فرع «الإسكندرية» يشارك فى مشروعات «استزراع سمكى وتصنيع الدواء»
د. حمزة سمير داخل المعمل المركزى
بصوته المميز الذى ارتبط فى ذاكرة الملايين، كان الدكتور حامد جوهر يقدم برنامجه التليفزيونى الأسبوعى الأشهر «عالم البحار» الذى استمر طيلة 18 عاماً يذيع مواد فيلمية عن مختلف الكائنات البحرية بفصائلها المختلفة، وهو أحد أهداف المعهد القومى لعلوم البحار، التى ترجمها برنامج «جوهر»، الذى ظل يعمل أستاذاً بالمعهد حتى وفاته عام 1992.
«93 عاماً»، مرت على تأسيس فرع معهد علوم البحار بالإسكندرية بدأ فى الشاطبى ليضم حالياً عدداً كبيراً من المعامل الكيميائية، وحماية الشواطئ، ومتحفاً للأحياء المائية، ومقراً للمعمل المركزى للاختبارات المعملية.
«حماية المسطحات المائية من المخاطر»، كانت أول الأدوار التى ذكرتها الدكتورة عبير السحرتى، عميد فرع معهد علوم البحار بالإسكندرية، فى لقائها مع «الوطن»، لتعرض مجموعة من المشروعات التى ينفذها المعهد فيما يتعلق بزيادة الثروة السمكية المصرية، التى أصبحت مهددة خلال الفترة الأخيرة، بالاستعانة بخبرة علماء المعهد.
وأضافت «السحرتى» أن من بين أبرز المشروعات للمعهد الحفاظ على الإنتاج السمكى للبحر المتوسط، والتنمية المستدامة للاستزراع السمكى من خلال الاستخدام الأمثل للمياه الجوفية فى إحدى المحطات التابعة للمعهد فى منطقة «المكس»، ويهتم المعهد حالياً بوضع حلول غير تقليدية لحماية السواحل المصرية، والحفاظ على التوازن البيئى والبيولوجى، وتنشيط السياحة، كما ينفذ المعهد دراسة بيئية لتأثير النشاط السياحى على منطقة مارينا غرب الساحل الشمالى.
باحث بالمعهد: نستفيد من أجهزة «ريل تايم» فى حماية الثروة السمكية من الإصابة بالأمراض المنتشرة فى «المزارع» وحقن الآسماك بـ«الفاكسين»
أوضحت «السحرتى» أن فرع المعهد، الذى يضم 300 باحث، مزود بمركز بيانات بحرية موجود منذ 35 عاماً، وهو جزء من شبكة عالمية تتبع مراكز البيانات البحرية، وأنشئ حديثاً المكتب الفنى، الذى يعد بيت خبرة يضم ممثلين من جميع الشُعب المتخصصة من ذوى الخبرات العلمية لوضع مقترحات والقضاء على المعوقات التنفيذية، بالتعاون مع عدد من الجهات العلمية والبحثية، مثل هيئة قناة السويس، وجهاز شئون البيئة، وهيئة الاستشعار عن بعد، ومدينة الأبحاث العلمية.
وكشفت «السحرتى» عن مشروع ينفذه المعهد خلال الفترة ما بين شهرين وثلاثة أشهر بالتعاون مع حى الجمرك لإنشاء أقفاص سمكية بالميناء الشرقى بعد الحصول على موافقات أمنية لتربية أسماك القروص والدنيس والبورى، بعد الحصول على الإصباعيات والزريعة من هيئة الثروة السمكية، ما يساهم فى تقليل أسعار بيع هذه الأسماك بنسبة تصل إلى 50%، على أن يطرح إنتاج المزرعة على حلقة السمك بالتعاون مع حى الجمرك.
كيف تساهم مزرعة المعهد فى تقليل أسعار الأسماك؟ يجيب الدكتور أيمن لطفى، رئيس محطة المكس، عن سؤال «الوطن» لافتاً إلى المصنع الحكومى الوحيد بمنطقة الإسكندرية الذى يساهم فى إنتاج الأعلاف المحلية بديلاً عن الأعلاف المستوردة، التى تسببت فى رفع أسعار الأسماك بعد تحرير سعر الصرف، وأضاف «لطفى» أن مصنع الأعلاف، على مساحة ألف متر مربع، بدأ العمل فعلياً بعد فترة تعطل امتدت لسنوات منذ أشهر قليلة، ويوجد به خطان للإنتاج أحدهما «غاطس» ينتج 3 أطنان من الأعلاف، وآخر «طافٍ» يستخدم فى الاختبارات على الأعلاف الجديدة التى تجريها شعبة تربية الأحياء المائية، بخاصة معمل تغذية الأسماك التابع للمعهد، ولفت «لطفى» إلى أن المصنع يساهم فى إنتاج توليفة علف محلى بديلاً عن المستورد يستخدم فى المزرعة السمكية التى ينشئها المعهد خلال الأشهر المقبلة، ولن يبدأ الإنتاج الفعلى للأسماك من المزرعة قبل ستة أشهر، وهى دورة نمو الزريعة، فى حين يمتد الموسم الإنتاجى لنوعى الدنيس والقاروص ما بين 16 إلى 18 شهراً، أى إن الإنتاج الفعلى لن يبدأ قبل عام بحد أقصى، كما عرض المعهد مقترحاً لتطوير مصنع الأعلاف للمساهمة فى خدمة فعلية للمجتمع.
