«عزبة هندى».. تزورها المياه شهرين فى السنة
سيدة وابنها يقومان بتخزين المياه
«عزبة هندى» منطقة منعزلة وهادئة، يتم الوصول إليها عبر طريق ضيق متفرع من طريق رئيسى موازٍ لإحدى ترع مركز أبوالمطامير، فى مقدمة «عزبة هندى» يقع المسجد الوحيد، الذى يعد أبرز علامة مميزة للمكان، بسبب ارتفاع مئذنته، وجمال طرازه المعمارى الحديث، على بعد أمتار قليلة من المسجد، توجد مدرسة ابتدائية صغيرة مكونة من فصل واحد ومكتب إدارى، ويبلغ عدد سكان عزبة هندى نحو 750 فرداً، ويعمل معظم سكانها فى الزراعة.
عيد عبدالحميد، 40 سنة، مزارع، حاصل على دبلوم زراعة، يقول بنبرة هادئة: «المياه مقطوعة عن العزبة من سنة 2009، بتيجى شهرين فى السنة فى فصل الشتاء، لمدة ساعتين فقط فى الصباح ثم تعاود الانقطاع باقى شهور السنة»، حسب قوله، ويضيف «عيد» أن «سكان العزبة قاموا بإرسال شكاوى عديدة إلى المسئولين من أجل وصول المياه إليهم، وبالفعل وافق المسئولون على توصيل خط مياه شرب جديد للعزبة عبر عزبة «منصور ضيف الله»، التابعة لمركز أبوحمص، التى تبعد عنا بنحو 1200 متر، لكن أهالى العزبة الأخيرة رفضوا بشدة توصيل المياه لنا، بحجة ضعف المياه فى الخط أصلاً»، ويفند «عيد» ادعاء أهالى عزبة ضيف الله، بضعف خط مياه الشرب المقبل إليهم من مركز أبوحمص، قائلاً: «فيه لجنة من شركة المياه عاينت المنطقة وخط المياه، وقالت اللجنة إنه ممكن يتم توصيل خط ميه لعزبتنا وحصلنا على موافقات رسمية بالتوصيل والتنفيذ، لكن التنفيذ محتاج قوة شرطة ولحد دلوقت مش قادرين ننفذ القرارات، وقامت المحافظة بتوفير 111 ألف جنيه من صندوق خدمات المحافظة، لتوصيل الخط، وقامت كل أسرة بالعزبة بدفع مبلغ ألف جنيه، بإجمالى 30 ألف جنيه للمساهمة فى توصيل الخط، لكن لم يحدث أى جديد ومعاناتنا مستمرة حتى الآن، ومرة بعتنا جواب للرقابة الإدارية، ردوا علينا وقالوا لنا الموضوع ده مش من اختصاصنا، ومفيش عربيات ميه تبع الشركة بتوصل مياه لنا».
«سالم»: «إحنا مواطنين انتخبنا نواب فى البرلمان علشان يخدمونا وللأسف متبهدلين»
من جهته، يقول جمعة سالم، 60 سنة، بنبرة مرتفعة ممزوجة بالغضب: «الميه فى عزبة ضيف الله على بعد كيلو مننا، بتطلع الدور التالت من غير موتور، ومع ذلك الأهالى مش راضيين يوصلوا الخط لينا، واحنا بنعتمد على مياه الترع فى قضاء أمور حياتنا، مع إن عزبتنا بعدهم والميه بتعدى عليهم الأول، يعنى لما ربنا يكرمنا ونخلص موافقات الحكومة، الأهالى اللى زينا يقفوا لنا عشان ما نشربش مياه نضيفة زيهم، ده حرام وما يرضيش ربنا، احنا بنملا ميه الشرب من قرى تبعد عنا بـ8 كيلو»، ويضيف «سالم» قائلاً: «بنملا من قرية بطورس والعطارين، للطبيخ والشرب، وبنملا من الترع لغسيل الهدوم والمواعين وشرب الطيور والمواشى والأغنام، وبنحط شبة وكلور على مياه الترعة لتنقيتها قبل استخدامها فى الاستحمام وغسيل المواعين، وبرضه بدأنا نتعب منها لأنها غير صحية، وممكن الناس تحط كميات غلط من الشبة أو الكلور، دى مش وظيفتنا، احنا مواطنين انتخبنا أعضاء مجلس النواب عشان يخدمونا، لكن للأسف لسه متبهدلين، وهو الإنسان يقدر يعيش من غير ميه خصوصاً فى شهور الصيف، أتحدى أى مسئول بيقول للشعب استحملوا إنه يقدر ييجى يبات هنا ليلة واحدة زينا، لو يقدر احنا خلاص مش عاوزين ميه».
وفى أحد شوارع «عزبة هندى» القليلة كانت تقف العجوز عايدة منصور إبراهيم، 60 سنة، وهى تمسك بيديها جركن مياه مملوءاً بمياه الترع، وتقول بنبرة حزينة: «بذمتك الميه دى ينفع حد يستحمى منها أو نغسل بيها الهدوم، أو نستخدمها فى الحمامات، وبنروح نملا كل يوم مرتين من الترعة، عشان نكفى احتياجاتنا، اللى بيحصل ده ما يرضيش ربنا ومحدش يقدر يعيش هنا فى الوضع اللى احنا فيه ده، الميه هى كل حاجة فى الحياة، والمواسير الحديد اللى احنا اشتريناها صدت من الشمس لأن الناس فى العزبة التانية واقفين لنا ومش راضيين يوصلوا لنا ميه».