«أسيوط».. مرافق متهالكة وتشققات بالمنازل.. والسكان: «تحويشة العمر» ضاعت
محول الكهرباء ملاصق للمبنى.. والإهمال واضح عليه
على بعد 15 كيلومتراً من مدينة أسيوط الحالية، على طريق «القاهرة - سوهاج» الصحراوى الشرقى، رغم أن مساحتها تتجاوز الـ30 ألفاً و300 فدان، ما جعل البعض يسميها «مدينة الأشباح» لعدم إقبال المواطنين على السكن بها، فالعمارة السكنية تحتوى على شقة أو اثنتين يعيش بها مواطنون، والباقى خلاء غير مستغل، مع غلق أصحاب تلك الوحدات السكنية لها، وانتقالهم للعيش فى مناطق أخرى، «الوطن» تجولت بالمدينة، والتقت الأهالى والمسئولين لمعرفة الأسباب التى حولت أسيوط الجديدة إلى مدينة طاردة للسكان.
«عادل»: الشركة المنفذة رفضت تسلم المبانى لمخالفات فى الأساسات.. و«سامح»: المرافق لم تصل والأبواب والشبابيك تُسرق والفاعل دائماً مجهول
حين تدخل المدينة تفاجأ بلافتة تزين مدخلها، مدون عليها «مدينة أسيوط الجديدة ترحب بكم» مع وجود مساحات مكسوة بالخضرة شرق ووسط وغرب الطريق، ما يعكس مظهراً جمالياً للمدينة ولكن الوضع أصبح مأساوياً بعد أن تحولت مدينة أسيوط الجديدة إلى منازل آيلة للسقوط، ودفعت سكانها إلى الهروب خوفاً على حياتهم لتتحول إلى مدينة تسكنها الأشباح، وسط صرخات الأهالى ومناشدات المسئولين فقد أهالى المرحلة الخامسة بمنطقة «ابنى بيتك» بأسيوط الجديدة آمالهم فى الحفاظ على «تحويشة العمر» بعد أن أدى انهيار البنية الأساسية للمشروع إلى تعرض المنازل للانهيار وأصاب العديد منها بانهيار جزئى وظهور التشققات فى حوائط المنازل والجدران لتقضى على أحلام الأهالى.
«محمد»: 11 مليون جنيه للصيانة و44 مليوناً لتغيير الأسفلت أين تذهب سنوياً؟
فى البداية، يقول محمد أحمد هاشم، أحد المستفيدين بالمرحلة الثانية بمنطقة «ابنى بيتك» بأسيوط الجديدة، عندما تم إنشاء مدينة أسيوط الجديدة شعرنا بسعادة لوجود منفذ جديد للأهالى البسطاء للقضاء على ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات التى أصبحت فى متناول الأثرياء فقط بالمحافظة، وأوضح «هاشم» أن كثيراً من الأهالى قاموا بتقديم أوراقهم للحصول على قطع الأراضى بمشروع «ابنى بيتك» هروباً من غلاء أسعار العقارات والإيجارات بمدينة أسيوط آملين فى إنشاء منزل أسرى يحتضن فى جدرانه أبناءنا، وأضاف أننا قمنا بالاقتراض من البنوك وبيع مصوغات زوجاتنا للحصول على قطعة أرض وبنائها بناء على المواصفات التى تم تحديدها من قبل الجهاز حتى تكاثرت علينا الديون، ولكننا فوجئنا بضعف البنية الأساسية للمشروع التى تسببت فى انفجار متكرر لخطوط المياه والصرف الصحى التى أدت إلى تهالك جدران المنازل وتشققها مهددة إياها بالسقوط. وأوضح عبدالرحمن محمد أحمد، من سكان منطقة «ابنى بيتك»، المرحلة الثانية، أن من المقرر أن تخدم ما يقرب من 50 ألف نسمة ولكن الجهاز التنفيذى بجهاز مدينة أسيوط الجديدة لا ينظر إليها نهائياً ويضع كافة اهتماماته على