مئات العمال يسابقون الزمن لتنفيذ أول مراحل المشروع النووى
أعضاء لجنة مديرية التربية والتعليم بمطروح خلال استلام ملفات التقديم بالمدرسة
«خلية نحل» لا تتوقف عن العمل، مئات العمال والمهندسين والفنيين يسابقون الزمن للانتهاء من تنفيذ أول مدرسة للتطبيقات النووية فى مصر قبل بداية العام الدراسى الجديد، ولم يتبق سوى شهرين فقط على تسليم المرحلة الأولى من «مدرسة الضبعة الفنية التقدمية للتطبيقات النووية»، التى يجرى إنشاؤها فى مواجهة محطة الضبعة النووية، بمحافظة مطروح، بهدف توفير الكوادر المؤهلة للعمل فى المحطة النووية.
وبحسب الجدول الزمنى للمشروع، الذى لا يُعد الأول فى مصر فقط وإنما فى المنطقة العربية، فمن المقرر تسليم المرحلة الأولى، وتضم 9 مجمعات، يجرى إنشاؤها على مساحة 33 ألف متر مربع، ومجهزة بـ3 ورش تدريبية، إحداها للميكانيكا، وأخرى للكهرباء، وثالثة للإلكترونيات، منتصف شهر سبتمبر المقبل، لتبدأ بعد أيام من تسليمها، فى استقبال الدفعة الأولى من الطلاب، من مختلف محافظات الجمهورية.
«خلية نحل» على الأرض لتسليم 9 مجمعات و3 ورش للميكانيكا والكهرباء والإلكترونيات على مساحة 33 ألف متر لاستقبال الدفعة الأولى من الطلاب خلال شهرين
ورصدت «الوطن»، خلال معايشتها مع العمال الذين يعملون ليل نهار، العشرات منهم يقومون برفع الطوب والرمال، التى تم تشوينها أمام المبانى، التى بدت فى مراحلها النهائية، باستخدام «أوناش» نصف آلية، بينما انهمك آخرون، اتخذوا مواقعهم أعلى تلك البنايات، فى استقبال مواد البناء، ولم يتوقف المقاولون ومهندسو هيئة الأبنية التعليمية عن المرور على المواقع المختلفة، لمتابعة سير العمل، والتأكد من توفير احتياجات العمال من المواد المطلوبة، لاستكمال إنشاء كل مبنى، حتى أعمال المحارة والنجارة وتوصيلات الكهرباء والمرافق، كما لم تتوقف زيارات مسئولى مديرية التربية والتعليم بمطروح، والإدارة التعليمية بالضبعة، للتأكد من جاهزية المدرسة لاستقبال الطلاب مع بداية العام الدراسى الجديد، وتذليل أى صعوبات قد تواجه فرق العمل، فى حدود اختصاصاتهم.
وتتضمن خطة المرحلة الأولى لمشروع إنشاء المدرسة النووية إنشاء 9 مجمعات دراسية، بينها 3 مبانٍ للورش، ومبنيان للإقامة، ومبنى للمحولات الكهربائية لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل المدرسة، على أن يتم إنشاء 3 مبان إضافية خلال مرحلة التوسعات، أحدها للدراسة، والآخر للإقامة، وثالث ورشة، لاستيعاب الزيادة المتوقعة فى أعداد الطلاب خلال السنوات المقبلة، كما تضم عدداً من الملاعب الرياضية ومسرحاً على الطراز الرومانى، ومنشآت أخرى مجهزة للأنشطة الطلابية المختلفة.
ويتكون مبنى الدراسة من 4 طوابق، تضم 18 فصلاً دراسياً، وعدداً من المعامل، ومكتبة، ومجموعة من الغرف المخصصة للمدرسين، وقاعة متعددة الأغراض، إضافة إلى صالة جماعية، بينما يتكون مبنى الإقامة من 5 طوابق، ويضم كل دور منها 6 غرف نوم مخصصة للطلبة، وتستوعب كل غرفة 4 طلاب فقط، ومزودة بحمامين، وصالة للمذاكرة، وصالة طعام، ومطبخ، ومغسلة بالدور الأرضى، أما مبنى الورش فيضم ورشة للميكانيكا، وورشة ثانية للإلكترونيات، أما الورشة الثالثة للكهرباء.
