مدير «التدريب» بالمحطة: أنشأنا مركزاً لنقل التكنولوجيا النووية الروسية بين الدول
فلادمير لوبانوف
يُعد التدريب المفتاح الرئيسى لنقل التكنولوجيا بين الدول، ما جعل روسيا تدشن العام الماضى. «الوطن» التقت «فلادمير لوبانوف»، نائب رئيس مهندسى مركز التدريب بالمحطة النووية، للتعرف على معايير اختيار الملتحقين بالمركز التدريبى، وأساليب التدريب التى تضمن نقل المعرفة بالتكنولوجيا النووية الروسية لباقى الدول، وإلى نص الحوار:
■ بداية كيف يساهم مركز التدريب فى نقل الخبرات بالتكنولوجيا النووية الأحدث للدول الأخرى؟
- بدأ تدشين مركز التدريب عام 2016، بهدف تدريب العاملين بالدول التى تبدأ روسيا فى إنشاء مفاعلات نووية حديثة بها، بما فيها المفاعلات من نوع الجيل الثالث «بلس»، بتوفير نماذج محاكاة كاملة للمفاعلات النووية مزودة بمعدات تمثل المعدات الموجودة بالمفاعل النووى، بما يتضمنه من نظم أمان وطوارئ بالمفاعل. ويُعد المركز ضمن النشاط الدولى لمحطة نوفوفورونيج للطاقة النووية التى تُعد بمثابة مدرسة للصناعات النووية فى الاتحاد السوفيتى والدول الأجنبية ولمشغلى المحطات النووية التى بنيت ضمن مشاريع سوفيتية وروسية. وشارك فنيو فورونيج النوويون فى إقامة 26 وحدة طاقة فى 13 دولة من دول العالم. ومنذ عام 1968 تتعاون محطة نوفوفورونيج للطاقة النووية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل مثمر. وأجرت بعثات الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدداً من تحاليل السلامة بحثاً عن تبرير لمد خدمة وحدتَى الطاقة رقم «3» و«4» لمحطة نوفوفورونيج للطاقة النووية. فى سنة 2015 أرسلت الوكالة بعثة OSART إلى وحدة الطاقة رقم «5»، وتضم 15 خبيراً من دول مختلفة قاموا بفحص «9» من الأنشطة الهامة للتشغيل الآمن لمحطات الطاقة النووية. نتيجة لذلك لاحظ الخبراء الاستعداد الكبير للمشغلين للعمل فى الحالات الطارئة، وهذا يكون مهماً بالنظر للأحداث التى وقعت فى محطة فوكوشيما للطاقة النووية، إضافة للممارسات الإيجابية فى مجالات التقنيات الكيميائية ومعالجة النفايات المشعة، ما يجعل تأثير محطة الطاقة النووية على البيئة من أقل ما يمكن، ويقوم متخصصو المحطة بالمشاركة فى الندوات والمؤتمرات وبرامج التعاون للوكالة الدولية للطاقة الذرية التى تنظم فى مختلف بلدان العالم.
«لوبانوف»: المركز مزود بنظام تدريب للتعامل مع الكوارث الضخمة فى فترة زمنية تصل إلى ساعة بدلاً من عشر ساعات
■ ما أهم ما يتميز به التدريب على تكنولوجيا هى الأحدث عالمياً؟
- داخل مركز التدريب نعمد لشرح نظم تشغيل المشروع «1200-VVER» الذى يستخدم لأول مرة موزعات 220/500 كيلوفولت فى محطات توزيع القدرة لمحطات التوزيع من النوع المغلق وبغاز عازل، وتتميز بالخدمة الفائقة والموثوقية والأمان والتصميم الحديث. وبالمقارنة مع الموزعات المفتوحة التى لا تزال تُستخدم فى صناعة الطاقة النووية يكون المجال المغلق أصغر بعدة مرات، وهذا يوفر من مساحة الأراضى المستعملة. ويبدأ المتدربون فى دراسة أوضاع فيزيائية مختلفة أثناء تشغيل المفاعل من نوع الجيل الثالث «بلس»، بما يساهم فى تأهيل المشغلين داخل المحطة والمسئولين عن الصيانة، والعاملين بهيئات الرقابة النووية من خلال التدريب على معدات حقيقية تماثل المعدات الموجودة فى المفاعل النووى، ويُسمح للمدرب بإدخال بيانات بها حالات طوارئ أو مشكلات، ويُطلب من المتدرب أن يتعامل مع هذه الحالات الطارئة مثل حلات الحريق وغيرها من الحوادث.
