«الأبتى» مشروبات رمضانية عمرها 120 عاماً بجوار «الحسين»
أحد أهم الأماكن فى القاهرة القديمة، حيث الأزهر ومسجد الحسين، مكان يحيطه التاريخ الذى يرجع إلى أكثر من ألف عام، بين هذه الأماكن الشاهدة على روعة أحد أزهى عصور مصر، يقع محل صغير، لا تزيد مساحته عن 5 أمتار مربعة، يشتهر منذ أكثر من 120 سنة ببيع «التمر هندى والعرقسوس والسوبيا» للصائمين فى رمضان، وهى أحب المشروبات المفضلة للمصريين خلال الشهر الكريم، حيث يأتيه مريدوه من كل مكان فى مصر حتى الأجانب من الخارج.
على قطعة رخامية، يكتب بخط مزخرف مدهون بطلاء ذهبى اللون اسم «محلات الأبتى»، يقف داخل المحل شاب ثلاثينى، يسمى عصام الأبتى، يتحدث عن المحل الذى ورثه عن أبيه وأجداده، وأنه يعد هو وإخوته الجيل السابع لعائلة الأبتى التى اشتهرت بهذا المحل، يقول عصام: «أنا باشتغل فى المحل هنا مع والدى وأخويا، وده ورث عن أجدادنا، إحنا الجيل السابع اللى يورث المحل هنا، وبيعمل فى نفس المجال اللى تم تأسيس المحل عليه، وهو بيع التمر هندى والسوبيا والعرقسوس والخروب».
المحل الصغير الذى يقع أمام أحد الأبواب الجانبية لمسجد الحسين، يأتيه العديد من الزبائن من كل مكان، نظراً لشهرته الواسعة منذ عشرات السنين، التى توارثها مريدوه كما توارث أصحابه المهنة عن أجدادهم، يقول عصام الذى يدرس الحقوق بالجامعة المفتوحة: «معظم الزبائن مش بتبقى من المنطقة هنا، سمعة المحل متوارثة بين الناس، زى ما احنا توارثنا المهنة عن جدنا، حتى إن مرة لقيت واحد فرنساوى جايب ابنه معاه علشان يعرفه المكان».[SecondImage]
يرجع عصام اختيار المكان إلى أنه كان قريبا من مسجد الحسين، حيث تاريخ المكان وأصالته وأن له مكانة خاصة عند المصريين جميعاً، كما أن المكان به سمو وروحانية، موضحاً أن المكان فى الماضى لم يكن بهذا الشكل الذى عليه من سياحة وبازارات، إنما كانت المنطقة فى الماضى منطقة شعبية إلى أن تم عمل خان الخليلى، قائلاً: «ماكنش فيها سياحة كانت عبارة عن منطقة شعبية زى السيدة زينب وغيرها من المناطق الشعبية التاريخية، حتى إن الوضع دلوقتى متدهور، لأن دلوقتى مابقاش زى الأول بسبب تراجع السياحة».
يقول عصام إن تنوع الناس من أماكن مختلفة هو ما أعطى للمحل شهرة، والتنوع بيعطى شهرة أكثر للمكان، كما أن ما يميز المحل أنه لا يوجد له أى فروع أخرى، ولا يوجد تفكير فى إنشاء فروع أخرى، واصفاً المكان: «المحل هنا زى قطعة آثار نادرة مالهاش وجود، هتحطها فى مكان والناس كلها هتيجى تشوفها».
يتميز المكان بعمل منتجات طبيعية 100% لا تحتوى على أى مواد أو ألوان صناعية، يقول عصام: «المحل بالنسبة للناس عامل زى النيل، لو شربت منه مرة لازم ترجع تشرب منه تانى»، ويتم جلب الخامات من أسوان والأقصر، وبعضها يتم استيراده من بعض الدول فى الخارج مثل قبرص والسودان.
يقول عصام إن عمله يبدأ من الساعة 1 ظهراً حتى الساعة 2 صباح اليوم التالى، طوال شهر رمضان، وأن الأسعار تبدأ من 3 جنيهات للكيس الواحد وتصل إلى 20 جنيها للجركن الكبير، على أحد حوائط المحل وضع عصام جملة: «عملاءنا الكرام.. مراعاة منا لما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية ستبدأ محلات الأبتى من الغد البيع بالمجان»، علق «عصام» على هذه العبارة قائلاً «أنا كتبتها بعد 30 يونيو ومع اقتراب شهر رمضان، وكأسلوب جذب للزبون، وفعلاً إحنا بنعمل فترة من ساعة إلى ساعتين فى اليوم بعد الفطار، وبيكون فيها البيع مجاناً للزبائن».
يؤكد أن الأزمة الاقتصادية أثرت بالطبع على المحل، خاصة أن الخامات الطبيعية أسعارها مرتفعة، وارتفعت خلال الفترة الماضية أكثر، وفى المقابل لا يستطيع أن يرفع سعر المنتج الذى يبيعه للناس، نظراً للحالة الصعبة التى يمر بها الناس.