محمد حسان.. اللعب على الحبال
أطل على مريديه بلحيته الكثيفة ونظارته الطبية التى طالما شهدت بكاء كثيراً، إما لشعوره بالخزى من إساءة أحد له، أو تأثراً بأحداث تمر بها البلاد، بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية دائماً ما يتحدث، سواء فى خطبه ودروسه الدينية، أو فى آرائه السياسية التى أطلق لها العنان مع وصول التيار الإسلامى للحكم، فتارة يصف الرئيس المعزول محمد مرسى بـ«أنه يمتلك شرعية نبوية وقرآنية وشعبية ولا يجوز إسقاطه»، وتارة يدعو المصريين للتبرع لصندوق دعم الاقتصاد ويصفه بأنه «مشروع ملك لله وشريعته وهو وحده من سيحفظه». لم يجد محمد حسان حرجاً فى اختلاط السياسة بالدين طالما أن الموضوع يصب فى النهاية فى مصلحة «إسلامية الدولة ودعم الشريعة».
للشيخ الخمسينى آراء سياسية أحياناً ما تتسم بالتناقض، ففى بداية 2013 وقف فى وجه معارضى «مرسى» يُذكرهم بأن الاعتراض على مواد الدستور لا بد أن يتم بأسلوب مهذب، فالرئيس له كامل الشرعية، وفى نفس النهج خرج ليؤكد مرة أخرى أن شرعية «مرسى» جاءت بالنص القرآنى والسنة النبوية ومن بعدهما إرادة الشعب. مرت شهور وتبدلت أحداث، وظل «حسان» بطلاً فى المشهد مع اختلاف الأدوار فى المسلسل السياسى، ليكون أحد المجتمعين بالفريق عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، لبحث سبل الخروج من الأزمة الراهنة، ويخرج من اللقاء بمبادرة تصالح تواجه بالرفض التام من مؤيدى «المعزول»، بل إن بعضهم نفى توكيل الشيخ للتفاوض مع «السيسى» من الأساس، بل تطور الأمر لمطالبة أعضاء التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب «حسان» بالاعتصام معهم فى «رابعة العدوية»، ليرد عليهم الذى طالما دعا لمناصرة الرئيس قائلاً: «أنا لا أحبذ ذلك وهذا رأيى».
يعتب الإخوان على «حسان» وقوفه فى منطقة الوسط بين شرعية عودة الرئيس، وبين المجلس العسكرى ومناصرة الانقلاب -على حد وصفهم- الشيخ الذى وقف يخطب بجوار محمد مرسى فى الاستاد لمناصرة سوريا، ذلك اليوم الذى وكّل فيه الرئيس آنذاك لنصرة الإسلام هناك وفتح باب الجهاد لكل من يستطيع لإجهاض نظام الرئيس الظالم بشار الأسد، يقف الآن ناقلاً وعداً من «السيسى» بعدم فض الاعتصام بالقوة، وهو أقصى ما توصل إليه، وبعد رفض مبادرته خرج فى فيديو خاص يكتفى فيه بالدعوة لوقف العنف وحرمة الدم.
الداعية وعضو مجلس شورى العلماء المسلمين ولد فى محافظة الدقهلية فى بيت متواضع، وتدرج فى دراسته من الالتحاق بكتّاب بلدته حتى حصل على الدكتوراه من جامعة الأزهر بعد حصوله على بكالوريوس العلوم جامعة القاهرة، ورغم إطلالته التى اتسمت بالطابع الدينى ومريديه الذين ظهرت أعدادهم فيما جمعه صندوق العزة الذى وصل لملايين الجنيهات، فإن السياسة أسقطته تحت طائلة القيل والقال ليس فقط لغياب المشروع ولكن لمواقفه غير المحسومة.