«فاقوس».. مرضى فى الشارع.. ومعاملة سيئة.. والكشف بـ«الواسطة».. وممرضة لمواطنين «إحنا نايمين»
زحام أمام شباك قطع التذاكر
أمام العيادات الخارجية فى مستشفى فاقوس العام، جلست سيدة ستينية فى جو حار للغاية بعدما يئست من الحصول على تذكرة للكشف فى قسم العيون بعدما امتلأ شباك التذاكر بالمواطنين الذين توافدوا على العيادات منذ السابعة صباحاً، حاولت السيدة الدخول مرة أخرى ولكنها فشلت خاصة أن الكهرباء فى العيادات الخارجية مقطوعة، والموظف المسئول عن قطع التذاكر لم يأتِ.
تحدثت السيدة العجوز عن معاناتها قائلة: «أنا من قرية أم عجرم وجاية أكشف على عينى بس المكان زحمة قوى والموظف لسه مجاش، وكمان الكهربا قاطعة جوه ومش هشوف حاجة خالص، والمشكلة إنى معرفش ولا موظف علشان يكون واسطة ليا».
وفى عيادة العظام جلست هناء إسماعيل تنتظر حضور الدكتور للكشف على ابنها، عقارب الساعة تقترب من العاشرة صباحاً ولم يأتِ الدكتور بعد، صرخات ابنها لا تتوقف، لا تملك أموالاً لإدخال ابنها مستشفى خاصاً للكشف عليه، وتقول: «ابنى كان بيلعب على السلم ووقع دراعه تقريباً اتكسر، وجيت على المستشفى علشان الدكتور يشوفه، فضلت أكتر من ساعة علشان أقطع تذكرة، الموظف بيشتم فى الناس، وبيغلط فيهم وبيعاملهم بطريقة وحشة قوى، وواصلت حديثها: «علشان حد يكشف عليك فى المستشفى ده كويس لازم يكون عندك واسطة، لأنك من غير واسطة مش هتعرف تعمل حاجة، الأسبوع اللى فات كنت بكشف على بنتى هنا، وفضلت قاعدة من الساعة 9 الصبح لغاية الساعة 12 الضهر، وكل شوية الممرضة تدخّل أى حد من معارفها وأنا قاعدة، قُلت لها كده حرام يعنى وانا هنا أول واحدة. قالت لو مش عاجبك امشى، وأمام قسم الأشعة جلس أحمد على، رجل ستينى ينتظر تسلمه الأشعة الخاصة به، الرجل يشعر براحة غريبة خصوصاً بعدما جاءت إحدى الطبيبات وسلمته الأشعة الخاصة به ولما اقتربنا منه قال: «أنا بنت أخويا دكتورة فى المستشفى هنا، ولولا هى مكنتش جيت أعمل أشعة لأنى لو جيت لوحدى مش هعرف أعمل حاجة ومفيش حد هيسأل عنى». وتابع: «فيه خدمات كتير هنا كويسة قوى، لكن للأسف لازم تكون عارف حد فى المستشفى علشان تقدر تحصل على حقك كامل».
بخطوات مسرعة يحاول محمود رفعت الوصول إلى الصيدلية الخارجية لشراء بعض الأدوية لزوجته التى رزق منها بطفلة قبل ساعتين بعد أن ذهب إلى إحدى العيادات الخاصة فحوله الطبيب إلى مستشفى فاقوس العام لأن الحالة لديها نسبة «صفراء» عالية وتكسير فى الصفائح الدموية، وأن الحالة ستحتاج إلى نقل دم، وأن المستشفى الحكومى سيوفر له الدم.
دخل «رفعت» بزوجته المستشفى، والتقى بطبيبة (محترمة)، على حد وصفه، فى قسم النساء والتوليد، قامت بإجراء العملية لزوجته، ولكنها طلبت منه إحضار كيس دم لأن المريضة من المحتمل أن يتم نقل الدم لها، ذهب رفعت إلى بنك الدم فطلبوا منه أن يتبرع بكيسين مقابل الحصول على كيس دم، وهذا ما حدث بالفعل، عاد رفعت ومعه نفس الفصيلة لكن كانت درجة حرارة زوجته مرتفعة للغاية، مما اضطره إلى الانتظار حتى تنخفض درجة حرارتها، أعطى الممرضة كيس الدم لوضعه فى الثلاجة وجلس ينتظر.
بعد نحو ثلاث ساعات وصلت درجة حرارة زوجته إلى الدرجة المطلوبة، فى حدود الساعة الواحدة صباحاً ذهب للممرضة ليحضرها من أجل تعليق كيس الدم لزوجته، طرق الباب لكنها لم ترد، عاود طرق الباب لمرات عديدة وفى النهاية خرجت إليه، وبغضب شديد قالت له: «إنت إزاى تخبط علينا بالشكل ده؟ إحنا نايمين، ومينفعش تخبط كدا».
طلب منها المجىء لتركيب كيس الدم لكنها رفضت الحضور وقالت له فى الصباح سوف يتم إعطاء زوجتك كيس الدم: «رُحت للممرضة وقلت لها درجة حرارة مراتى بقت مظبوطة تعالى اديها الدم، اتخانقت معايا علشان صحيتها من النوم، ومرضيتش تيجى، وقالت الصبح، ولما رُحت أجيبها تانى علشان تعطى زوجتى الدم لقيت كيس الدم فاسد، لأنها لم تضعه فى الثلاجة وتركت الدم بره الثلاجة، وطبعاً مفيش لا رقيب ولا غيره على الناس دى».
أمام المستشفى جلس عبدالصادق أحمد، مع أحد أقاربه، يتحدث عن سوء الخدمة داخل المستشفى، فقال: «أنا مريض درن وبتعالج فى المستشفى ده بقالى أكتر من 16 سنة، بس الإهمال بيضرب كل مكان فيه، معظم الأطباء مبيجوش غير ساعة أو ساعتين وبعد كدا بيروحوا على عياداتهم الخاصة، ومدير المستشفى مبيسألش على أى حد فيهم».
وتابع: «أنا من كتر ما باجى المستشفى دى بقيت أكتر واحد معروف فيها يمكن معروف أكتر من مدير المستشفى نفسه، كل يوم فيه حالات بتيجى فى الاستقبال ومبتلاقيش دكتور يعالجها، أكتر من مرة الأمن يتخانق مع الناس ويضربهم، مشغلين الأمن هنا علشان يضرب المواطنين مش يحميهم».