«بنى سويف العام»: استقبال الحوادث «فوضى».. وتقطيب جروح الأطفال دون مخدر أو تعقيم
الأطفال يعانون أمام المستشفى
زحام لا ينقطع وطوابير للمرضى على شباك تذاكر الكشف بمستشفى بنى سويف العام، الذى يضم جزءاً كبيراً تحت الإنشاء والتطوير، حيث ترتفع أصوات ماكينات البناء والأوناش، بينما يشمل جانباً آخر به مبان مهترئة، من ضمنها مبنى استقبال ضخم يواجه الباب الخلفى للمستشفى، يتوافد عليه المرضى والمصابون فى حوادث تحتاج لتدخل طبى سريع، حيث يعد مستشفى بنى سويف من أكبر المستشفيات التى تخدم المحافظة بأكملها، ويشمل جميع التخصصات تقريباً.
يمضى عبدالرحمن، طفل عمره 11 سنة، بخطوات غير ثابتة، بعدما اخترقت قطعة زجاج قدمه اليسرى، يدخل مبنى الاستقبال الكبير، يبحث عن أى طبيب يلقى نظرة على قدمه، يطالبه أحد العاملين بالرجوع إلى قسم الاستقبال الآخر ليحصل على تذكرة كشف، يتكئ على السور أثناء نزوله السلم، يشب قليلاً فى الطابور الطويل للحصول على التذكرة، ثم يطالبونه بالعودة مرة أخرى لمبنى الاستقبال القديم، يتوقف عبدالرحمن قليلاً، وتبدو عليه ملامح الإعياء، حيثُ تستمر قدمه فى النزيف، خاصة بعد حركته ذهاباً وإياباً من وإلى قسم الاستقبال فى ظل ارتفاع درجة الحرارة، وقسوة أشعة الشمس.
الأهالى ينقلون المرضى على «تروسيكل».. ومدير المستشفى: «الإسعاف موجود بس هما بيحبوا ينقلوا قرايبهم بطريقتهم».. ونستقبل 2000 حالة يومياً
يقف عبدالرحمن أمام غرفة الكشف، يبحث عن الطبيب المعالج، يفاجأ بطفلة صغيرة، قامت والدتها بتثبيتها بالعنوة، بينما يقوم طبيب امتياز بحياكة جرح فى ساقها بغرز صغيرة، وتستمر الطفلة فى البكاء والصراخ بأعلى صوت، بينما لم تحصل على أى مخدر أو مسكن للآلام، نظرات الطفل مشدوهة وقلقة، يقول «خايف أرجع البيت متعور أمى هتضربنى»، ثوان قليلة مضت، وخرج الطفل يركض من باب الاستقبال، قبل أن يجىء دوره فى معالجة قدمه. صوت صراخ متصل، وسيدات يلطمن على وجوههن، اخترق رواق القسم، بينما يمر «ترولى» ضخم، تنام عليه سيدة ممتلئة الجسم، ويقوم أهلها بدفعها للخروج من مبنى الاستقبال فى المستشفى، يعجز أهلها عن نقلها للمبنى الجديد، فقاموا برفعها على «تروسيكل» ونقلها للمبنى الجديد داخل مستشفى بنى سويف العام.
فى موقف هزلى شارك فيه الجميع الموجودون خارج المبنى فى محاولة مساعدة الحالة وأهلها، قاموا برفع السيدة بالترولى الخاص بها، فى حركة جماعية فوق التروسيكل، بينما ظل أبناؤها يركضون خلفها لعدة أمتار طويلة تفصل جانبى المستشفى عن بعضها البعض.
يقول صبحى ابنها الأصغر «أمى حصلت لها مضاعفات هى مريضة سكر، وعندها مشاكل كمان فى الكبد، ومتبهدلين بيها، فجأة حصلها مضاعفات وتعبت وفقدت الوعى مش لاقيين حد فى الاستقبال، ولا عربية إسعاف تنقلها جوه المستشفى، هنشوف أى دكاترة فى المبنى التانى».
