بروفايل| «شوشة» الرحيل الحزين
اللواء مدحت شوشة
الوقت بالنسبة له رفاهية لا يملكها، ليس لأن ما تبقى له داخل هيئة السكة الحديد، التى يرأسها، مجرد أيام معدودة، ولكن لأن وتيرة الأحداث التى تجرى من حوله بسرعة البرق لا تعطى له فرصة ليلتقط أنفاسه، من حوله تتزاحم الصراعات داخل الهيئة بين نوابه طمعاً فى الجلوس على مقعده وخلافته، وفى الخارج تتنوع الأزمات ما بين غياب الصيانة وأخطاء العمال الفردية التى تؤدى عادة إلى كوارث، لن يكون آخرها حادث التصادم الأخير الذى وقع بين قطارين فى مدينة الإسكندرية، إذ سيجد اللواء مدحت شوشة، رئيس الهيئة، نفسه متورطاً فى حوادث من هذا النوع طالما ظلت الهيئة على حالها، ولن تختفى الحوادث حتى لو ترك منصبه بها بعد خدمته فيه لعام كامل، وثلاثة أشهر من التجديد.
«شوشة»، الذى تولى منصبه فى مارس من العام الماضى، قبيل تخلى سعد الجيوشى عن حقيبة النقل، وجد نفسه منذ البداية فى موقف لا يُحسد عليه، إذ يقال إن صراعاً نشب بينه وبين نوابه فى الهيئة أدى إلى محاولتهم عرقلته فى خطة تطوير قيل إنه وضعها، غير أنها لم تر النور، ورغم جولاته داخل ورش «الهيئة» المختلفة، بهدف تجديد شباب العربات والجرارات بالهيئة بعد انتهاء العمر الافتراضى لأغلبها، إلا أنه اصطدم بواقع لا يدفع فى طريق التقدم، وسط حالة من التسيب والإهمال داخل أروقة «الهيئة»، عززها معرفة الجميع باقتراب موعد رحيل «شوشة» بعد انتهاء تجديد الثلاثة أشهر.
ولأن الأزمات لا تأتى فرادى، فقد وجد «شوشة» نفسه محاصراً من الخارج أيضاً، ليس فقط بسائقى القطارات الذين ثبت تعاطيهم للمخدرات داخل كابينة القيادة أثناء سير القطار، ولكن أيضاً بشكاوى كثيرة راحت تتردد من سوء حالة خطوط الضواحى، واتهامات للهيئة بإهمالها، مقابل الاهتمام بالخطوط الرئيسية، رغم أن ما سبق كان مجرد ادعاء، كذبه ما تشهده الهيئة من تأخيرات يومية فى حركة القطارات، كان آخرها أمس الأول على خط القبلى، حين تأخر خط «القاهرة - أسوان» لمدة 15 ساعة، وجاء حادث التصادم الأخير بين قطارى بورسعيد والقاهرة فى مدينة الإسكندرية ليقضى تماماً على أى فرصة ولو ضئيلة لبقاء «شوشة» فى منصبه حتى ولو بشكل استثنائى.