محمد عمارة: نراهن على فشل الحكومة الحالية.. و"الانقلاب" مخطط أمريكي ـ إسرائيلي
قال المفكر الإسلامي المصري محمد عمارة، إن العلاقة بين تركيا ومصر تلعب دورا حيويا في نهضة الشرق مرة أخرى، معتبرا أن الأحداث الأخيرة مستهدف بها تركيا مع كل دول الربيع العربي.
وقال عمارة، في حوار مطول لوكالة "الأناضول" التركية للأنباء، "نحن ومنذ سنوات نعتبر أن اتجاه تركيا نحو الشرق ونحو تاريخها الإسلامي ومحيطها العربي والإسلامي هو تحول إستراتيجي فى المنطقة، وهذا التحول يدعمه العلاقة بين مصر وبين تركيا".
وأضاف أن "تركيا بلد له وضع تاريخي وحالي مهم، ومصر لها وضع في المنطقة العربية والإسلامية، والعلاقة بين مصر وتركيا تدعم التحول الإستراتيجي في الشرق".
* كيف تقيم العلاقات المصرية التركية حاليا؟
نحن منذ سنوات نعتبر أن اتجاه تركيا نحو الشرق ونحو تاريخها الإسلامي ومحيطها العربي والإسلامي هو تحول إستراتيجي في المنطقة، وهذا التحول يدعمه العلاقة بين مصر وتركيا. وتركيا بلد له وضع تاريخي وحالي مهم، ومصر لها وضع في المنطقة العربية والمنطقة الإسلامية، فالعلاقة بين مصر وتركيا تدعم هذا التحول الإستراتيجي حتى فيما يتعلق بالمشروع الإيراني أو المشروع الشيعي. والعلاقة بين تركيا ومصر تلعب دورا حيويا فى التغير فى نهضة الشرق مرة أخرى وبالتالي الأحداث الأخيرة مستهدف بها تركيا مع كل دول الربيع العربي.
* يزور مصر حاليا وفد أمريكي يضم عضوي الكونجرس جون ماكين وليندسي جراهام كيف ترى تلك الزيارة؟
جون ماكين عندما جاء إلى مصر في يناير 2012 كان له تصريح لفت نظري، وإن كان مر عليه كثيرون مرور الكرام، قال: إن الحدث الذي يحدث في مصر الآن هو الحدث الأهم في الشرق كله منذ سقوط الدولة العثمانية، وستكون له تداعيات في الشرق وفى العالم لذا كان يحذر من التحول الذي يتم في مصر هو تحول يعيد الصيغة التي أسقطت مع الدولة العثمانية سنة 1924، إذن هم ينظرون إلى ثورات الربيع العربي وإلى التغيير الذي يتم فى مصر باعتباره تحول إستراتيجي وتاريخي.[FirstQuote]
* كيف ترى إطاحة الجيش المصري بالرئيس المعزول محمد مرسي؟
ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، إنجازها الأول كان هو التحول الديمقراطي، ومنذ قيام ثورة 25 يناير وهي تسلك طريق الاحتكام إلى صندوق الاقتراع وإلى الديموقراطية.. فعلت ذلك خمس مرات والإسلاميون فازوا فيها جميعا، لذلك أنا أعتبر أن "الانقلاب" الذي حدث أخيرا مخطط له منذ مارس 2011 (موعد أول استفتاء على تعديلات دستورية عقب الثورة) عقب قيام ثورة 25 يناير، لأن الغرب وأمريكا والصهيونية على وجه التحديد أولا يريدون إظهار أن إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة فى الشرق، فإذا كان الديمقراطية ستأتي بالإسلاميين فهم يريدون قطع الطريق على هذه الديمقراطية.. صنعوا ذلك في الجزائر سنة 1992، ومع حركة حماس في غزة عندما جاءوا بالديمقراطية.
وعندما ااستفتى الشعب على التعديلات الدستورية فى مارس 2011 وجاء تفوق الإسلاميين 77% ثم فى انتخابات مجلس الشعب ثم فى انتخابات مجلس الشورى ثم فى انتخابات رئاسة الجمهورية ثم فى الاستفتاء على الدستور الذي حاز 64 % أعلى نسبة من أي دستور فى العالم، وكان قبل ذلك الدستور الإيطالى 71%، والدستور المصري الذي صنعناه سنة 2012 حاز أعلى نسبة فى العالم، إذن أرادوا إيجاد البديل.. والتخطيط للانقلاب بدأ مع حقيقة أن الديمقراطية والتحول الديمقراطي ستأتى بسلمية، والبديل الذي راهنوا عليه هو العسكر هو الجيش.
* هل ترى أن الإخوان المسلمين بمصر يستطيعون مواجهة الأزمة السياسية الحالية؟
نعم، هذا الصمود في الميادين والمظاهرات فاق كل الموازين، فهم كانوا يريدون القضاء بشكل سريع واستئصال الحركة الإسلامية، لكن هذا الحشد فى كل المحافظات وكل الميادين أثبت أن هناك حضورا إسلاميا.
