«محطة مصر» جُددت فى عهد «مبارك» وافتتحها «شرف» بعد الثورة.. وما زالت القطارات تتأخر عن مواعيدها
بوابات إلكترونية تمنع دخول السيارات إلا بعد الحصول على كارت الدخول، بمجرد الحصول عليه يبدأ العدّاد يحسب تكلفة ساعات الانتظار، وشاب يطلب من صديقه أن يلتقط له صورة بجوار جرار قطار عتيق يتوسط حديقة كبيرة، البعض يعتبرها مزاراً يستحق التقاط الصور، والبعض الآخر يدير ظهره له فإذا به يرى الخطوات المتبقية لبوابات «محطة سكك حديد مصر» ما زالت غير ممهدة رغم كل أشكال التطور التى تظهر بداية من مدخلها فى شارع رمسيس، وصولاً إلى أرصفة القطارات ومقاعد الانتظار فيها، إلا أن الصورة لم تكتمل بعد رغم افتتاح المرحلة الأولى من التجديدات منذ عامين والتى تكلفت 170 مليون جنيه.
خطوات تفصل بين البوابات الرئيسية للمحطة حيث يقف بعض «الشيالين» وبين البهو الداخلى الذى تم تصميمه على شكل أزهار اللوتس وهرم زجاجى يتوسط المحطة، ولوحات إلكترونية تشير إلى مواعيد القطارات وأرقامها ومواعيد وصولها وتحركها، وبوابات إلكترونية وُضعت «حديثاً» للكشف عن الحقائب الداخلة قبل الوصول إلى أرصفة القطارات، حكايات كثيرة ترصدها عين المسافر ما بين السلبيات والإيجابيات عن الرحلة داخل المحطة، يبدأها محمد عامر وهو يحكى عن مشواره الأسبوعى من القاهرة إلى طنطا بحكم عمله فيقول: «أعتبر نفسى شاهداً على كل خطوات التجديد، فطبيعة عملى فى القاهرة فى أحد المصانع بعيداً عن أسرتى بطنطا جعلتنى أتابع كل التجديدات، بداية من مرورى على رمال وطوب وصولاً إلى رصيف القطار، إلى أن انتهى التجديد وبات الأمر مختلفاً، ولكن اعتراضى الأساسى لم يكن من قبل على شكل المحطة وإن كان دون المستوى من قبل، ولكنه بشكل أكبر على مواعيد القطارات التى لم تنضبط، حتى بعد انتهاء التجديدات، الأمر الذى لا يُحترم فيه الراكب ولا يتم إخباره بها ولا حتى على اللوحات الإلكترونية الجديدة».
تكرار تأخر القطارات لم تكن شكوى «عامر» وحده، بل هى أزمة تكررت أكثر من مرة مع نجوى أحمد التى وقفت تشاهد «ماكيت» المحطة فى انتظار موعد قطارها إلى بنى سويف، تحدثت ضاحكة وهى تتفقد القطارات الصغيرة عبر اللوح الزجاجى: «المسافرون لم يتركوا شيئاً فى حاله، حتى المنظر الجميل لشرح المحطة وما فيها وضعوا فيه صورهم الشخصية وشعارات سياسية، كل مرة بحب اتفرج على الماكيت ألاحظ فيه ورق أكتر وتذاكر مترو وغيره، المشكلة إن المنظر الحلو مش هيفضل إلا لو احنا قررنا نحافظ عليه، لكن من ناحية تانية القطارات نفسها محتاجة طفرة فى مواعيدها، والمشكلة إن كذا مرّة القطر يتأخر ومنبقاش فاهمين فيه إيه، ده غير إن المكان تنقصه اللافتات بشكل كبير، لازم أسأل على القطر كل مرّة عشان بيغيروا رقم رصيفه، ومش كل الأرصفة عليها أرقام، ومكتب الاستعلامات بيحسسنا بالملل من كتر أسئلة الناس ليه طب نعمل إيه، ده غير إن قطارات الصعيد كان أولى لها أن تجدد قبل تجديد المنظر العام للمحطة».
بطريقة كانت أقرب إلى السرد وقف حسين مصطفى، طبيب بشرى، على رصيف 4 فى انتظار قطار الإسكندرية يتحدث عن تاريخ محطة مصر التى شهدت أول خط سكك حديدية فى أفريقيا والتى انتظر تجديدها منذ عدة سنوات وقال: «المحطة دى حظها وحش، يمكن لأن تعاقب عليها أكثر من مسئول خاصة فى الفترة الأخيرة وقصة تجديدها، فمشروع التجديد تم طرحه فى عصر مبارك وتنفيذه كذلك، وتم الانتهاء منه بعد ثورة 25 يناير ليفتتح المرحلة الأولى له الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء آنذاك، ثم تستكمل تجديداتها الآن فى عهدين مختلفين، الإخوان والثورة، من جديد الآن، فى هذا الوقت انتظرنا ما سمعنا عن وجود مول عالمى فى المحطة ومطاعم فى الطابق الثانى وما إلى ذلك، وبالطبع ما زالت أغلب المحلات عبارة عن واجهات زجاجية لا صاحب لها، بل إن بعضها يتحول ليلاً إلى مكان موحش لعدم وجود أمن على البوابات الداخلية البعيدة عن الرئيسية، كنت أتمنى أن أرى المحطة عالمية بالفعل وفقاً لما سمعناه من أرقام خيالية كتكلفة تجديدها، ولكن يظهر أن الحلو ميكملش».
من الركاب إلى العاملين فى المحطة لم تختلف الشكاوى بشكل كبير، فكل منهم طمح فى تغيير كبير بعد انتهاء التجديدات، ولكن الأمر أصبح لديهم أصعب، فشكواهم كما قالها «ص. ن» محصل التذاكر: «كان نفسنا يكون لنا عائد مادى بعد تجديد المحطة إما من خلال تأجير المحلات فى المول أو بدل مخاطر لما نتعرض له بشكل دورى من قطع خط السكة الحديد أو تعدى المعتصمين أحياناً على القطارات، ولم تنفذ مطالبنا حتى الآن، بالإضافة إلى محاولتنا للانضباط فى مواعيد الوصول والسفر ولكن المسافر لا يراعى أن هناك محطات يتم تجديدها نضطر إلى تهدئة السرعة عندها، وهناك مزلقانات مازالت تتوقف عندها القطارات أحياناً خاصة بعد تكرار الحوادث فى الفترة الأخيرة».