محافظ مطروح: الأهالى سلموا أرض المشروع «طواعية» لثقتهم فى القوات المسلحة.. ومنحنا أبناء «المحافظة» 40% من فرص الدراسة لأنهم وطنيون حتى النخاع والأولى بالالتحاق بها لأنها تقام على أرضهم
ويسعى القائمون على بناء المدرسة لتسليم معظم المبانى، خاصة مجمعات الدراسة والإقامة والورش، بحلول 15 سبتمبر المقبل، قبل موعد بدء الدراسة، لتتبعها المرحلة الثانية من الأعمال الإنشائية، وتتضمن إنشاء ورشتين إضافيتين، ومبنى آخر للإقامة، والملاعب، ليتم تسليمها فى شهر ديسمبر المقبل، ويكثف العمال من نشاطهم داخل الموقع لسرعة الانتهاء من إنشاء المدرسة، بعد الانتهاء من أعمال الخرسانات المسلحة لكافة المبانى، وانتهاء أعمال البناء والتشطيبات النهائية لمعظمها، من دهان الواجهات، وتركيب الأبواب والنوافذ، وتجهيز المبانى لتركيب البلاط والرخام فى الأرضيات، والعمل فى ذات الوقت فى المبانى الأخرى، وبنفس المستوى من التشطيبات، وبنفس طاقة العمل.
وخلال متابعته لسير العمل داخل مواقع الإنشاء، قال «أحمد جمال»، أحد المشرفين الهندسيين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية: «إننا موجودون ومقيمون داخل المشروع منذ بداية الإنشاءات، ونعمل هنا ليلاً ونهاراً لإنجاز العمل، وإزالة العقبات التى من الممكن أن تواجه المقاول، والعمل على خدمة المشروع»، معتبراً أن مشروع إنشاء المدرسة النووية فى الضبعة يأتى فى إطار «عملية تعليمية حديثة، تحرص عليها هيئة الأبنية التعليمية بهدف تطوير التعليم، وتنفيذ أنشطة تعليمية جديدة يستفيد منها الطلاب، وتخريج دفعات تستفيد منها الدولة»، وتابع جمال: «نسعى جاهدين للانتهاء من جميع الأعمال الإنشائية فى الموعد المحدد، كما تسعى الهيئة جاهدة من أجل إقامة منشآت تعليمية حديثة، لرفع مستوى التعليم فى مصر، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، واللواء يسرى عبدالله، رئيس هيئة الأبنية التعليمية، والمهندس منصور عبدالهادى، مدير عام فرع الهيئة بمطروح».
وفى منتصف اليوم، يلتف العمال حول وجبة «الغداء»، فى استراحة قصيرة بعيداً عن حرارة الشمس الحارقة، داخل مبنى الدراسة، ثم يتناول عدد منهم بعض أكواب الشاى، قبل أن يعودوا سريعاً إلى مواقع عملهم، ويحرص البعض منهم على ترديد الأغانى الشعبية للتخفيف من مشقة العمل وسط هذه الظروف الصعبة، ليعزفوا مع المشرفين عليهم «سيمفونية ملحمة وطنية» لإنشاء أول مدرسة نووية على أرض الضبعة بمطروح.
«بنرفع 7 آلاف طوبة يومياً، أنا واتنين من العمال، ومعاهم الأسمنت والرمل بتاعهم، فوق مبنى المدرسة»، بهذه الكلمات عبر «بدوى خاطر»، أحد العمال على «ونش» لرفع مواد البناء، عن حجم العمل الذى يتم إنجازه يومياً للانتهاء من تنفيذ المشروع وفق الجدول الزمنى المحدد، وتابع: «لا نمل من العمل، لأننا بنحبه، ونعمل من بعد صلاة الفجر مباشرةً، حيث نتناول الإفطار مع بعضنا، ونتوجه إلى الموقع، ونبدأ العمل مبكراً لأننا نفسنا المدرسة تخلص وتتشطب، ولن نتركها إلا يوم الافتتاح، عندما نراها كاملة التشطيب، كما وعدنا المقاول».