«100 مليون جنيه»، هى التكلفة التقديرية لأسعار الأجهزة العلمية التى يحويها المعمل المركزى الموجود بفرع معهد علوم البحار بالإسكندرية، وذكرت الدكتورة مها أحمد عبدالله، رئيس المعمل، أن المعمل المركزى من المعامل القليلة على مستوى الجمهورية، يحوى أحدث الأجهزة التى تساعد فى إجراء تحاليل بحثية وتعليمية مختلفة لخدمة المجتمع والمؤسسات البحثية.
وقال الدكتور حمزة سمير، أحد الباحثين بالمعمل المركزى، إنه من بين الأجهزة المهمة التى يضمها المعمل جهاز لتحليل الملوثات العضوية التى تظهر بالمسطحات المائية، وتحوى عناصر سامة مثل الزئبق والكادميوم والرصاص، التى يمكنها التسبب فى تلوث النبات فى حال وصول مياه ملوثة إليه، أو تسمم الإنسان فى حال تناوله لأسماك تحوى عناصر ثقيلة، وهى العناصر التى تتسبب فى وقوع أمراض سرطانية، وأضاف «سمير» أن الأجهزة داخل المعمل يمكنها قياس نسب المواد الضارة بالبيئة البحرية، وتوجد منذ سبع سنوات ويحدثها المعمل باستمرار من خلال الصيانات الدورية لتعمل بكفاءة عالية، كما يسعى المعمل للحصول على شهادة الجودة لأجهزة المعمل خلال الفترة المقبلة لتحصل نتائج المعمل من اختبارات على مصداقية عالمية، وأوضح «سمير» أن المعمل المركزى يكاد يكون الوحيد الذى يحوى مجموعة متكاملة من الأجهزة العلمية لقياسات البيئة الميكروبيولوجية، ويستفيد من ذلك المؤسسات البحثية والشركات المختلفة، والطلاب المتخصصون من خلال إتاحة الفرصة أمامهم للتدريب على أجهزة المعمل، وإجراء الاختبارات.
وفيما يتعلق بمساهمة أجهزة المعمل فى صناعة الأدوية، أشار الدكتور إبراهيم شرابى، الباحث بالمعمل، إلى أنه مسئول عن تشغيل أحد الأجهزة المرتبطة بالوراثة الجزيئية، «ريل تايم بى سى آر»، مهمته التعرف على التكوين الجينى للعينات المختلفة من الأسماك، وأضاف «شرابى»، فى لقائه بـ«الوطن» أنه من خلال جهاز «ريل تايم» يمكن تحديد التعبير الجينى للاستفادة منه فى إنتاج فاكسين يساهم فى حماية الثروة السمكية من الإصابة ببعض الأمراض المنتشرة فى المزراع السمكية، من خلال حقن الأسماك بالفاكسين، وقياس مدى فاعليته فى حماية الأسماك من المرض من خلال تحليل التعبير الجينى للسمك، ويساهم جهاز آخر بالمعمل وهو «إن إم أر» للرنين المغناطيسى فى صناعة الأدوية، كما ذكر الدكتور خالد يونس، الباحث بالمعمل والمتخصص فى تلوث المياه، يساعد شركات الأدوية فى تصنيع الدواء من خلال التعرف على المواد وتركيبها الكيميائى والجزيئى المختلف سواء من ذرات أو جزيئات، ما يساهم فى عمليات صناعة الدواء.
ويمتلك المعمل جهازاً معقماً بالكامل يخدم صناعة الدواء، كما ذكر الدكتور بهى الدين عبدالفتاح، المسئول عن الجهاز، وهو أشبه بمفاعل حيوى أو مخمر ينتج كميات كبيرة من أى كائن مجهرى من خلال وضعه داخل الجهاز المعقم بالبخار بالكامل، وتعرضه لظروف معينة تساهم فى إكثار حجمها، وأضاف «بهى» أن الجهاز يساعد شركات إنتاج الأدوية، من خلال إتاحة بيئة مناسبة ودرجات حرارة معينة لإنتاج الكائنات المجهرية بكميات كبيرة، وتصل تكلفة الجهاز إلى ما لا يقل عن 30 مليون جنيه.