بروفايل|"مانديلا".. المُتسلِّح بالسلام ضد العنصرية
مانديلا
من قلب المعاناة، وفي ذروة التمييز العنصري الذي عانى منه السُّود في جنوب إفريقيا، كان الظلام يلفظ أنفاسه فيما كانت القارة السمراء على موعد مع بذوغ فجر جديد يُبدد عقود الظلم.
ففي أقصى إفريقيا، ولد "ناصر" الحرية، ليقود حركة الاستقلال والسيادة في العالم الثالث، وفي نفس العام 1918، ولد "نيلسون روليهلاهلا مانديلا" في 18 يوليو، ليكون البشير الذي يحمل مشاعل الثورة على الظلم، ويوقظ ضمير العالم، ويتحول بعدها إلى رمز ملهم، لكل باحث عن الحرية والمواطنة على وجه البسيطة.
لم يبالِ "مانديلا" بالحكم الصادر في حقه بالسجن مدى الحياة، لمجرد أنه ينادي بالمساواة بين المواطنين، قضى الرجل 27 عامًا في غيابة "الجُب"، قبل أن يخرج إلى النور بضغوط دولية مورست على حكومة جوهانسبرج، ليقود بعدها معركة أخرى من التفاوض من أجل إنهاء نظام الفصل العنصري، وإجراء انتخابات تشارك فيها جميع الأعراق المكونة للدولة، انتهت باتخابه كأول رئيس أسود لجنوب إفريقيا في 1994 وحتى 1999، ورغم شعبيته الجارفة، إلا أنه فضل بعد حزمة من الإصلاحات الدستورية ومكافحة الفقر وترسيخ روح التسامح في البلاد، ألا يخوض الانتخابات لفترة ثانية.
"لصنع السلام مع عدو، يجب العمل مع العدو، الذي يصبح شريكًا"، مقولة ثابتة عن "مانديلا" عبرت عن نظرته ومبادئه للمقاومة، بعيدًا عن سفك الدماء من الجانبين. كان حريصًا على الحوار والبحث عن نقاط الالتقاء، وكل ما يُقرب ويجمع ويضيق الهوة والخلاف، فجنب بلاده الغرق في بركة من دماء "السود والبيض" معًا.
حصل مانديلا على أكثر من 250 جائزة، منها "نوبل للسلام" في 1993، وميدالية الرئاسة الأمريكية للحرية، ووسام لينين من النظام السوفييتي، فيما كان الوسام الأعلى من شعبه الذي لقبه بـ"أبو الأمة".
كان آخر ظهور علني لـ"نيلسون" في المباراة النهائية لبطولة كأس العالم في جنوب إفريقيا عام 2010، ظل بعدها بعيدًا عن دائرة الضوء، وفي 5 ديسمبر 2013 وهو في الـ95 من عمره، تُوفي في منزله بـ"جوهانسبرج"، فيما أعلن الرئيس "جايكوب زوما" الرئيس الحالي "18 يوليو" من كل عام يومًا لـ"مانديلا"، من أجل تعزيز السلام العالمي والاحتفال بتراث زعيم جنوب إفريقيا.