قمة «البريكس» بالصين تنطلق اليوم تحت شعار «مستقبل أكثر إشراقاً»
صورة أرشيفية
تبدأ زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى المرتقبة للصين، اليوم وتستمر حتى 5 سبتمبر الحالى، تلبية لدعوة وجهها له الرئيس الصينى شى جين بينج، لحضور قمة مجموعة «البريكس» تحت عنوان «شراكة أقوى من أجل مستقبل أكثر إشراقاً»، التى ستعقد بمدينة «شيامن» الصينية، لتعكس المدى الذى وصلت إليه العلاقات الاستراتيجية بين مصر والصين خلال الأعوام القليلة الماضية من رسوخ وتميز لم يصلا إليه من قبل على مدار أكثر من 60 عاماً من علاقات الصداقة والدعم المتبادل. كما تعد هذه الدعوة أيضاً اعترافاً بأهمية الإصلاحات التى يشهدها الاقتصاد المصرى، وبالخطوات الإيجابية التى تحققت فى مختلف محاوره، خصوصاً جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر.
وأشار تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات بمناسبة زيارة الرئيس «السيسى» للصين، أمس، إلى أن «العلاقات السياسية بين مصر والصين قد مرت بالعديد من المراحل طيلة العقود الستة الماضية، حيث كانت حقبة التسعينات من القرن العشرين فترة بالغة الأهمية فى العلاقات المصرية - الصينية، حيث تميزت بكثافة التبادلات على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، وزادت حركة السفر والسياحة بين البلدين وصولاً إلى إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية عام 1999».
تقرير لـ«الاستعلامات»: مشاركة «السيسى» تعكس تميز العلاقات الاستراتيجية بين «القاهرة وبكين».. و«قابيل»: الصين الـ21 بين الدول الأجنبية المستثمرة فى مصر
وأضاف التقرير أنه «بحلول القرن الحادى والعشرين دخلت العلاقات المصرية - الصينية مرحلة جديدة ترتكز على التعاون والشراكة الاستراتيجية، فما حدث عام 1999 من توقيع اتفاق التعاون الاستراتيجى بين البلدين كان علامة فارقة فى علاقات البلدين التى اتخذت أبعاداً جديدة، سياسية واقتصادية وبرلمانية وثقافية وسياحية وشعبية وحزبية، فقد بات التفاهم والتنسيق السياسى بينهما شاملاً. وتجسد هذا فى اللقاءات والزيارات المتعددة لكبار المسئولين، إضافة إلى اللقاء السنوى الدورى لوزيرى خارجية البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفى المحافل الدولية الأخرى، حيث تم تكثيف التعاون والتنسيق الدائم بين البلدين بعد إقامة منتدى التعاون الصينى - الأفريقى (FOCAC) الذى يمثل الإطار الرئيسى للتشاور والحوار بين الصين والقارة الأفريقية فى عام 2000».
ولفت التقرير إلى أنه خلال مرحلة التحول السياسى التى شهدتها مصر منذ عام 2011، أكدت الصين احترامها لإرادة الشعب المصرى ورفضها أى تدخل خارجى فى الشئون الداخلية لمصر. وفى الخامس من يونيو عام 2014 هنأ الرئيس الصينى شى جين بينج، الرئيس عبدالفتاح السيسى بمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية، معرباً عن رغبته فى تطوير العلاقات بين الدولتين فى مختلف المجالات. وفى 9 يونيو 2014 التقى الرئيس السيسى فى القاهرة مع المبعوث الخاص للرئيس الصينى شى جين بينج، وزير الصناعة والمعلوماتية الصينى «مياو وى»، الذى مثّل الرئيس الصينى فى مراسم تنصيب الرئيس السيسى. وأوضح تقرير «الاستعلامات» أنه فى 2 أغسطس 2014 عُقدت أول جولة للحوار الاستراتيجى بين مصر والصين، وفى 17 سبتمبر 2014 شكلت مصر لجنة وزارية تسمى «وحدة الصين» لتعزيز ومتابعة العلاقات بين البلدين. وفى 22 نوفمبر 2014 اتفق البلدان خلال زيارة المبعوث الخاص للرئيس الصينى «منج جيان تشو» على تعزيز التعاون الاستراتيجى بينهما والارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بما يتناسب مع امتدادها على مدار 60 عاماً.
