«مايندسفير».. أحدث طفرة للتحكم الذكى فى المعدات عن بُعد
تصميم السيارات بنماذج المحاكاة الألمانية
«المحرك الذكى»، هكذا وصفته «سيسيليا كاراسكو»، رئيس قطاع التعاون الخارجى وتكنولوجيا المؤسسات بالشركة الألمانية «سيمنس»، أحدث طفرة ألمانية للتحكم الذكى فى المعدات عن بُعد، وتحدثت عن أهمية التحول الرقمى الذى يغير العالم، ويعد من العوامل الحاسمة التى تحدد مدى استمرار ونمو الشركات والمؤسسات بغض النظر عن القطاع سواء كان صناعياً أو بنية تحتية أو طاقة أو أى قطاع اقتصادى.
ويعمل المحرك الذكى، كما ذكرت «كاراسكو» على الاتصال بقاعدة بيانات حاسوبية للتعرف على درجات الحرارة والسرعات المختلفة، والتواصل مع مهندس التشغيل بشكل آلى فى حال مواجهة أى أعطال داخل أى محرك، وهو تكنولوجيا جعلت التحكم الذكى بالمعدات أكبر بكثير من ذى قبل.
«مايندسفير»، هو اسم أحدث تكنولوجيا ألمانية المعتمدة على ما يسمى بـ«إنترنت الأشياء» الذى يضفى صفة «الذكاء» على الأجهزة والأشياء حولنا، من خلال تطوير وتشغيل وتوفير التطبيقات، والخدمات الرقمية المتنوعة، التى يمكنها جمع وتحليل كم هائل من البيانات التى تنتجها الشركة أو المصنع بما يسهم بشكل فعال فى تحسين العمليات التشغيلية بتكلفة أقل وفى وقت أسرع، ويسهل عمليات اتخاذ القرار.
تطبيقاته تشمل حركة المرور وقيادة القطارات وحجز تذاكر المباريات
ولفتت «كاراسكو» إلى أن هذه التكنولوجيا ساهمت فى تصميم سيارة كاملة من خلال برامج المحاكاة الحاسوبية خلال 16 شهراً، وتسهل على مصانع السيارات الكثير من الوقت والتكلفة، بل ساهمت التكنولوجيا الألمانية فى وضع حلول تنافسية للعديد من الدول، أبرزها إسبانيا، بتصميم قطار ذكى لنقل الركاب من مدريد بدلاً من الاعتماد على الطائرات، وبعد إنشاء القطار بالتكنولوجيا الألمانية استطاع جذب 60% من ركاب الطائرات إلى استخدام القطار، بما يوفره من دقة فى الوصول والمغادرة، وتكلفة أقل، بخاصة أن القطار يعتمد على نظام آلى لتحليل البيانات والتعامل مع المشكلات المختلفة، والتواصل مع الركاب بطرق ذكية تمكنهم من استعادة ثمن التذكرة فى حال تأخر القطار لمدة دقيقة.
كيف تتصل الآلات فيما بينها؟ أجاب الدكتور «ديتير فيجينر»، رئيس قطاع التعاون الخارجى بشركة سيمنس، بأن تكنولوجيا «مايندكونيكت» الألمانية، توفر العديد من الطرق التى تضمن سهولة الاتصال والربط الآمن للنظم والآلات والمصانع بنظام التشغيل الذكى «مايندسفير»، فمن خلال «نانو مايندكونكيت» يمكن قراءة البيانات التى تصدر عن الآلات المختلفة، وإرسالها بعد استخدام نظام شفرة آمن لنظام التشغيل الرئيسى بصورة متكررة بعد ساعة واحدة من بدء تشغيل النظام، وأضاف «فيجينر»، لـ«الوطن» أن نظام تشغيل «مايندسفير» لا يساعد فقط على تحسين استخدام الطاقة والموارد المتاحة بل يمكنه تصميم وتطبيق نماذج أعمال جديدة، مثل إتاحة حساب تكلفة الساعة التشغيلية للماكينات، للوصول لدقة كاملة فى حساب النفقات، وتحديد كيفية ترشيدها فيما بعد، والتعرف على كفاءة تشغيل المعدات للعمل على رفعها أو زيادة مستوى الإنتاجية، فمثلاً يمكن زيادة إنتاجية محطات الرياح بالتحكم الآلى فى ريش المحطة لزيادة سرعاتها بما يتلاءم مع سرعة الرياح بالمنطقة، وتغيير اتجاهاتها بما يزيد الإنتاجية بنحو 3%. «مليار يورو سنوياً»، إجمالى ما تنفقه الشركة الألمانية على الأبحاث العلمية والتطوير، التى توصلت إلى 7500 براءة اختراع، يمكن تطبيق 3500 براءة بالسوق التجارية لنحو 400 مبتكر فقط فى مجال دمج التكنولوجيا، بالتعاون مع 9 جامعات عالمية، وما يقرب من 1600 موظف داخل الشركة متخصصين فى العمل على الأبحاث، و4800 من مطورى برامج الحاسب الآلى، بميزانية خُصصت لعمليات تطوير البرمجة وصلت إلى أكثر من 3 مليارات يورو.