المراحل الاستثمارية لخدمة أصحاب رؤوس الأموال القاطنين بها مهملين المواطنين البسطاء، وأضاف «عبدالرحمن» أن الجهاز لم يقم بتوصيل المرافق إلى المنازل بعد أن تركتها الشركات المنفذة للمشروعات، ما تسبب فى ظهور هبوط أرضى وتشققات فى الشوارع، الذى أدى بدوره إلى شروخ فى المنازل وهددها بالانهيار، وأشار «عبدالرحمن» إلى أن الأهالى قاموا بصرف «تحويشة العمر» على المشروع آملين فى إنشاء مسكن يليق بهم وبأولادهم، واستدانوا من البنوك والجمعيات، وأصبحنا الآن نرى حلم حياتنا ينهار أمامنا دون جدوى، ويضيف حسن على خالد «مشكلتنا تكمن فى الشقوق والشروخ التى ظهرت بعد فترة من البناء، مع العلم أن جميع المبانى يشرف عليها مهندسون بالجهاز وعندما تقدمنا بشكاوى لجهاز مدينة أسيوط الجديدة ألقوا بالمشكلة على الشركة المنفذة وشركة مياه الشرب والصرف الصحى بسبب مواسير المياه الرئيسية غير المطابقة للمواصفات التى تنفجر كل يوم وتغمر المنازل بالمياه»، ويقول سامح عبداللطيف، أحد المستفيدين بالمرحلة الثالثة بالمشروع، إن النظام السابق خدعنا ومنحنا أراضى بعيدة عن الكتلة السكنية ورجال الأعمال وعلية القوم تم منحهم قطع أرض مميزة وبإشراف هندسى متكامل، بينما كان نصيبنا فى مشروع أطلقنا عليه بعد ما خرب بيوتنا «اخرب بيتك»، كما أنهم لم يلزموا الشركات المنفذة للمرافق، بالانتهاء من التوصيل بالتزامن مع انتهاء الشباب من بناء منازلهم، حتى يستطيعوا أن يسكنوا فيها، فتحولت إلى منازل للأشباح، إضافة إلى مشكلة سرقة الأبواب والأسوار الحديدية والنوافذ والأبواب الخشبية والفاعل دائماً مجهول، ويوضح محمد زيدان «إننا اليوم فى أشد الاحتياج للسكن بعد ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنونى، ودفعنا تحويشة العمر من أجل إنهاء عمليات البناء، والإيجارات قيمتها مرتفعة للغاية، وبعد السكن تحولت حياتنا إلى جحيم لا يطاق بسبب الفساد والإهمال لمشروع «ابنى بيتك» بالمرحلة الخامسة، الذى يتكون من 10 آلاف منزل 90% منها آيل للسقوط، الغريب أيضاً أنه ليس فقط المشروع المفاجأة فبعض المبانى الحكومية على وشك الانهيار منها عمارات الإسكان الاجتماعى، مبنى المرور الجديد الذى تم تشطيبه منذ أكثر من 4 سنوات ولم يتم تسلمه بسبب التشققات والانهيارات فى المبانى والأرضيات حتى السجن ومركز الشرطة والوحدات الصحية والحضانات الخاصة جميعها طالها الفساد والسرقة والإهمال»، بينما يقول عادل حسن عبدالرحمن، أحد المستفيدين من المشروع، إن الشركة المنفذة للمشروع رفضت تسلم المبانى بعد وجود مخالفات فى الأساسات وعدم مطابقتها للمواصفات القياسية والمجسات الأرضية التى قامت بها كلية الهندسة بجامعة أسيوط، ورفض شركة المياه صيانة الخطوط الرئيسية للمياه والصرف الصحى وعدم مطابقتها للمواصفات وتبادل الاتهامات بين الشركة المنفذة والجهاز وشركة مياه الشرب والصرف الصحى بسبب خوف الجميع من تحمل مسئولية الانهيارات المتوقعة للمنازل.