أمام قسم الاستقبال الأصغر تجلس طبيبة لا تتوقف عن مضغ اللبان، بينما تقوم بصرف المرضى إلى مبنى الاستقبال الآخر لتلقى العلاج، يخرج حسن عمر، وهو يقوم بسند والدته التى تتحرك بصعوبة بالغة، لينقلها إلى القسم الآخر، الذى يبعد عشرات الأمتار، يقول «عمالين يبهدلوا فينا، تعالى هنا، روح هناك، والست مش قادرة تتحرك، والدكتورة قاعدة على المكتب بتكلمنا بمنتهى القرف»، تمضى والدته خطوات قليلة، ثم تشعر بالتعب، وتطالب ابنها بالتوقف قليلاً، قائلة «يابنى روحنى بيتى، مش عايزة أكشف، هنام وأبقى كويسة».
بينما يقول جلال رمضان إنه جاء برفقة شقيقه الذى تعرض لكسر فى الأنف، وينتظره الآن ليقوم بعمل الأشعة المقطعية، مضيفاً «بصراحة دكتور العظام موجود، بس كل حاجة بتتحرك ببطء، ولازم ورقة علشان يكشف والدكتور يبص عليه، وورقة علشان الأشعة المقطعية، وبعدين أستنى أدخله للدكتور تانى».
صراخ ونساء ورجال يركضون فى رواق استقبال الحوادث والكسور، وفى إحدى الغرف تنام فوزية، سيدة عجوز، فى حالة سكون تام، بينما يشتد غضب ابنها أثناء بحثه عن طبيب فى قسم الاستقبال دون جدوى، يقول ابنها شاكر، «معرفش فيها إيه، وقعت فى البيت وست كبيرة، قعدت تصرخ، وجبناها على هنا، منعرفش اتكسرت ولا إيه»، وبعد مرور أكثر من ساعة، ظل الوضع كما هو عليه، يبحث الابن عن طبيب دون جدوى، لمح شاكر طبيباً شاباً يمضى فى الرواق، ركض وراءه، وجذبه من ملابسه حتى يقوم بالكشف على والدته المريضة، فرد عليه الطبيب، «أنا امتياز، هروح وأندهلك دكتور كبير»، ومضى الطبيب فى طريقه.
قال الدكتور هانى همام، مدير مستشفى بنى سويف العام، إن المستشفى يخضع لعملية إحلال وتجديد، والمقرر انتهاء المرحلة الثانية منها خلال شهور قليلة من خلال إدارة المشروعات بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، إلا أن المستشفى مستمر فى تقديم الخدمة الطبية للمرضى بشكل طبيعى، لافتاً إلى تقسيم قسم الاستقبال بالمستشفى إلى استقبال الباطنة والأطفال بجوار العيادات الخارجية ويعمل على مدار اليوم، والآخر قسم استقبال الحوادث والكسور، بداخل المبنى القديم، حتى لا يتأثر القسم بعملية التطوير حيث تم نقل الأول بصفة مؤقتة، حيث يستقبل المستشفى يومياً ما يزيد على 2000 حالة ما بين عيادات خارجية وأقسام داخلية ما بين حضانات وعناية مركزة وجراحات، وأشار مدير المستشفى العام إلى أن هناك تعليمات إدارية بنقل المرضى من قسم الاستقبال إلى المبنى الداخلى الجديد من خلال سيارة إسعاف، إلا أن بعض ذوى المرضى يفضلون نقل مريضهم بمعرفتهم، مؤكداً على مخاطبة هيئة الإسعاف بتوفير سيارة إسعاف إضافية تختص بنقل المرضى داخل المستشفى فقط، مشيراً إلى أنه عقب انتهاء عملية التطوير داخل المستشفى سيتم الربط بين المبانى لسهولة نقل المرضى داخلها.