رجل المرور فى رمضان: الشوارع زحمة طول النهار والجو حر ولكن لازم نشتغل
يقف مرتدياً بذلته البيضاء، واضعاً كابه الأسود على رأسه، ممسكاً بجهاز لاسلكى صغير، يلوح بيديه يميناً ويساراً للسيارات المارة أمامه، ينظم إشارة المرور، فى حركة مرنة يتحرك على يمين الشارع ويساره، هذا هو رجل المرور الذى يقف فى هذا النهار الحار فى يوم من أيام شهر رمضان وهو صائم، لا يمكنه التحرك من مكانه، ولا يمكنه أخذ رشفة ماء تذيب عطشه، أو حتى لقمة طعام تزيح عن بطنه الجوع، ولا يستطيع الراحة لدقائق لأن عمله لا يمكن أن يقوم به غيره.
يقول تامر سعيد، أمين شرطة، أحد رجال المرور الذى يقف لينظم حركة السيارات المارة فى إشارة مرور أمام نادى الصيد بمنطقة الدقى: إنه يعمل خلال شهر رمضان من الساعة 8 صباحاً حتى 4 مساء، وإن العمل خلال الشهر الكريم يختلف كثيراً عن باقى أيام العام، لأنك تعمل وأنت صائم وممتنع عن الأكل والشرب طوال النهار، وذلك يزيدك تعباً على تعب العمل فى الحر الشديد.
يروى تامر، الذى يقطن بمنطقة الجيزة، ويعمل فى هذه الإشارة منذ 9 سنوات مضت: «دى من الوظائف الشاقة جداً فى رمضان، الواحد بيفضل واقف طول اليوم فى الشمس والحر، فى عز الصيف اللى إحنا فيه، علشان نقدر نمشى الشوارع»، يقول إن حركة المرور فى الأيام العادية يكون تكدسها خلال فترة الظهيرة، أثناء عودة الموظفين من عملهم والطلبة من المدارس والجامعات، أما فى رمضان فتكون طوال النهار حتى الساعة الأخيرة قبل الفطار، وهو ما يجعل العمل أكثر مشقة من أى يوم آخر غير رمضان، يقول: «أنا طول اليوم بفضل واقف، وآجى ساعة الصلاة أروح أصلى وأقرأ ما تيسر من القرآن وأرجع مرة تانية لشغلى».
عدد كبير من المارة يلوح بيديه ليسلم على «تامر»، ومنهم من يقف خصيصاً لتحيته، فهو استطاع أن يبنى علاقة طيبة بينه وبين الأهالى والمارة من هذه الإشارة يومياً، يقول إن الأهالى هنا معظمهم محترمون، ويتعاملون معاملة لائقة معه، إلا القليل منهم من يمكن أن يتجاوز فى معاملته، قائلاً: «فى ناس محترمة لو جيت تاخده مخالفة بيرفع إيده ويعتذر، وواحد تانى تيجى تاخد له مخالفة تلاقيه بيشتم ويسب فيك بالأم والأب، أنا بيعدى عليا ناس كتير هنا محترمة، وفى ناس الواحد بيقول ربنا يهديهم، مش بيراعوا شعور الناس اللى واقفة فى الشمس، وتلاقى واحد راكب تاكسى مش بتاعه يقولك خد الأرقام ورا وقدام، علشان كدا لازم تكون مسيطر على أعصابك، ممكن تواجه أشخاص لا يحبون رجال الشرطة بصورة عامة، فالواحد بيحاول يمتص غضبهم، فتلاقى واحد يقولك والله كويس فعلا صوابعك مش زى بعضها، فى منهم كويسين وبيعاملوا الناس كويس».
تامر الذى لا ينتظر أى شكر من أحد، ويشعر أن عليه إتقان عمله كما يجب، يحاول جاهداً أن ينتهى من الحصول على بكالوريوس التجارة، لأنه يريد أن يصل إلى رتبة ضابط، وهذا سوف يتحقق له بعدما يحصل على مؤهل عالٍ، كما يقول، يروى أنه يحاول أن يعامل الناس دائماً بطريقة محترمة، حتى يجزيه الله خيراً فى عمله «أنا بشوف دايماً إن أجرى من عند ربنا، وأكيد ربنا بيبقى شايف البنى آدم ده تعبان ويجازيه خير».