أما «طارق لطفى»، المشرف على تنفيذ الأعمال الإنشائية بالمشروع، فقال: «بنشتغل بكامل طاقتنا فى جميع المبانى وفى وقت واحد»، وأضاف: «كما ترى العمل هنا لمدة 12 ساعة للجميع، وهناك عمال تعمل أكثر من ذلك، فنبدأ من الساعة 7 صباحاً وحتى السابعة مساءً، ونحن لا نتوقف فى أعمال الإنشاءات، بنائين ونجارين وعمال، بجانب العمل داخل الورش من خلال مقاولى بياض، حتى يتم الانتهاء من المشروع فى وقت واحد، ونحن نعرف أنه لم يتبق إلا شهران فقط على موعد تسليم المدرسة لافتتاحها، ونسابق الزمن كى نقوم بإنجاز ما تبقى من أعمال، فجميعها أعمال تشطيبات بسيطة، لأننا انتهينا من الأعمال الخرسانية وتشييد المبانى، ونعمل حالياً فى مرحلة التشطيبات النهائية، تركيب حلقان الخشب والكهرباء ومد خطوط المياه والصرف الصحى، بجانب أعمال المحارة والبياض، ونتوقف حالياً على تركيب الرخام بالأرضيات، كما يتم بناء السور الخارجى وغرف الأمن والحراسة»، معرباً عن توقعه الانتهاء من جميع هذه الأعمال فى الموعد المحدد، وأكد أنه ستتم زيادة ساعات العمل خلال الشهر الأخير، حتى يتمكن العمال من تشطيب المبانى التسعة داخل المدرسة، بجانب الملاعب والمسرح وجميع الورش، والمبنيين الخاصين بالغرف الفندقية لإقامة الطلبة والعاملين بالمدرسة.
ومن جانبه، وصف محافظ مطروح، اللواء علاء أبوزيد، مشروع إنشاء مدرسة الضبعة الفنية التقدمية للتطبيقات النووية بأنه «صرح تعليمى عملاق، يتم بناؤه على أرض مدينة الضبعة»، مشيراً إلى أنه تقرر منح امتياز لأبناء محافظة مطروح بنسبة 40% من إجمالى عدد الملتحقين بالمدرسة، باعتبار أن من حقهم الأولوية فى التعليم بالمدرسة التى تُقام على أرض المحافظة التى يعيشون فيها، وأنهم الأولى بالعمل فيها، ووصفهم بأنهم «وطنيون حتى النخاع»، لافتاً إلى أن أهالى الضبعة سلموا الأرض التى يجرى إنشاء المدرسة عليها إلى القوات المسلحة «طواعية»، لثقتهم فيها وفى أنها تعرف جيداً المصلحة العامة لأبنائهم ومحافظتهم.
وأضاف أن الرئيس السيسى كافأ أبناء الضبعة بتخصيص 1500 وحدة سكنية، تم إنشاؤها على الطراز البدوى بالمدينة الجديدة، كما يجرى حالياً إنشاء أول مدرسة للتطبيقات النووية فى منطقة الضبعة، بهدف تعليم وتأهيل وتخريج كوادر للعمل فى المحطة النووية، معتبراً أن المدرسة تُعد «نموذجاً فريداً من نوعه فى مصر والعالم العربى للتعليم الجاد والمتخصص الذى يؤهل الخريجين طبقاً لاحتياجات سوق العمل»، وأشار المحافظ إلى أنه من المقرر أن يفتتح الرئيس السيسى المدينة السكنية بالضبعة فور الانتهاء منها، ومن المتوقع أن يزور موقع إنشاء المدرسة النووية، حيث يتابع المشروع عن قرب، وقال «هناك مخطط تفصيلى نسعى لتنفيذه حالياً لإنشاء المدرسة واختيار أفضل العناصر من أبناء مصر، من مختلف المحافظات، للالتحاق بها، حتى يتم تخريج أفضل الكوادر المؤهلة للعمل فى هذا المشروع القومى الذى يتبناه الرئيس لإنشاء المحطة النووية فى الضبعة»، مشدداً على أنها ستكون انطلاقة قوية لقطاع الكهرباء فى مصر كلها، وستُقام عليها مصانع ومشروعات تنموية كبرى، سواء فى محافظة مطروح أو المحافظات المجاورة، كما ستؤدى إلى تغيير شامل فى منطقة الضبعة والساحل الشمالى، من خلال إقامة عدد من المجتمعات العمرانية الجديدة.