكلموا معى عن غزة ووضعها وعن خطوط الكهرباء المقبلة من مصر، وهل تستغلها حماس وعن الفصائل الفلسطينية والأذرع العسكرية لها، بعدها تلا المسئول علىّ بياناً بتكفير الجيش المصرى».
وأوضح أنه بعد ذلك خضع لدورة تدريبة لمدة أسبوعين، قائلاً: ذهبنا لمكان الدورة، وكانت على ثلاثة أجزاء، والجزء الأول منها التوحيد ومعانيه، والجزء الثانى لياقة بدنية متقدمة، والجزء الثالث يشتمل التعلم على الأسلحة.
ويشرح رحلته، فيقول: «أخدت دورة فى التصوير على يد شخص لا تبدو لهجته مصرية، كان ملثماً طوال الوقت، وهذا ما أثار استغرابى، بعد الدورة أخبرونى أن أخرج لتصوير عملية ضد الجيش المصرى بسبب رفضى أن أشارك فى عمليات قتل ضد الجيش المصرى مع عدم استطاعتى العودة إلى قطاع غزة فى ذلك الوقت، وأتى أحد المسئولين وأحضر معه جهاز حاسوب عليه خريطة وبعض الصور لمنطقة ما قال إن هناك عملية ستتم فيها، وكان هناك مجموعة من الشباب تم تقسيمهم على النحو التالى: (انتحارى، ومجموعة انغماسيين بينهم شخص من غزة، ومجموعة الحماية والإسناد، وأنا كمصور)، وتم توزيع الأسلحة على الموجودين كل حسب مهمته».
ويؤكد أن «من عاش مع شباب غزة فى سيناء يعلم علم اليقين أن الكثيرين منهم لا يستطيعون العودة ولا يستطيعون التقدم أكثر والاستمرار فى القتال مع داعش».
وأشار إلى أن عناصر التنظيم يتعاطون المخدرات، فقال: فى إحدى العمليات التى لم أكن مشاركاً فيها كمصور أخبرنى أحد الإخوة الذين شاركوا أنه أثناء هجومهم على الجيش المصرى أصيب أحد أفراد الولاية فى الاشتباك، وتم سحبه إلى مكان آمن، فقام آخر بإخراج حبة حمراء اللون، عرف صديقى فيما بعد أنها ترامادول، وأعطاها للمصاب، وقال له: خذها فستسكن الألم، فكان الحدث كالقشة التى قصمت ظهر البعير، بعدها أسرّ صديقى لى بأنه يرغب فى العودة لهذا السبب وأسباب أخرى.
ويختتم قائلاً: «ذهب صديقى وأخبر المسئول بأنه يريد العودة إلى غزة، فسأله عن الأسباب، وأجاب بأنه لا يوجد أى سبب، فقط يريد العودة، فأخبره بأن هذا يحتاج إلى قرار، وأنه لا يمكنه اتخاذه دون الرجوع للقادة، وأن القاضى الشرعى يجب أن يوافق على عودة أى شخص، ورجع له بعد أيام وأخبره بأن العودة إلى غزة تستوجب السجن، فاحتد الكلام بين المسئول والشاب، وقال: (بدى أشوف أهلى) بصوت مرتفع، فقال له المسئول: سأرسل لك أناساً آخرين يتحدثون معك بنبرة تهديد ووعيد. وقال له: لا يجوز الانتقال من دار الإسلام إلى دار الكفر».