■ كيف تطور نظام التدريب على تشغيل المفاعل النووى الروسى بعد حادث المحطة النووية اليابانية فوكوشيما؟
- تطور نظام التدريب ليشمل التعامل مع الحوادث الضخمة وليس مجرد ظروف طارئة، أى بحجم ما حدث فى انفجار محطة فوكوشيما اليابانية، فى مارس 2011، ويدرب المركز على نموذج لتقليص الفترة الزمنية للعمليات التشغيلية المختلفة للمحطة النووية، بدلاً من استغراقها عشر ساعات يمكن أن تصبح ساعة واحدة فقط، للتعامل الأسرع مع الكوارث الضخمة. وأنشئ داخل مركز التدريب ما سمى بـ«غرفة التحكم الاحتياطية»، وهى غرفة أنشئت خصيصاً بعد حادث فوكوشيما، ليسهل على العاملين التحكم والتعامل مع المحطة فى حال وقوع الحوادث وصعوبة الوصول لغرفة التحكم الرئيسية، وإذا كانت هذه الغرفة موجودة داخل مفاعل فوكوشيما لما وقعت الكارثة التى انتهت بانفجار المفاعل، وهذه الغرفة الاحتياطية وُضعت فيها كل الخبرات الروسية فى مجال المحطات النووية منذ الخمسينات، ومزودة بنفس المعدات الموجودة بالغرفة الاحتياطية الأصلية بالمفاعل النووى رقم 6 من نوع الجيل الثالث «بلس».
وتتيح غرفة التحكم الاحتياطية التحكم فى كل أنظمة السلامة والأمان بحالات الطوارئ والحريق بديلاً عن الغرفة الرئيسة للتحكم، كما أنها مزودة بأنظمة دفاع إضافية يمكنها التصرف فى حال انقطاع التيار الكهربى الرئيسى عن المحطة أو وقوع فيضان، فيمكن لهذا النظام أن يتيح تبريد المفاعل حتى وإن غُمر المفاعل بمياه الفيضان مثلما حدث مع تسونامى فوكوشيما. أنظمة الأمان بالتكنولوجيا النووية الجديدة درست جميع الأوضاع التى تمثل خطورة بما فيها تخطى مياه الفيضان المفاعل النووى، كما أصبح المفاعل الجديد مزوداً بمحرك ديزل ليساهم فى ضخ المياه بالمفاعل لتبريد قلب المفاعل فى حال توقف عمله. وللأسف فى حادث فوكوشيما المياه المختصة بتبريد المفاعل جفت، ولم يصبح هناك مياه للتبريد، وعجز المشغلون آنذاك عن الوصول للكهرباء، فبدأت عملية تذويب المفاعل باستخدام مادة الهيدروجين التى تسببت فى إحداث الانفجار، إلا أن نظم الأمان بالمفاعل النووى الجديد يمكنها تبريد المفاعل أوتوماتيكياً دون تدخل بشرى من خلال آلات تبريد حرارى تعمل بالبخار وسرعان ما يتحول الأخير إلى الماء، مع إعادة تدوير البخار والماء بما يضمن توفير مياه مستمرة لتبريد قلب المفاعل وتجنب انفجاره، فى ظل غياب قوى لضخ مياه التبريد.