«نتعلم من الهاكرز»، قالها «فيجينر»، لتوضيح أهمية وجود نظام محكم لأمان تداول البيانات داخل النظم الذكية، بما يشكل حائط صد أمام أى محاولات لاختراق الأنظمة البيانية أو التحكم بها.
وأعلن «سيبستاين وولف»، مسئول التسويق بالشركة الألمانية، توقيع سنغافورة منذ أيام على تعاقد لتطبيق التكنولوجيا الألمانية فى التحكم الذكى بالأشياء «مايندسفير»، وهو أحد أمثلة نقل المعرفة باستخدام التكنولوجيا للآخرين، فمثلاً يمكن لهذه التكنولوجيا أن تحجز تذاكر مشاهدة مباراة الكرة المفضلة، وإرسال بيانات بأفضل وسيلة مواصلات للانتقال لمكان المباراة، وفى حال تعطل إحدى الوسائل تقترح الأقرب، كما يمكنها التحكم فى خروج الجماهير من المباراة، بالسماح للجماهير التى جاءت بسياراتها الخاصة بالخروج أولاً ثم الآخرين الذين جاءوا بالمواصلات العامة أو مترو الأنفاق بالخروج.
«بنية تحتية أوتوماتيكية للقطارات»، هكذا وصفت «لينا كريزكو»، مهندس بمصنع إنتاج عربات القطارات الألمانى، كيفية استخدام نظام «مايندسفير» فى تصنيع وتشغيل عربات القطار أو السكة الحديد بتكنولوجيا ألمانية يمكنها البدء بتصميم بنية تحتية تعتمد على نظم ذكية خلال 5 سنوات، بعدها يمكن البدء فى تشغيل نظام القطارات الذكية، التى تتصل فيما بينها من خلال مراكز تحكم تراقب عمليات التشغيل والأعطال الفنية للقطارات على مدار الساعة وتنبه سائق القطار، ومسئول المراقبة فى مركز التحكم آلياً، وأضافت «لينا» لـ«الوطن» أن مصر يمكنها البدء فى إنشاء هذه البنية التحتية الآن للحصول عليها خلال 5 سنوات، لافتة إلى أن هذه النظم يمكنها تحديد أماكن الأعطال آلياً، لتتوجه بعدها فرق الصيانة الفنية لمكان العطل والتعامل معه دون استنفاد وقت فى توقف القطارات، بل تمتلك النظم الذكية إمكانية تحديد نوع الصيانة التى يحتاجها القطار، والتنبؤ بوقوع أعطال قبل حدوثها، ما يجعل الفرق الفنية لديها وقت لمعالجة المشكلات دون أن يتوقف القطار لدقيقة واحدة بين الرحلات، وهو ما يسمى بالإدارة الذكية للقطارات. داخل حجرة صغيرة، يجلس 7 أشخاص أمام أجهزة حاسوبية بجوارها هاتف أرضى لتلقى اتصالات واستفسارات مختلفة من 16 دولة حول العالم بدأت تطبيق التكنولوجيا الألمانية لتسيير قطاراتها، وذلك بتقديم الدعم الفنى المناسب، وتحليل البيانات المختلفة التى تأتى من القطارات مثل درجات الحرارة وسرعة القطار، ويتدخل موظف الدعم الفنى فى غرفة التحكم لتحديدها بمجرد ملاحظة زيادتها عن المعدلات الطبيعية، بطلب تقليل السرعة من القائد الذى يظهر أمامه على لوحة التحكم الرئيسية للقطار، نداء بتقليل السرعة مرسل من مركز التحكم الذكى على هيئة رسالة نصية أو اتصال هاتفى.
