الطريق إلى المترو مفروش بـ"الباعة الجائلين".. وما المحطات إلا سوق كبير
الطريق إلى المترو مفروش بـ"الباعة الجائلين".. وما المحطات إلا سوق كبير
باعة يعرضون بضاعتهم على أبواب محطة مترو
اقتربت عقارب الساعة من العاشرة صباحًا، ووسط زحام المارة المتجهين للمترو، استعد محمود عبدالقادر لبدء عمله اليومي على سلم مترو الدمرداش بعد أن عرض بضاعته، من سماعات وحافظات للهواتف.
"أنا متعلم ومعايا بكالوريوس إعلام" قالها "عبدالقادر" خريج إعلام جامعة 6 أكتوبر، معبرًا عن المعاناة الذي يعيشها بعدما تخرج منذ مايقرب من حوالي 4 سنوات في إيجاده لفرصة عمل مناسبة، ولهذا قرر صاحب الـ 27 عاماً، أن يعتمد على نفسه بأن يصبح بائعًا على سلالم المترو، يبدأ يومه عند الثانية عشر ظهرًا إلى أن يبدأ في الرحيل عند غروب الشمس، "أنا المكان هنا مش مناسب ليا بس لو وقفت تحت البلدية هتيجي تاخد مني الحاجة وبيرجعوها ناقصة ومتكسرة.. ده لو رجعت".
على سلم محطة "الدمرداش".. مول الباعة الجائلين من "المناديل" لـ"مشابك الغسيل"
بعده عن ازدحام الشوارع وإشارات المرور، ومواعيده الثابتة، بالإضافة إلى وجود عربات خاصة بالسيدات وأخرى للرجال، فضلًا عن أنه أسرع وأرخص وسيلة للتنقل من مكان إلى مكان، جميعها أسباب جعلت "المترو" أكثر الوسائل ازدحامًا، ما جعل الباعة يستغلونه لرواج حركة البيع والشراء لكل ما يخطر على البال، من المناديل إلى "مشابك الغسيل".
تتفاوت الخطوط الثلاثة للمترو فى نسب الباعة الجائلين الموجودين بها، ليأتى الخط الثالث "الجديد" أدناها حيث يكاد يخلو تمامًا من الباعة الجائلين والمتسولين نظرًا للتأمين المستمر وإمكانية فرض السيطرة على عدد محطاته الضئيلة مقارنة بالخطوط الأخرى، أما الخط الأول فيحظى بنصيب الأسد، سواء على مستوى الباعة الجائلين أو المتسولين.
وفي رحلة "الوطن" داخل محطات المترو، ظهر الباعة الجائلون محاولين تنفيذ مخططاتهم للاستيلاء على أموال الركاب، حيث يتسلل أحدهم بين الركاب لبيع منتجه، "اللي معاه شوكولاتة وناسي.. أو حتى مخبي تحت الكراسي"، هكذا ردد بعد أن أخذ جولة كبيرة فى أغلب عربات المترو بالخط الأول "حلوان - المرج".
أبواب مترو "الزيتون" فتارين عرض للملابس.. و"سعداوي": الرجل هنا كتير وبعلق الهدوم علشان تتشاف
وعلى أبواب محطة مترو "حدائق الزيتون" لنفس الخط، اتخذ الباعه من الأبواب محل عمل بتعليق بضاعتهم عليها، ومنهم من وضع جرائده على منضده بجوار الباب الرئيسي للمحطة المحاطة بكل أنواع البضائع في شارع السوق، "الرجل هنا كتير.. وإحنا بناكل عيش".. قالها سعداوي أحد الباعة أمام المحطة "بعلق الهدوم الرجالي والحريمي على بابا المترو عشان الناس تشوفها"، وما خفي كان أعظم.
نزل أحد الباعة الجائلين في محطة عين شمس، وعلى وجهه معالم الغضب، يحدث نفسه راميًا بـ"كرتونة البضاعة" قبل أن يوجه اللوم على الركاب بأنهم سبب عدم حصوله على الأجر اليومي "الزباين النهاردة مكتوب على وشها شطبنا".
البيع في محطة "عين شمس" بـ"المرازية".. وبائع: "الركاب مكتوب على وشها شطبنا"
لحظة الخروج من بوابة محطة مترو "المرج الجديدة" أصبحت إنجازًا حقيقياً، فهناك يحاصر الباعة الجائلون المحطة، لبيع الفواكهة بمختلف أنواعها على عربة "كارو"، كما يتواجد بائع للروائح والمثلجات، ويحيط بكل هذا كمية هائلة من "التكاتك"، مما يعيق حركة المارة ويمثل عبئًا مروريًا، وهو الأمر الذى مثل شكوى دائمة لمرتادي خط المرج الجديدة.
ويستمر مسلسل الأسواق الخارجية لمحطات مترو الأنفاق للخط الأول، فكل ما تشتهيه الأنفس من العاب أطفال، وعربة حلويات شرقية، وملابس لكل فئات الشعب بأرخص الأسعار، ستجده بالسوق الخارجي لمحطة "السيدة زينب"، بالأضافة إلي جلوس عدد من المتسولين على جنبات السلم المؤدي للمحطة.
حقائب وميداليات جمعها أحد الباعة في حقيبة حاملًا إياها على كتفه، ليقف بها في محطة عزبة النخل، قبل أن يلتف حوله الركاب "الشنطة بـ10 جنيه واللي يصلي على النبي يكسب".
خلال مرور أحد الباعة الجائلين في إحدى عربات المترو، بدأ أحد الركاب في التحدث عن عملية نصب تعرض لها من أحد الباعه، حينما اشتري مزيل للعرق واكتشف عندما عاد للمنزل أنه ماء مضاف عليه صابون، قبل أن يهون عليه صديقه راويًا له قصة شراءه 5 شرابات ليعود منزله ويكتشف أن 4 منهم غير صالحين للاستخدام ،" قولت شباب زيي أساعدهم بس من يومها قولت والله مانا مساعد حد ولا شاب ولا حتي لو رجله مقطوعة".
في محطة "السيدة زينب" المتسولين في استقبالك.. وباعة "حلوان": "مش هنمشي المترو يمشي"
"مقشرة بطاطس يا هانم تعملي بيها أشكال" انبهر الركاب بعد سماعهم هذا البائع، ورأته وهو يقشر البطاطس بآلته ويصنع منها أشكالا "بدل ما تنزلي السوق أنا جبتهولك لحد عندك".
الرحلة وصلت آخر الخط، في محطة حلوان، أحيطت المحطة بالسوق الخارجي المقابل لها، من كل ما لذ وطاب من البضائع والبائعين لا يبالون "المحطة دي بتاعتنا إحنا.. المترو هو اللى يمشي مش إحنا".