"حياة" زوجت بناتها الـ8 من بيع "البهارات": ربنا كريم والناس فيها الخير
الست حياة
بين أصوات الباعة، وفصال الزبائن للأسعار الموجودة على لافتات عربات الخضار والفاكهة، بإحدى ممرات سوق "قحافة" بطنطا، تجلس "حياة" مُرتدية خمارها الأبيض في هدوء، لا تنادي على زبون ولا ترفع أي لوحة تسعيرية، لفرشتها التي تحمل جميع أنواع "البهارات".
اعتادت حياة فرحات، أن تأتي قبل 13 عاماً يومياً إلى السوق منذ أول النهار وحتى وقت الظهيرة، وقت تقضيه في بيع البهارات فقط لا غير، بعد وفاة زوجها، تاركاً لها 8 بنات وولدين في رقبتها دون معاش: ""باجي كل يوم من الساعة 7 الصبح لـ1 ونص، بقعد على الرصيف وبجهز أكياس التوابل قدامي لحد ما يجيلي زباين، لأن انا اللي بصرف على عيالي الـ10 ومسئولة عنهم من يوم ما جوزي عبد الباسط مات، ولحد ما الحمد لله جوزت بناتي الـ8"، معاناة السيدة السبعينية لم تختلف كثيراً عن السابق، بل زادت الأعباء عليها بعد وفاة الزوج: "كنت زمان بقف مع جوزي في نفس المكان بنبيع خضار، احنا على باب الله ومكنش لينا دخل ثابت، وبقالي 45 سنة كنت بطلع معاه كل يوم، ولما مات كملت مشواره بس بقيت ابيع البهارات لأنها أرخص من الخضار، وكمان عشان مبعرفش اتعامل مع التجار زي ما كان بيبقى معايا".
تسكن "حياة" في غرفة صغيرة بمفردها، بعد أن زوجت بناتها: "بناتي الـ8 بيشتغلوا على عربيات فول مع جوازتهم ومشغولين في حياتهم الجديدة، ربنا يكرمهم كل فترة واحدة منهم بتيجي تقعد وتواسيني لأن الولدين قاسيين عليَّا مش بشوفهم إلا لما يجوا عشان ياخدوا مني فلوس"، وجهها الراضي وابتسامتها التي لا تفارق وجهها، جعلها تكسب حب وود ومساعدة المترددين على السوق: "الناس اللي بتيجي كل يوم هنا عارفاني وبيساعدوني، في وحدة طلعتني عمرة قبل كده وأنا ولا أعرفها ولا أعرف بيتها فين واللهِ، الناس لسه فيهم خير وربنا كريم، وانا راضيه بحالي".