«مشكلة بنظام التهوية الرئيسى بالقطار»، هكذا تذكر الدكتور «هيلجا أوديرهيد»، مهندس معلومات بالمركز الألمانى لتحليل البيانات للقطارات، آخر حالة طوارئ قابلها منذ أيام تتمثل فى تعطل نظام التهوية، وهى من الأعطال الفنية الشائعة بالقطارات، بجانب ضعف ضخ المياه فى المراحيض داخل القطار، لافتاً إلى مجموعة من البيانات التى يتلقاها حاسوبه يومياً، من خلال برامج ذكية يمكنها فلترة البيانات واختيار المهم لإظهاره على الشاشة مثل الحالات الطارئة لتحديد فرق الدعم الفنى التى عليها التوجه للقطار، مثل ارتفاع درجات حرارة المحرك، الذى يمكن أن يتسبب فى توقف القطار.
وأضاف مهندس المعلومات أن إخصائيى البيانات فى مراكز الخدمات يعمدون لتحليل ما يقرب من مليار «نقطة بيانات» تأتى من جميع عربات السكك الحديدية سنوياً فى 16 دولة حول العالم، التى تأتى ليس فقط من عربة القطار بل البيانات التى يقدمها سائقو القطارات، للوصول لنظام قادر على التنبؤ تلقائياً حين تكون القطارات معرضة لأخطار محددة أو بحاجة لصيانة ضرورية، وهو ما يحدث حالياً مع القطارات فائقة السرعة فى روسيا وإسبانيا وبريطانيا، وساهمت خدمة الصيانة الوقائية فى توفير القطارات دون تعطل بنسبة تزيد على 99%.
وأجرت «الوطن» جولة داخل واحد من أقدم المصانع الألمانية ويعود إنشاؤه لعام 1930، لتصنيع عربات القطار بإنتاجية تصل إلى 150 عربة سنوياً، ولفت «أوى جووس»، رئيس المشروعات بالمصنع الألمانى لعربات القطار، إلى استخدام العديد من التكنولوجيا فى التصنيع بدءاً باستخدام الروبوت لتجميع بعض المكونات، التى تذهب لورش عمل يدوية لتثبيت وتجميع مكونات أخرى، أبرزها الكابلات الموجودة بالقطار التى تتألف من 60 نوعاً مختلفاً بطول 350 كيلومتراً ويبدأ العامل فى تجميعها فى قنوات مخصصة باستخدام الكمبيوتر وأشعة الليزر التى تسهل فى تحديد أماكن الكابلات المختلفة، مروراً بمرحلة طلاء عربة القطار التى تحدث على ثلاث مراحل، لتنتهى بمراحل اختبار العربات التى تزن الواحدة 85 طناً من المفترض أنها تسير بسرعة 200 كيلومتر فى الساعة، ولفت «جووس»، لـ«الوطن» إلى أن المصنع بدأ فى إعادة ترتيب ورش العمل منذ أيام بما يساهم فى زيادة الإنتاجية إلى 200 عربة سنوياً، موضحاً أن المرحلة الأخيرة ما قبل تسلم القطار، يعمد المصنع لتشغيل العربة وقيادتها للتأكد من كفاءة عملها خلال فترة تصل إلى 3 أسابيع من الاختبارات، بعد مرور ما يصل إلى 25 شهراً على تصنيع العربة بالكامل.
«نرغب فى تشكيل خارطة التحول الرقمى فى العالم»، قال «ديتمار زيرسدورفر»، الرئيس التنفيذى بشركة «سيمنس» لمنطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى السعى الدائم لتحقيق نمو سنوى فى قطاعات البرمجيات والخدمات الرقمية حتى عام 2020، ما أدى لتخطى حجم متوسط معدل النمو فى قطاع البرمجيات داخل الشركة معدل النمو العالمى الذى يبلغ 8%، بتحقيق ما يعادل 12% نمواً سنوياً.