ارتفاع حجم التبادل التجارى بين البلدين من 12.2 مليون دولار عام 1954 إلى 11 ملياراً.. و«القاهرة» تتجه لتعزيز علاقاتها مع القوى الكبرى فى العالم
فى السياق ذاته، وحسب التقرير «رحبت الصين فى 20 يناير 2014، على لسان المتحدث باسم الخارجية الصينية، بموافقة الشعب المصرى على الدستور المصرى الجديد كخطوة مهمة وإيجابية ضمن عملية الانتقال السياسى فى مصر، كما عبرت بكين عن أملها فى أن تواصل مصر التقدم فى عملية الانتقال السياسى الشامل طبقاً لخارطة الطريق التى أُعلنت فى 3 يوليو عقب ثورة 30 يونيو 2013 بطريقة منظمة، وأن تحقق الاستقرار الوطنى والتنمية فى أسرع وقت ممكن. وأعربت الصين فى أكثر من مناسبة عن رفضها للعنف والأعمال الإرهابية التى تعرضت لها مصر أفراداً ومنشآت حكومية وخاصة، مؤكدة إدانتها الكاملة للعنف الإرهابى ضد المدنيين وقوات الشرطة والجيش».
وعلى الصعيد الاقتصادى، ذكر تقرير الهيئة أن «الصين هى أكبر شريك تجارى لمصر، كما تعتبر مصر ثالث أكبر شريك تجارى للصين فى أفريقيا، حيث ارتفع حجم التبادل التجارى بين البلدين من 12.2 مليون دولار عام 1954 إلى 452 مليون دولار عام 1995، ثم إلى أكثر من 10 مليارات دولار عام 2013، أى إنه تضاعف نحو ألف مرة خلال الستين عاماً الماضية. وفى عام 2016 بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين 11 مليار دولار». وبالنسبة للتجارة السلعية، بلغت صادرات مصر للصين 488 مليون دولار عام (2013-2014)، وجاءت الصين فى المركز العاشر بين أهم الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية. وتتركز صادرات مصر للصين فى مواد البناء والكيماويات والأسمدة والجلود. وفى المقابل بلغت واردات مصر من الصين خلال نفس الفترة 4986 مليون دولار، وتعد الصين ثالث أكبر مورد للسلع إلى مصر، ويبلغ العجز فى الميزان التجارى بين البلدين 4498 مليون دولار لصالح الصين.
ونوه التقرير بأنه مع اتجاه مصر نحو تحديث اقتصادها وتعزيز علاقاتها الخارجية مع مختلف القوى الكبرى فى العالم، وإعلان الصين فى عام 2013 عن مبادرة «الحزام الاقتصادى لطريق الحرير»، وقيام مصر فى أغسطس 2014 بتدشين مشروع تنمية محور قناة السويس، فإن هناك آفاقاً واعدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، لا سيما أن هناك ارتباطاً بين المشروعين، فقناة السويس هى الجسر الذى يربط بين طريقى الحرير البرى والبحرى بكل من أوروبا وأفريقيا وصولاً إلى الأمريكتين. وتحرص الصين على توجيه جزء من استثماراتها الخارجية إلى مصر، حيث بلغ إجمالى قيمة الاستثمارات الصينية فى مصر خلال الفترة من 1970-2014 نحو 472 مليون دولار، فى 1191 مشروعاً مشتركاً يتركز معظمها فى المشروعات الصناعية بنسبة 55%، تليها المشروعات الإنشائية بنسبة 20%، ثم الخدمية بنسبة 19%.
ووفق تصريح طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، فى مايو 2017 «تأتى الصين فى المرتبة الـ21 فى قائمة الدول الأجنبية المستثمرة فى مصر بإجمالى استثمارات تبلغ نحو 600 مليون دولار فى نحو 1320 مشروعاً، وتتركز الاستثمارات الصينية فى مصر فى القطاع الصناعى وتكنولوجيا المعلومات وإقامة المناطق الاقتصادية».
ويعمل الجانبان حالياً على تشجيع وزيادة الاستثمارات الصينية فى مصر، خاصة فى المنطقة الاقتصادية الخاصة بشمال غرب السويس وتطوير جنوب مصر ومنطقة البحر الأحمر، وكذلك توسيع أنشطة الشركات الصينية العاملة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاستعانة بالخبرة الصينية لإنشاء قرية تكنولوجية على غرار المنطقة التكنولوجية فى بكين. كما شاركت الصين فى مؤتمر دعم الاقتصاد المصرى الذى عُقد بمدينة شرم الشيخ فى مارس 2015، من خلال الشركات الصينية المشاركة فى المؤتمر بتوقيع عدة عقود فى مجال الكهرباء باستثمارات إجمالية 1.8 مليار دولار لتطوير الشبكة القومية للكهرباء وإنشاء محطات محولات.