«سنورس».. بلا مرضى أو مدير.. وتحويل المترددين عليه إلى «عاصمة الإقليم»
مرضى يتوافدون على مستشفى «سنورس» لتلقى العلاج
قبل الظهيرة خلا مستشفى سنورس المركزى من توافد المرضى عليه، بالرغم من كونه يخدم أكثر من 12 وحدة محلية، و26 قرية و117 عزبة ونجعاً، وهو ما يمثل أكثر من 350 ألف نسمة، المستشفى الذى يتمثل فى قصر كبير تحيط به حديقة واسعة. مستشفى سنورس ساحته الداخلية مظلمة، يجلس فى الواجهة موظف على مكتبه، عدد قليل من المرضى، لم يفقدوا الأمل فى بحثهم عن العلاج والخدمة الطبية فى المستشفى، لا ينتبه لهم الموظف الذى يضع رأسه على مكتبه فى الدور الأول، ولا يعاونهم أحد فى بحثهم عن الأقسام التى يحتاجون التوافد عليها.
مدير المستشفى المركزى يطرد صحفيى «الوطن» هاتفياً: «اتفضلوا بره أنا طالع على المعاش ومش عايز مشاكل».. والإداريون يمنعون الحوار مع العاملين والمرضى
وبخطوات سريعة يهرول رجل يرتدى عباءة ريفية بسيطة، وبجواره زوجته أنفاسها متقطعة تحمل طفلتها التى تعانى من حمى وارتفاع فى درجة الحرارة، يركضان يميناً ويساراً كأنهما تائهان، لا يعيرهما أحد أى اهتمام، يدخلان قسم الاستقبال الملحق بمبنى المستشفى، يصرخ الرجل مطالباً بنجدة طفلته، يجيبه مسئول الاستقبال، «اطلع فوق دور على دكتورة الأطفال، يجيب الرجل بلهجة غيظ مكتوم وعروق نافرة، «ما احنا جايين من فوق ملاقيناش ولا دكتور»، يجيبه المشرف، «اطلعوا تانى تلاقيها كانت بتمر على الحضانات»، ثم يخرج مشرف الاستقبال هاتفه الخاص، يجرى مكالمة قصيرة ويرد على الرجل، «الدكتورة فى الدور الرابع اطلعلها».
يصعد الرجل وزوجته سلالم المستشفى حتى الدور الرابع قفزاً، وأمام غرفة الكشف، يقول الرجل الذى رفض ذكر اسمه، «احنا كنا هنا وقالوا لنا الدكتورة مش موجودة امشوا، بس لما لقيوا صحفيين من جريدة الوطن فى المستشفى طلعونا نكشف على البنت»، تجلس على المكتب طبيبة أطفال شابة، تفحص الطفلة فوق مكتبها فى دقيقتين، تنظر للأم قائلة، «نزلة معوية إديلها الدوا ده»، وترحل الأم وزوجها مع طفلتهما.
تقول الطبيبة النائبة «ظروف وزارة الصحة بتطفش الأطباء من مصر، احنا عندنا عجز فى الأقسام مش طبيعى، مستلمة نيابتى بقالى 4 شهور، محدش بيدربنى»، تحكى الطبيبة عن معاناة جيل من الأطباء الشباب، الذين يتحملون ورديات طويلة وتوافد عدد كبير من المرضى، بينما لا يقوم أطباء أكبر سناً بتكبد عناء تدريبهم أو الإشراف عليهم، وتضيف «كلنا بنجتهد وبنجرب، الطبيب بعد سنة سادسة فى كلية طب بيبقى مع نفسه ولا حد بيشرف عليه ولا بيتابعه».
وفى الدور الثالث، يجلس محمود جمعة، رجل فى السبعين من عمره فى انتظار زيارة أحد أقاربه، يقول «الناس مبقتش بتتوافد على المستشفى هنا، لأن محدش بيتعالج، مستشفى طويلة عريضة ومفيش أى خدمات ولا دكاترة ولا بنلاقى حد نشتكيله»، وتقول إحدى الممرضات فى المستشفى «مفيش خدمة فى النبطشية ولا السهر، مفيش دكاترة، كل الحالات بنحولها على الفيوم العام، ومفيش غير دكتور جراح واحد ومابيسهرش والأدوية قليلة، بقالنا شهر فيه أزمة ومابقيناش عارفين نصرف للناس أدوية من الصيدلية زى الأول»، وتؤكد ممرضتان من قسم الاستقبال والطوارئ، أنه بالرغم من تعليمات وزارة الصحة ألا تقوم الممرضات بحياكة غرز الجرحى، لأنها تعتبر جراحة لا يقوم بها سوى طبيب مختص، إنما يقومون بذلك كمساعدة إنسانية للمرضى، «الإدارة الصحية منبهة إن الممرضات ممنوع ياخدوا غرز، احنا اللى بنقدر عليه بنعمله وبنساعد حد وناخد له الغرز، لأنه مش هيقدر يدفع 100 جنيه بره، ومفيش دكتور هنا، الناس بتصعب علينا».
يركض إدارى المستشفى ومشرف الاستقبال فى اتجاهنا، يصممان على خروجنا من المستشفى وعدم إجراء أى حوارات مع العاملين أو المرضى، وذلك بأمر من مدير المستشفى عادل محمود عثمان، حيث تواصلنا معه هاتفياً لعدم وجوده فى المستشفى، حاولنا إقناعه بأننا نقوم بعملنا ومن حقنا دخول المستشفى، خاصة الاستقبال لرصد الأوضاع، جاء صوته عبر الهاتف، غاضباً حاسماً، «اتفضلى يا أستاذة بره انتى واللى معاكى، أنا طالع على المعاش بعد كام يوم ومش عايز مشاكل».