نفسيون عن انتحار طالب ثانوية بمسجد: مات بهدف كسب التعاطف
أرشيفية
ساعات عدة قضوها بين الدروس الخصوصية وأمام المكتب الذي تتراص عليه الكتب والأوراق والأقلام، لمذاكرة وترتيب المعلومات المتعددة التي تزدحم بها المناهج لتجاوز مرحلة "عنق الزجاجة" المسمى الشائع عن الثانوية العامة، التي يخرج بها الطالب من ضيق "المدرسة" إلى فضاء "الكلية" التي يحلم بها، إلا أنه دائما ما يكون العديد من الضحايا، بين الراسبين والمنتحرين.
الانتحار.. وسيلة الكثير من الطلاب الراسبين وأصحاب المجموعات القليلة بالثانوية العامة، للتخلص من ذلك العبء، وكان آخر من أقدم على ذلك الاختيار، "عبد الرحمن. م. ع"، 17 عاما، الطالب بالثانوية الأزهرية ومقيم عزبة أبو سعدة بدائرة المركز، الذي تناول مبيدا حشريا، بعد تأدية الصلاة المسجد بالعزبة مع شقيقه، وتم نقله إلى المستشفى وتوفي في الحال، متأثرا بتناوله المادة السامة، وتم التحفظ على الجثة تحت تصرف النيابة العامة وتحرر المحضر اللازم وتولت النيابة التحقيق.
"منظر استعراضي".. هو الوصف الذي أطلقته الدكتورة هبة العيسوي، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب لجامعة عين شمس، وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسي، على انتحار طالب الثانوية الأزهرية، قائلة إنه لم يكن ينتوي الانتحار بشكل كامل وإنما يريد إظهار ذلك لكسب التعاطف معه.
وأوضحت العيسوي، في تصريح لـ"الوطن"، أن 90% من طلاب الثانوية العامة الذين يقبلون على الانتحار يعانون مسبقا من أمراض نفسية ويندرجون تحت بند المسكوت عنهم، وتظهر علامات ذلك من خلال رفضهم للطعام وانخفاض أوزانهم والميل للعزلة، لذلك فور رسوبهم يتجهون للتخلص من الحياة بشكل كامل لارتفاع حدة المرض.
وتابعت قائلة إن النوع الآخر من المقبلين على الانتحار يكونون من أصحاب "الشخصية الهستيرية" الذين يحتاجون للتعاطف الشديد فيقدمون على ذلك بنسبة غير كاملة للفت الانتباه وكسب الحب فيقررون فعل ذلك في الأماكن العامة لسرعة إنقاذهم، لكنهم لا يتقنون الأمر في الكثير من الأوقات، بخلاف الأشخاص المقبلين على الانتحار الذين يفعلون ذلك في الأماكن المغلقة أو بينما يكونون بمفردهم، وهي الفئة التي ينتمي إليها الطالب عبدالرحمن الذي أقبل على الانتحار بالمسجد برغبة أن يتمكن المصلون من إنقاذه.
ووافقها في الرأي، الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، مضيفا أن الأهالي هم الدافع الأكبر على الانتحار بالنسبة لطلاب الثانوية العامة، لكونهم يشكلون ضغطا ضخما على الأبناء بسبب الجانب المادي، فضلا عن مقارنتهم بغيرهم من الطلاب المتميزين بالعديد من العبارات المؤذية نفسيا.
ولفت فرويز إلى أن تدهور سن المراهقة أيضا هو أحد الأسباب المؤدية للانتحار، لذلك يقدم بعضهم على تلك الخطوة لكسب التعاطف، وهو الأمر المعروف بكونه "الموت بالصدفة".