وأنا أقول إن الإعلام الممول من الخارج ومن رجال الأعمال في الحزب الوطني الديمقراطي المُحل، قد نجحوا في تشويه صورة الحركة الإسلامية، التي كان ينظر لها في البداية على أنها مظلومة، فحولها الإعلام إلى ظالمة.
والآن تعتدل الكفة ويحدث نوع من رد الاعتبار للحركة الإسلامية، فكثرين ممن ينزلون في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، وفى وكثير من الميادين ليسوا إسلاميين بالمعنى التنظيمي، إذن بدأ تغير المواقف.
أيضا هناك عامل وهو هام هو إننا نراهن على فشل هذه الإدارة الجديدة، لأن هؤلاء من بقايا النظام السابق وحكموا عشرات السنين فلم يفلحوا ولن يفلحوا الآن أيضا، وهناك رموز المعارضة التي كانت تسمى جبهة الإنقاذ لا وجود لهم في الشارع.. ليس لهم تأييد.
* ما توقعاتك لنهاية الأزمة الحالية بمصر؟
أتوقع أنه بمزيد من الضغط والصمود ستكون هناك حلول وسط، ومن تلك الحلول المبادرة التي تقدمنا بها أنا والدكتور محمد سليم العوا الفقيه القانوني، وطارق البشري الفقيه الدستوري، والتي تنص على الاحتكام إلى الشرعية الدستورية لأن الدستور هو الضامن للحريات.
وهذا الدستور (الذي أقر في عام 2012) يوفر أعلى ضمانات للحريات بين الدساتير العالمية، ومن خلال الشرعية الدستورية يمكن لرئيس الجمهورية الشرعي أن يفوض سلطاته إلى حكومة تجرى انتخابات برلمانية ورئاسية، هذه المبادرة أتصور أنها هي التي تقدم حلول متوازنة.
* هل تتوقع أن تقبل هذه المبادرة؟
أتوقع أن الضغط الشعبي والاعتصامات هي التي ستعدل المواقف، والآن يوجد اهتزاز وتراجع في الإدارة الجديدة.
* كيف ترى موقف أمريكا مما حدث في مصر؟
بالنسبة للأمريكان هم الآن يعيدون النظر لأنهم تصوروا أن كل شيء سينتهي بسرعة، لكن النزول إلى الشارع والميادين جعلهم يعيدون النظر، وأيضا الشهداء والضحايا الذين سقطوا جعلوا القتل والدماء خطا أحمر، وجعل العالم كله يحذر من هذا، فالاتحاد الأوروبى والأمريكان كل هؤلاء فى اتجاه وقف العنف ولابد من حلول وسط.[SecondQuote]
* هل يوجد فرق بين الحلول الأمريكية والأوروبية للأزمة بمصر؟
الأمريكان أسرى للقرار الصهيوني لأنه القرار المؤثر في واشنطن لكن الصمود في الشارع يجبرهم جميعا على تغير المواقف، أما الأوروبيين يهتمون بموضوع حقوق الانسان أكثر لكن ليس لهم تأثيرات كبيرة، لأن من يملك تأثير على الجيش بمصر هم الأمريكان.
* إذا تم إطلاق سراح الرئيس المعزول محمد مرسي كيف سيكون تأثير ذلك على الأزمة؟
ليس فقط إطلاق سراح مرسى، بل يجب إطلاق سراح الجميع، لكي تعود الشرعية ثم يفوض مرسي سلطاته بناء على الدستور الذي تنص المادتين 141 و142 منه على أنه يجوز في بعض الظروف أن يفوض رئيس الجهورية سلطاته لرئيس الوزراء، لذلك المبادرة التي قدمناها تستند إلى الدستور، أي أنه يعود العمل بالدستور ويعود الرئيس المنتخب وبناء على مواد من الدستور تسمح له أن يفوض سلطاته إلى حكومة توافقية تجرى انتخابات نيابية في حدود 60 يوما، ثم انتخابات رئاسية ومن يأتى به الاقتراع والصندوق يكون هو الحل.
وبالطبع هذه المبادرات قابلة لتعديلات، لكن من المهم أن تستند إلى الشرعية الدستورية وتفتح الطريق إلى الفريق الآخر عبر الانتخابات المبكرة التي كانوا يريدونها.
* ألا يوجد مكاسب حدثت نتيجة الأزمة الراهنة بمصر؟
بالطبع لها مكاسب.. فرب ضرة نافعة، حيث انكشف الوجه القبيح لمن يسمون بالليبراليين، لأن أصبح لدينا ليبراليون يتعلقون بالعسكر، وهؤلاء أعجب ليبراليين في العالم، ولدينا علمانيون يتحالفون مع الكنيسة، وهؤلاء أعجب علمانيون فى العالم.