«على»: المياه الجوفية تنذر بانهيار مئات الوحدات السكنية
وتساءل «محمد جمال»، ليسانس آداب، من ساكنى أسيوط الجديدة: أين ذهبت 11 مليون جنيه سنوياً لصيانة المرافق و44 مليون جنيه لتغيير الأسفلت، وشوارع المدينة تحولت إلى مدقات وحفر وتكسير؟ علماً بأن هذه المبالغ تم جمعها من السكان بصفة سنوية، وقال مصطفى مهران، من سكان المدينة، إن انقطاع المياه شبه يومى مما يؤرق المواطنين، الأمر الذى دفع الآلاف من السكان لهجرة وحداتهم السكنية، حتى أصبحت أغلب العمارات خالية من السكان، وأضاف: المواصلات الداخلية لأقل تاكسى 10جنيهات على الرغم من أنها فى الأصل جنيه ونصف، لافتاً إلى أن الطفطف يشتغل فى العيد والمناسبات فقط على الرغم من أنه وسيلة المواصلات الأساسية داخل المدينة.
وطالب محمد على، أحد سكان المدينة، بإيجاد حلول جذرية لمشكلة انقطاع المياه، وانتشار المياه الجوفية التى تنذر بانهيار مئات الوحدات السكنية، مشيراً إلى أن تشغيل قسم شرطة أسيوط الجديدة، أعطى الأهالى الإحساس بالأمن، بعد أن كانت المدينة مأوى للبلطجية، وأضاف محمد أبوعلى، من سكان المدينة: المخابز لا تعمل إلا من 12 بالليل حتى 4 الفجر، ما يضطر السكان إلى الاستيقاظ فجراً للحصول على الخبز، لافتاً إلى أن صاحب المخبز يعطيهم الكارت دون إيصال، وأكد عدم وجود حملات تموينية على المحلات بالمدينة، وعندما تقدم الأهالى بشكوى نزلت حملة وتبين لها أن جميع السلع الموجودة بالمحلات منتهية الصلاحية.
من جانبها، نفت المهندسة جيهان أحمد، نائب رئيس جهاز أسيوط الجديدة، أن تكون التشققات فى حوائط المنازل والجدران ناتجة عن انهيار فى البنية الأساسية للمدينة، مؤكدة أن هذا الكلام عار تماماً من الصحة، ولفتت إلى أن السبب فى التشققات ربما يعود إلى طريقة البناء نفسها، موضحة أن الدولة منحت للمستفيدين مبلغ 15 ألف جنيه على 3 مراحل، والمواطن لم يهتم بمراحل التنفيذ وكان ينفذ بسرعة وبشكل عشوائى بدون إشراف هندسى كى يستفيد بالدعم وهذه آثار طبيعية، وبالنسبة للمواصلات الداخلية قالت: «توجد وسائل مواصلات داخلية متعددة، لكن المشكلة فى سلبية المواطن إزاء استغلال السائقين، لأنه لا يبلغ عن هؤلاء المخالفين»، وأضافت أن أصحاب السيارات الداخلية يتقاضون من الجهاز مقابلاً شهرياً، فالمواطن الذى يطلب منه السائق أجرة زائدة يبلغ على الفور، وتليفونات نواب الجهاز مع الجميع، «وهيلاقينا عنده»، وتابعت: «فور تسلمى العمل بالجهاز التقيت المواطنين بالموقف وأعطيتهم رقم التليفون وقلت لهم: «أى سائق يحاول استغلالكم تليفونى معاكم واتصلوا بى ولا تتعاملوا مع السائق واتركوه للجهاز، ولكن المواطنين لم يقوموا بذلك».
وعن مشكلة المخبز، ذكرت «جيهان» أن «المدينة بها مخبزان ولم يشتك أحد من المخبز الموجود فى إسكان الشباب، واشتكى البعض من أن المخبز الموجود فى الإسكان العائلى مواعيده مش مناسبة ليهم وإدارة التنمية تحاورت مع صاحب المخبز، فقال إنه لا توجد مشكلة، الناس تشوف المواعيد المناسبة ليهم وهو هيلتزم بيها، وهذا الكلام كان من أكثر من شهر، وأبلغناهم أننا تكلمنا مع صاحب المخبز وإدونا المواعيد اللى تناسبكم ومن يومها محدش رد»، وحول الوحدة الصحية، ذكرت أن المدينة بها فرع لمستشفى أسيوط الجامعى، كما يوجد مركز طبى استثمارى، لافتة إلى أن المستشفى الجامعى بالمجان، ويعمل24 ساعة.
تهالك المرافق تسبب فى تشققات المبانى